بلغت ديون المؤسّسات الاستشفائية للصّحة العمومية إلى موفّى السنة الماضية 130مليون دينار مثقّلة كاهل موازناتها الداخلية. وعلى بداهة الإرباك الذي يمكن أن يحدثه هذا الشرخ في جسم ميزانيات تصرّف المستشفيات فإنّ تهديدها الأبرز يستهدف التوازنات المالية للصيدلية المركزية المزود الاستراتيجي بالأدوية لعموم المؤسّسات الصحية, على اعتبار أن تراكم حجم التداين يعود إلى التزود بكميات هامة من الأدوية دون تسديد مقابلها ما من شأنه التأثير على الوضع المالي للمزوّد الرّئيسي إن لم تبرز تداعياته السلبية على المدى القريب الآني فلا مناص من تحمّل إرباكاتها مستقبلا على المستويين المتوسّط والبعيد. وفي اتصال بالرّئيس المدير العام للصيدلية المركزية التونسية للتعرف على تداعيات هذه الديون على عملية التزويد بالأدوية وعلى موازنة المؤسسة عموما والآليات الكفيلة بحثّ الهياكل الاستشفائية على تسديد ما بذمّتها أفاد جمال الشريقي أنّ الملف محل متابعة من قبل سلطة الإشراف ومن مختلف الأطراف المعنية حتى يتسنّى للمؤسسات الصحية خلاص ديونها ولو بصفة جزئية بما يوفر للصيدلية المركزية السيولة اللازمة لمجابهة شراءاتها القادمة والتزاماتها مع مزوديها . وحول مدى حدة الضغوطات الآنية المسلّطة على موازنات مركزية شراء الأدوية جرّاء تراكمات التداين الاستشفائي, قلّل الشريقي من تأثيراتها المباشرة راهنا لكنه حذّر من تداعياتها على المدى المتوسّط . مؤكّدا أهمية استشراف القادم والتحسّب له منذ اليوم عبر ضمان نجاعة التعاطي مع مختلف الوضعيات المحتملة في الإبان وبآليات محدّدة بما يضمن استدامة هذا النشاط الحيويّ وانتظام تزويد السوق المحلية بالأدوية دون اضطرابات. إلى جانب هذه الخطوة الأولى والأساسية التي يتعيّن على مسيري المؤسّسات العمومية للصّحة اتخاذها والمبادرة بخلاص قسط من الديون شدد ذات المصدر على أن المرحلة الثانية من فتح ملف هذه الديون يتعلّق بتشريك مختلف الأطراف المعنيّة بالشأن الصحي من صندوق التأمين على المرض ومهنيي الصحة... في دراسة مختلف جوانب الملف مع مراعاة الكلفة الحقيقية والمتصاعدة للعلاج في خضمّ الارتفاع المطّرد لأسعار الأدوية بالسوق العالمية. وتتوّج دراسة الملف في نظر محدّثنا بطرح المشغل بصفة أعمق و أكثر شمولية وذلك بتناول المنظومة العلاجية ككل واقتراح خريطة طريق واضحة المعالم تضمن تدارك الإشكاليات القائمة . وباستفسار ر م ع الصيدلية المركزية عن تبعات وضعية مديونية القطاع الصحي العمومي على المرضى وتداعياته على نوعية الخدمات العلاجية المسداة وحقّ المواطن في الحصول على الدّواء أنكر كليا مثل هذا الاستنتاج واعتبر أنّ "تأمين الخدمة العلاجية للمواطن مسألة بديهية لا نقاش فيها وتوفير الدّواء مسؤولية الإدارة ولا يجب أن يتحمّل المريض تبعات أيّ وضع قد يطرأ في التعامل بين مؤسسات الصحة ".