وصل معرض « العروسة « إلى العاصمة منذ يوم الثّلاثاء 20 جويلية الجاري ويعتبر الأمر حدثا لأنّ المعرض لا يمكن أن ندرجه في خانة المألوف سواء من حيث الشّكل أو المضمون وأيضا الأهداف. الفكرة في حدّ ذاتها طريفة وقد مرّت بعدد من المحطّات في انتظار أن يتحقّق الحلم الكبير الذّي يضعه أصحاب المشروع نصب أعينهم منذ البدء. وللتّذكير فإنّ معرض العروسة يجمع أعمالا فنيّة جاءت نتيجة لقاء غير عادّي جمع بين نساء سجنان الخبيرات في فنّ الطين وصاحبات الأصابع الماهرة وبين فنانات تشكيليات من تونس ومن البينين ومن فرنسا. تم اللّقاء ببادرة من الثّنائي «سلمى وسفيان ويسي «أصحاب مشروع» دريم سيتي «بالعاصمة أمّا عن تأثر أصحاب المشروع والفنّانات التشكيليّات المشاركات في العملية بالخصوص فلا تسل. كان الإنطباع أكبر من أن يوصف ذلك أن الفنانات وهنّ اللّواتي تعلّمن الفنّ في المدارس والجامعات وقعن في سحر فنّانات تعملن بالسليقة, فنّانات عصاميات وأكثر حتى من ذلك فهن تقمن بالعمل بشكل عفوي دون أن تتوقفن أمام مسألة إن كن تقدمن فنّا أم عملا تلتقطن منه قوتهن لكن الأهم من كل ذلك أنه تربط بينهنّ وبين الطبيعة علاقة حميميّة جعلت التّراب وطين الأرض مطواعا بين أصابعهنّ.
نساء سجنان يبادرن بالضيافة
نساء سجنان برهنّ عن كرم كبير ذلك أنّهن بادرن باستضافة الجمهور على أرضهن بسجنان بالشمال التونسي حيث الطبيعة هناك تجود بالجمال بسخاء كبير وأقبل الجمهور وكلّه فضول من عدة مناطق من تونس لاكتشاف عملهنّ على الميدان. وإذا بالجميع يعيشون لحظة استثنائية كان شعارها التلقائية والصدق. يوم 18 جوان انتقلت القوافل إلى سجنان وهناك رفع الستار أمام كنوز فنية اشتغل فريق العروسة أشهر من أجل تهيئتها للجمهور. هناك اطلع الجمهور على عرائس الطين التي تشتهر بها سجنان والتي بلغ صيتها إلى أوروبا ولكن للأسف فإن نساء سجنان لم تكن لتتوفرن حتى على الحد الأدنى من الدخل المادي لتأمين قوتهنّ وقوت العائلة. لكن الرحلة لم تكن فقط من أجل غسل العيون في بحر من الإبداعات الفنية فحسب وإنّما كذلك للإطلاع على تفاصيل مشروع يحتل فيه الجانب الإنساني قيمة كبيرة إن لم نقل جوهرية. لم يكن همّ سلمى وسفيان ويسي عندما أقاما المشروع التركيز فقط على عرائس الطين وإنما الإنطلاق من ذلك من أجل توعية الناس بأنه يمكن لنساء سجنان أن يكسبن الذهب بأصابعهن وأن يخرجن من ضيق ذات اليد دون أن تغادرن موطنهنّ ودون أن تغيرن عملهن. كانت قد تكونت ورشات للعمل بسجنان ضمت نساء سجنان ( أكثر من ستّين امرأة ) والفنّانات التشكيليات وتمّ تقاسم العمل ذلك أن النساء اللواتي لم تشتغلن بالطين انشغلن بالأطفال وإعداد الأكل وأباريق الشاي وكان نسق العمل مرتفعا جدا. حوالي ثمان ساعات من العمل يوميا تكونت فيها علاقات صداقة وتبادل متينة بين أبناء الدار والضيوف. فكرة المشروع انطلقت بمجرّد ملاحظة. لاحظ أصحاب مشروع «دريم سيتي» الباحثين دائما عن فكرة خارج المألوف أن عروسة سجنان تباع في الخارج بأثمان عالية لا تنال منها صاحباتها إلاّ القليل القليل. ملاحظة نتج عنها إقامة المشروع المذكور الذي سرعان ما وجد الدعم من عدد من الأطراف من بينها الممثلية الأوروبية بتونس والمعهد الفرنسي للتعاون أما الحلم الذي يأمل كل من شارك في المشروع أو انتقل يوم 18 جوان إلى سجنان في أن يتحقق قريبا فهو يتمثل في بعث تعاونيّة بسجنان تأخذ المشعل عن جماعة « دريم سيتي « وتتولّى تأمين مورد رزق قارّ لنساء سجنان. معرض العروسة الذّي استمدّ اسمه من حرفية نساء سجنان وصل إلى العاصمة منذ 20 جويلية ويتواصل مفتوحا بدار باش حامبة, نهج باش حامبة بسوق البلاط بالمدينة العتيقة أمام الجمهور إلى غاية 30 سبتمبر القادم في انتظار مواصلة الرحلة في عدد من مناطق البلاد من بينها مبدئيا سوسة وصفاقس وغيرها. المعرض لا يقتصر على عرائس الطين وإنما يضم عدة أشكال فنية من وحي اللقاء المذكور أما العنوان الكبير للمعرض فهو «من أجل صالون لعرض جمال الحضارات».