قطعة الحلوى أو عروس السكر التي على بساطة مكوناتها فهي تحمل رموزا واشكالا عديدة ترسم بهجة الطفل وتثير العالم في البحث عن قصة هذه العروس التي استطاعت أن تجوب العالم بأسره دون جواز سفر واليوم في نابل هي أصل مهرجان عروس السكر في دورته الخامسة . الاعلان واكبت المهرجان لتنقل لكم صدى عروس السكر في ولاية نابل في سيدي علي عزوز وفي قلب المدينة العتيقة ،ورشات ومسابقات ومداخلات علمية والإطار هو مهرجان عرائس السكر بنابل والذي فتح الأبواب على مصراعيها لكل الفئات العمرية ولكل الشرائح الاجتماعية ولكل المستويات العلمية. فشارك الطفل والشاب والكهل والمسن واستفاد التلميذ والطالب والحرفي والباحث من كم المعلومات الهامة التي تم تقديمها في المداخلات وأيضا مما سمحت به الورشات من فرص للتدرب على تقنيات جديدة في قولبة عروس السكر.وتظل أهمية المهرجان كامنة في صيانة التراث وغرس ثقافة المحافظة على التقاليد التي تصنع تفرد كل جهة وهو بالفعل ما يحرص عليه رئيس جمعية صيانة مدينة نابل السيد فؤاد دغفوس والهيئة العاملة معه من خلال الاهتمام بظاهرة عروس السكر كظاهرة اجتماعية وثقافية واحياء مثل هذه العادات الطريفة التي انطلقت في تونس العاصمة والوطن القبلي ثم انحصرت في ولاية نابل. وتجدر الاشارة أن من أهداف الجمعية منذ جلستها التأسيسية الاولى سنة 1995 هو المساهمة في تنشيط وتشجيع الدراسات والبحوث للحفاظ على الابعاد الحضارية والتاريخية والثقافية للمدينة. عروس السكر ظاهرة عالمية هذه العروس التي تهدى للأطفال بمناسبة الاحتفال برأس السنة الهجرية ليست مجرد حلوى لذيذة وشكل جميل - خاصة وأن «النابلي» يبرع دائما في ابتكار أشكال جديدة وانما هي ظاهرة تدارسها العلماء في كافة أرجاء العالم لارتباطها تقريبا بكل الديانات فهي عادة يشترك فيها التونسي والمصري والمغربي والتركي والروسي والروماني والأمريكي... ومازال العلماء إلى يومنا هذا يبحثون عن جذور عروس السكر. ويؤكد الباحثون أن ظاهرة عروس السكر تعود الى عهد الفراعنة. فقد كان الفراعنة يقدمون القرابين الى موتاهم وكانت عروس السكر تقدم قربانا بل ويذهب البعض من العلماء انها تمتد الى ماقبل التاريخ.. والمهم انها ظاهرة انسانية موجودة مع وجود الانسان على اختلاف استعمالاتها. والمؤكد حسب الباحث التونسي عبد الستار عمامو والباحث المصري محمد عبد الهادي ومحمد أحمد اللذين قدما مداخلتين في مهرجان عرائس السكر اهتمتا بخصائص عرائس السكر في كل من مصر وتونس ان الخلافة الفاطمية هي التي نقلت الظاهرة من تونس الى مصر. وكان الفاطميون يخصصون أكثر من عشرين قنطارا من السكر ويكلفون مسؤولا من الحكومة يشرف على صناعة السكر. لقد تفرد كل بلد في طريقة صنع عروسة السكر وتقديمها. ففي مصر لا تلون عروس السكر وانما يتم تزيينها بالاوراق الملونة حتى تكون صالحة للأكل. في تونس وبالتحديد في نابل هي صالحة أيضا للأكل لانها تلون بألوان طبيعية نباتية أو حيوانية وقد قدم خلال المهرجان الاستاذ الناصر عيّاد مداخلة فسر فيها طريقة استخراج هذه الالوان. يعود انتشار عروس السكر في مصر الى ما يناهز عشرة قرون وارتبطت بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف على عكس نابل التي تحتفي بعروس السكر بمناسبة رأس السنة الهجرية. ومن عادات المصريين تقديم هذه العروس للعروسة ليلة الزواج أو بعد أسبوع من زواجها. ويقدم النابلي العروس للطفل في مثرد والمثرد هو عبارة عن صحن مملوء بجميع أنواع الحلوى والفاكهة وتوضع فوقه العروس. وتتفق نابل وسيسيليا في تقديم عرائس السكر للاطفال غير ان الاغراض مختلفة فان كانت نابل تربط الهدية بالفرح فان في سيسيليا ترتبط بذكرى الاموات في 2 نوفمبر. في المغرب يصنعون عروس السكر دون ساق أو يد أو أصابع المهم أن تكون غير مكتملة حتى لا تبعث فيها الحياة اذ يتصور المغربي انه اذا صنع عروسا بكامل أجزاءها ثم أكلها فانه يوم القيامة سوف تنتقم منه «روح» العروس. تنشيط السوق تطور الاهتمام بعروسة السكر والاقبال عليهمدن مجاورة مثل دار شعبان الفهري ،بني خيار ،قربة والحمامات وهو ما أثر إيجابا على الحركية الاقتصادية وهو ما أبرزه التجار .فلا شك في ازدياد عدد الحرفاء كما بينت ذلك التاجرة أحلام عبد الخالق ويشاطرها الرأي محمد. فالصدى الطيب للمهرجان أحدث تنويعا على مستوى الحرفاء فمن تونس بجميع ولاياتها الى السائحين قدم الحرفاء من أجل عروسة السكر ومن أجل المهرجان الذي تحول الى عادة هامة جلبت لها كل الانظار وحمست الاطفال للتمسك بتقاليد العائلة النابلية خاصة وأن المهرجان خصص للاطفال ورشات في زخرفة عرائس السكر. مسابقات يفتح المهرجان في كل دورة مسابقة للحرفيين ومسابقة لطلبة معاهد الفنون الجميلة والهواة وتحرص الجمعية خلال المهرجان على تشجيع المشاركين على ابتكار التماثيل والنماذج حسب شروط وتراتيب مسبقة وتشرف على هذه المسابقة لجنة من أهل الاختصاص.وتم تسليم الجوائز في اختتام التظاهرة بحضور السيد محمد الأمين العابد والي نابل والذي نوه بالاشعاع الدولي الكبير لهذه التظاهرة . والطريف في المهرجان هو أن المسابقات مثلت فرصة لطلبة المعهد العالي للفنون والحرف بسليانة للإطلاع على تقنية جديدة والمتمثلة في استعمال السكر عوض الطين وهو ما بينه طالب سنة ثالثة مصوغ عمر مبروكي والمتحصل على الجائزة الثانية مضيفا أن مثل هذه المهرجانات مهمة لمزيد الانفتاح على الجهة والتمرس والمهرجان هو «فضاء للتعلم والامتداد مع الفضاء الدراسي.» ويتفق معه في ذلك الطالبان سهيل الكريفي وخليل عمر اللذان تحصلا على الجائزة الثالثة في المهرجان من خلال تقديم شكل المرأة الافريقية من مادة السكر. أما أمينة الوشتاتي صاحبة الجائزة الأولى فقد أكدت انها في العطلة الصيفية ستعمل على استخراج عديد الاشكال من مادة السكر. ونظرا لطرافة ظاهرة عروس السكر وأهميتها فإن المشاركين في مهرجان عروس السكر بنابل في دورته الخامسة أكدوا على ضرورة العمل على اصدار وثيقة علمية تؤصل لهذا التقليد العربي وهو ما أكد عليه السيد محمد عبد الهادي محمد أحمد من مصر الذي نوه بدور الجمعية في صيانة المعالم الاثرية وذلك بايجاد وظيفة للمكان التراثي الذي تقوم به حتى يتمكن من الحفاظ عليه واحياءه ف«مجرد الحديث عن عرائس السكر هي فكرة رائعة رائعة جدا» على حد عباراته. وهو ما يتفق مع الهيئة المديرة للمهرجان برئاسة السيد صلاح الدين الباهي