تونس الصباح: يمثل الزيتون في تونس، ابرز انواع الانتاج الفلاحي على اساس عدد اصوله التي تغطي اوسع المساحات الفلاحية المنتجة في البلاد لهذه المادة، وذلك في النسبة الاوسع من مناطق الساحل والوسط والجنوب التونسي، علاوة على المساحات الهامة التي باتت تحتلها شجرة الزيتون في الشمال. كما يحتل زيت الزيتون المرتبة الاولى في الانتاج الفلاحي التونسي نظرا لعائداته من ناحية ولليد العاملة من فلاحين وعمال التي تهتم بهذا القطاع. ولعل الحركية التي تصاحب موسم جني الزيتون وتحويله واليد العاملة التي تنخرط في نشاط الموسم وكذلك المدة التي يستغرقها جني الصابة وتحويلها اكبر دليل على اهمية قطاع الزيتون وتشغيليته. وكذلك الموارد الهامة التي تتأتي منه للفلاح والعامل وصاحب المعصرة والدولة في آن واحد. فماذا عن انواع الزيتون الموجودة في تونس؟ وهل تتميز بالجودة؟ وهل ارتقت اساليب التحويل الى مستوى الجودة العالمية؟ وكيف يجري التعامل مع هذه المادة الفلاحية المصنعة التي تعتبر الاولى في تونس؟ وماذا عن الفوارق في نوعية الزيت حسب مناطق الانتاج؟ للزيتون انواع كثيرة في تونس يتعامل الوسط الفلاحي في تونس مع انواع شتى من الزيتون، ويشير العارفون بهذه الشجرة انه يوجد في تونس اكثر من 10 انواع من الزيتون قد لا يفرق بينها المواطن العادي. وتشير هذه المصادر الى ان هذا الموروث من انواع الزيتون قديم جدا، حيث تؤكد هذه المصادر ان شجرة الزيتون توجد في تونس منذ اكثر من 1000 سنة. وقد وقع الاهتمام بها وتهجينها و"تلقيمها" أي توليدها عن بعضها البعض اثراء لها ولانواعها المختلفة. كما أن شجرة الزيتون من انواع الشجر التي تتأقلم مع انواع مختلفة من التربة، وهي ايضا من نوع الاشجار الصبورة الذي يقبل بقلة الامطار، لكن الى حد معين. ومن جهة اخرى افادنا بعض العارفين بهذه الشجرة ان لطبيعة الارض ان كانت رملية او طينية او حجرية او ساحلية او ذات ملوحة عالية كالسباخ لها تأثير على الزيتونة ونوعية الزيتون الذي تنتجه، ولذلك يعرف الفلاحون المختصون في غراسة الزيتون وانتاجه مدى ملاءمة كل نوع مع طبيعة الارض التي تزرع فيها. وبخصوص انواع اشجار الزيتون فإن الوسط الشعبي الفلاحي المختص في هذا المجال يملك قائمة اسمية لانواع الزيتون، فهناك زيتون الطاولة المعروف بانواعه المتعددة في الشمال، والتي يفوق عددها 4 او 5 انواع من الزيتون، وهناك ما يسمى "الزرص" وهناك ايضا "الناب" وهي انواع اخرى من الزيتون تتوزع على كافة انحاء الساحل والوسط وجنوب البلاد. كما تختلف تسميات انواع الزيتون من جهة الى اخرى. لكن ابرز انواع شجرة الزيتون واكثرها اهمية من حيث مردودية الانتاج ونوعية الزيت وجمالية الحبة ما يتعارف عليها بنوع "الشملالي"، وهي تلك الحبة التي تجمع بين خضرة لونها واللون البنفسجي في آن واحد والتي عادة ما تزرع في المناطق الرملية، والسهول المنبسطة غير الطينية. ويشار الى ان هذا النوع من الزيتون ينتج نوعية زيت راقية جدا، علاوة على انه يمكنه البقاء على رؤوس اشجاره الى أواخر الموسم، أي الى غاية شهر مارس او حتى افريل. حول مفاهيم جودة زيت الزيتون ان جودة الزيت على حد تعبير بعض الفلاحين والفنيين واصحاب المعاصر مرتبطة بعدة جوانب في التعامل مع الزيتون وتحويله من ناحية، ثم وفي جانب أساسي آخر مع نوعية الحبة في حد ذاتها. كما ان نضج الحبة وسوادها، وكذلك السرعة في عملية تحويلها داخل المعصرة دون بقائها طويلا رهن الانتظار بعد الجني يلعب ايضا دورا هاما في قيمة ونوعية الزيت المنتج، على اساس ان تخمرها طويلا وما ينجر عن ذلك من تأثير وتحلل يفقدها الكثير من قيمتها وبالتالي يجعلها تعطي زيتا ذا حموضة عالية تصل الى 3 او 4 درجات، او تدخل في قيمة اخرى متدنية اكثر حسب سلم الجودة المعروف في اوساط الفلاحين واصحاب المعاصر والفنيين في هذا المجال. نوعية الزيتون.. نضجه والجوانب التقنية في تحويله تقاس جودة الزيت المنتج عادة بمدى حموضته، فكلما كانت الحموضة اقل كان الزيت أجود، كما يتعارف شعبيا أن زيت الشمال معروف بشدة حموضته وبخضرته وبنكهة خاصة به، تختلف على انواع الزيت المنتج في الساحل والوسط وخاصة الجنوب التونسي الذي يتميز بلونه الاصفر، وبمحدودية حموضته بشكل عام. وبناء على جملة هذه المعطيات المكتسبة عبر التجربة الشعبية، فإن لكل ميولاته لهذا النوع من الزيت او ذاك. فبعض الناس يرون ان زيت الشمال أهم، واكثر دسامة وحريرات، والبعض الاخر يميل الى زيت الساحل والوسط والجنوب ويعتبره الاهم، خاصة في مجالات الطهي. ان انواع زيت الزيتون التونسي تعتبر في مجملها رفيعة، وذلك بشهادات عالمية له، ولاشك ان لكل صنف من اصنافه، وجهات انتاجه خصوصياتها المعروفة بها فنيا سواء في تونس او في الاسواق العالمية الخاصة بمادة الزيت، اما الميولات الشعبية في اختيار الزيت فتلك مسألة اخرى ترتبط بالذوق، وبالميولات، وهي اعتبارات محلية. لكن ماذا عن اساليب انتاج زيت رفيع، وماذا عن القطاع الصناعي المختص في تحويل الزيتون عامة في تونس؟ المعاصر العصرية والتقليدية واساليب التحويل تميز تحويل مادة الزيتون وعصره وانتاج الزيت في تونس الى حدود السنوات الاخيرة بأساليب تجمع بين ابعاد تقليدية عبر معاصر هرمة، وبين اعتماد معاصر متطورة، ولا شك ان للميكنة تأثيرا بالغا في نوعية الزيت المنتج. وبناء على هذا الواقع كانت كميات الزيت الرفيع المنتج في تونس محدودة، مما انعكس على عمليات تصديره ورواجه في الاسواق العالمية رغم قيمة شجرة الزيتون التونسية. لكن وخلال بعض السنوات الاخيرة شهد قطاع تحويل الزيتون في تونس نهضة هامة تمثلت في اعتماد آليات عصر ومعاصر حديثة جدا، ولا تختلف عما هو موجود في بقية البلدان المتوسطية المعروفة بانتاجها الوافر للزيت. وتشير الاحصائيات الصادرة عن وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة ان كمية الزيت الجيد المنتج في تونس قد اصبحت هامة وبلغت زهاء 70 في المائة من محاصيل الزيت السنوية، وذلك نتيجة تطور قطاع التحويل واعتماده معاصر حديثة ومتطورة، وقد انعكس هذا التطور على اسعار الزيت التونسي في الاسواق العالمية. لكن الثابت الذي تسعى اليه الدولة هو مزيد الارتقاء بعملية التحويل والسيطرة على جني الصابة والدخول في عملية تصدير الزيت المعلب، وهي مرحلة قد انطلقت بداية من الموسم الجاري، ولا شك ان الطموح بايجابيتها كبير وستكون له انعكاسات هامة جدا على الزيت التونسي، بعد ان أصبح يحمل ايضا ماركة عالمية خاصة به.