إسرائيل والغرب أبرز مستفيد من تعثر العمل العربي المشترك نال الزميل الاعلامي خالد الغانجي مؤخرا درجة الدكتوراة في العلوم السياسية من كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة المنار بملاحظة «مشرف جدا» على اطروحته «العمل المشترك والامن الاقليمي في جامعة الدول العربية وفي التجمعات الاقليمية». وقد أطّرهذا البحث العميد السابق الأستاذ الحبيب سليم. على هامش هذا الحدث العلمي الذي يواكب المستجدات بعيون علمية أكاديمية وصحفية في نفس الوقت كان اللقاء التالي مع الأستاذ خالد الغانجي: سي خالد، مبروك الدكتوراه.. ماهي اضافة رسالة الدكتوراه التي اعددتها؟
رسالة الدكتوراه التي اعددتها بحث تضمن مقارنة بين نهج وامكانات العمل في اطار اقليمي عربي واسع يتشكل من مجموع الدول العربية تمثله جامعة الدول العربية وفي اطر اقليمية اضيق تتشكل من دول عربية ايضا وتمثله التجمعات الاقليمية العربية. وقد تركز البحث على جانب الأمن الاقليمي في العمل المشترك في جامعة الدول العربية وفي التجمعات الاقليمية العربية التي صمدت واستمرت من بين تجارب متعددة للتجمع الاقليمي العربي أي»اتحاد المغرب العربي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية»، اعتبارا لأن الامن الاقليمي بمفهومه الشامل هواكبر ما يمثل مجمل مفردات العمل المشترك وتشعباته المختلفة بين بلدان ذات سيادة، من العمل العسكري الى الامن الداخلي، إلى العمل الاقتصادي،اضافة الى ان ملاحقة الامن الاقليمي هي اكثر ما يدفع البلدان الى ان تشحذ همتها لأجل بناء القوة التي لا توفرها الدول منفردة لنفسها.. ويصبح الامن الاقليمي بالتالي هو النواة الصلبة والدافع القوي للتقارب بين الكيانات السياسية المختلفة وللعمل المشترك الذي يأخذ اشكالا متعددة ونشاطات كثيرة تتنقل من الثقافي الى الرياضي الى العمل الجمعياتي والنقابي وغيره. تابع البحث تطور العمل المشترك والامن الاقليمي منذ انطلاقه على مستوى جامعة الدول العربية وسط الاربعينات كهيكل وحيد يجمع الدول العربية المستقلة الناشئة في منظمة اقليمية واحدة وصولا الى تشكل المجموعات الاقليمية التحتية التي انطلقت من رؤى تحاول ان تجد مقوماتها في ابعاد تاريخية وجغرافية واحيانا اجتماعية وان تلوح بتبريرات سرعة الحركة وجدوى العمل والفاعلية وتقارب الرؤى.
اولويات اسرائيل
حسب بحثكم واستنتاجاتكم ما هي علاقة الاستراتيجيات الامنية العربية بالاولويات الامنية لاسرائيل والدول الغربية في المنطقة؟
ظهرت في رسالة الدكتوراة التي اعددتها علامتان رئيسيتان تستجيبان لاشكالية البحث وتتمثلان في: تأكيد واضح في أدبيات تاسيس جامعة الدول العربية والتجمعات الإقليمية العربية على حجم وأهمية التحدي الامني الاقليمي الخارجي وضرورة مواجهته بالعمل المشترك وظهور محاولات متفاوتة لتأسيس اسلوب ووسائل المواجهة اتسمت بالتردد والاسترخاء وبالظرفية والتقطع في اغلب الاحيان. تراجع واضح عن العمل الجماعي الحكومي الملتزم لفائدة نوع من العمل المشترك المزيف الاختياري يتسم بالتخلي عن العمل العسكري وتفرعاته المختلفة وما يستوجبه من تنسيق سياسي والفشل في بلورة نوع من المُثل الأمنية الاقليمية التي تدعم مفهوم الكفاح والدفاع الجماعي عن الاقليم العربي وتفرعاته وبالتالي الفشل في الاستعداد لذلك والاقلاع عن بناء القاعدة الاقتصادية المتينة والاستفادة من المؤهلات الاقتصادية المتوفرة... وتم ذلك بالنتيجة لصالح رؤية اقليمية دولية ترعاها اسرائيل والغرب المسيطر.
عجز أمني وعسكري عربي
ماذا عن التجمعات الاقليمية العربية مثل مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي؟
سارت التجمعات الاقليمية على نفس خطى جامعة الدول العربية مع ظهور اختلاف واضح في حجم الاستعداد للعمل المشترك في الجامعة والتجمعات وتباين في الرؤى والعمل على تحقيقها نظريا وعمليا... مما جعل التجمعات الاقليمية بحد ذاتها نوعا من التراجع عن العمل الجماعي. يشمل البحث تعريفات للعمل المشترك وللأمن الاقليمي وللجامعة ولمفهوم التجمع الاقليمي مرورا بالأبعاد التاريخية لنشأة الجامعة العربية والتجمعات الاقليمية العربية. كما طرحت رسالة الدكتوراه اشكالية العجز عن التمادي في العمل الجماعي والتأثر بالمرجعيات الخارجية التي تبدو الفاعل الرئيس في مسار العمل الاقليمي العربي، يظهر ذلك من خلال خنوع ثقيل اظهرته الجامعة والتجمعات في مختلف مراحل عملها خاصة بعد نشأة التجمعات الاقليمية للقوى الدولية والاقليمية المهيمنة وشمل ذلك مختلف مفردات العمل الجماعي العربي حتى الاقتصادي الذي ظهر في البداية وكأنه الأقرب لأن تعمل فيه المجموعات العربية بعيدا عن التأثير الخارجي.. وتضخم مفهوم السيادة اوما يشبه السيادة القطرية التي تدافع عن نفسها بشراسة امام متطلبات التنازل الجزئي اوالظاهري عنها لصالح العمل الجماعي ولفائدة الامن الاقليمي..
حالة انفلات على مستوى الحكومات والشعوب
هل تابعتم مستجدات الملف الامني والعسكري عالميا في مرحلة اصبحت فيها اولويات الولاياتالمتحدة وأوروبا في علاقاتها بالعالم العربي والاسلامي امنية اساسا؟
حاولت في هذه الرسالة استكشاف المؤثرات الجديدة ودخول العولمة على الخط وما جاءت به من مفاهيم أمنية تعصف في طريقها بمفاهيم الكفاح الوطني وتشعباته التي تصل حد العنف.. ولوحظت مراوحة عند تعريف مفهوم الارهاب الذي تسعى اطراف خارجية رئيسة مهيمنة في الاقليم العربي اشدها اسرائيل لجعله مرادفا للكفاح الوطني وردودا كلامية عربية تختلف مع ذلك قولا وتخضع له فعلا بقوانينها المحلية. وانجر عن ذلك حالات من الانفلات على مستوى الحكومات وعلى مستوى الشعوب. فبينما اتجهت الحكومات في اقامة علاقاتها العسكرية والاقتصادية والثقافية العربية والدولية اتجاها نفعيا امنيا محدودا اندثر العمل الجماعي العربي امام استفحال الاقتصاد الخاص الذي اتسم بالتقاعس والانتقائية الشديدة في المشاريع والبلدان التي يستثمر فيها.. الى ذلك توجهت الشعوب في انفلات آخر ظهر بدرجة عالية في المجالات الامنية حيث ظهرت مقاومة لا تأخذ في الاعتبار التوجه الرسمي الذي تخلى عن دوره في ذلك وظهرت مقاومة للسلطة أخذت توجها عنيفا مرده احتقار السلطة مما أسهم في تقوية العمل الأمني الداخلي على حساب الاقليمي... كما بات الانفلات سمة الاقتصاد والعمل السياسي ظهرت نتائجه في ثورة بدأت تتنقل كالنار في الهشيم بين جميع البلدان العربية.. ومازال العمل المشترك يتبع التوجهات القديمة في التقاعس والبطء في المعالجة الاقتصادية والعسكرية والسياسية الاقليمية.. وبات هناك اتجاه نحو الانفجار على مستوى جامعة الدول العربية.. في ظل سقوط النظم او غرقها في المواجهة مع الثورات الشعبية.. ولم تظهرأي معالجة فيما عدا ما يجري على مستوى مجلس التعاون الخليجي الذي ينظر بريبة الى الثورات العربية التي تتحرك دون قيادة ودون اهداف معلنة مما اتاح للقوى الدولية المهيمنة التدخل فيها والتأثير عليها.
العلاقة مع الاتحاد الاوروبي
ماهي اهم استنتاجات الأطروحة فيما يتعلق بمستقبل العمل الأمني العربي والعلاقات مع دول الجوار؟
انتهينا في الرسالة الى خلاصات حول مواصفات العمل المشترك في جامعة الدول العربية وفي التجمعات الاقليمية والى طرح بدائل ممكنة تدعم العمل الجماعي العربي وتضعه في دوائر اقليمية امنية اوسع... مثل التعامل مع الاتحاد الاوروبي باعباره مدار جغرافي مكمل للعالم العربي وشدد البحث على التمسك بالشخصية الاقليمية وعدم الانصهار في مفاهيم خارجية تعصف بالخواص الذاتية للمنطقة العربية وبعدها الحضاري الذي تشكل على مدى فترة طويلة من الزمن والذي مازال يحمل اطروحاته ورؤاه ولم يندثر رغم شدة الضربات التي يتعرض لها على يد القوى المهيمنة.