بعد سجال سياسي بين الفرقاء السياسيين صادقت أحزاب على الميثاق الجمهوري فيما رفضت أخرى الإمضاء عليه ولأسباب رأتها منطقية من وجهة نظرها. لكن وبعد انتخاب المجلس التاسيسي المنتظر لسائل أن يسال حول مدى احترام جميع الأطراف السياسية لما جاء في الميثاق عندما تدخل المجلس التاسيسي لتحدد دستور للبلاد رغم كون الاتفاق يعد إلزاما أخلاقيا لا غير؛ أي هل سيحترم أعضاء المجلس من ممثلي الأحزاب السياسية والمستقلين فحواه ؟ «الأسبوعي» سبرت آراء عدة الأطراف فكانت مواقفها متباينة. تأجيل النقاش يقول محمد عبو كاتب عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية :«في البداية لا بد من التاكيد على أن الميثاق الجمهوري هو مشروع طرح في عهد بن علي في إطار حركة 18 أكتوبر والتي ضمت العديد من الأحزاب ذات المرجعيات المختلفة؛ وممثلين عن جمعيات و شخصيات وطنية، حيث كان الاتفاق بيننا البحث عن الحد الأدنى الديمقراطي لمرحلة ما بعد بن علي . وقد تم الاتفاق حول عدة نقاط . ومع طرح هذا الميثاق من قبل الهيئة فإن رفضنا منذ البداية الإمضاء عليه مرده ضرورة تأجيل نقاشه في هذا الوقت بالذات من تاريخ تونس لأنه من المنطقي وبكل بساطة طرح مواضيع أخرى تهم التونسي بدرجة كبيرة على طاولة النقاش. لكن لا بد أن نؤكد أننا في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ليس لدينا أي إشكال مع نص الميثاق الجمهوري المطروح ورغم عدم رضانا عليه منذ البداية و للأسباب التي ذكرتها آنفا فإننا سنحترمه بعد انتخاب أعضاء المجلس التاسيسي لأنه ليس لدينا أي تحفظ حول ما جاء فيه . كما أني لا أعتقد أن يطرح في المجلس؟ أما محتواه فإني اعتقد أنه سيطرح في ديباجة الدستور. ليس الا التزاما أخلاقيا بدوره يقول المولدي الفاهم عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي :»كما يعلم الجميع ان ماجاء في الميثاق الجمهوري ليس إلزاميا بل هو ميثاق معنوي, وما مصادقة عدد مهم من الأحزاب وبقية مكونات المجتمع المدني عليه الا التزاما أخلاقيا منها بشان احترام وتبني جملة من المبادئ والقيم والدفاع عن حريات معينة.أما عن مدى احترام الأطراف السياسية المصادقة عليه وغير المصادقة فإني اعتقد أن ثقل ووزن هذا الميثاق في المجلس سيتحدد من خلال غالبية القوى الموجودة فيه ؛ يعني ان كانت الموافقة عليه تمثل أغلبية فانه سيعتمد و يحترم بشكل كبير؛ فيما اذا كانت الأغلبية للطرف غير المصادق عليه فإن قيمته ستقل. لكن عموما اعتقد أن الاتفاق بشان عدة مواضيع تحت قبة المجلس إبان انتخابات التاسيسي ستكون توافقية بين جميع الفرقاء السياسيين.» عدم المصادقة..وغموض الموقف بدوره يرى سمير طعم الله عضو المكتب التنفيذي لحزب العمال الشيوعي أن العقد الجمهوري عقد غير ملزم، ينقصه العديد من النقاط ؛حيث قال :»يبقى تجسيد ما جاء في هذا الميثاق محكوما بنزاع القوى السياسية داخل المجلس التاسيسي المنتخب (في فترة ما بعد 23 اكتوبر) ومدى احترامها لمطالب الشعب التونسي.الميثاق سيكون محط صراع و جدل بين قوى المجلس المصادقة عليه و غير المصادقة منذ فترة. وأظن ان كل ذلك سيكون محكوما بموازين القوى ومدى صدقها .» ويتابع عضو حزب العمال حديثه قائلا:»يبقى وكما هو معلوم هذا العقد إلزاما أخلاقيا للمصادقين عليه أمام الشعب التونسي أما بالنسبة لغير الموقعين فاعتقد ان عدم مصادقتهم عليه يثير أكثر من تساؤل حول مدى وضوح مواقفهم بشأن العديد من النقاط المطروحة فيه كالعدالة الاجتماعية و التطبيع و غيرهما..» اعتماده.. إيفاء بالالتزامات من جهته قال خليل الزاوية عضو المكتب التنفيذي لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات :» لا بد من التأكيد انه في إمضائنا وموافقتنا على الميثاق الجمهوري فإننا سنقوم بكل ما في وسعنا دون ادخار أي جهد ليقع اعتماده في النصوص الدستورية بعد انتخاب أعضاء المجلس التاسيسي . واظن ان في ذلك إيفاء بما التزمنا به أمام الراي العام. وفي نفس السياق سنعمل على إقناع الأطراف التي أبدت تحفظها على الميثاق ولم تصادق عليه لتلتزم به او بروحه . كما اني لا اعتقد ان هذه الأطراف (التي لم تمض على الميثاق) ستكون أغلبية في التاسيسي. .» وتبقى حركة النهضة من أبرز المتغيبين عن المصادقة على الميثاق الجمهوري دون أن تكلف نفسها شرح أسباب رفض المصادقة بطريقة مقنعة وهو ما اعتبره البعض تفصيا من الالتزام الأخلاقي بثوابت المجتمع التونسي حتى عندما سعينا لتوضيح موقفها حول مدى التزامها في المجلس التأسيسي باحترام ما صادقت عليها بقية الأحزاب لم نجد أجوبة شافية بلا مراوغات للهروب من أي رأي ملزم . ولئن بقي المجلس التأسيسي في علم الغيب تفصلنا عنه مدة زمنية معتبرة فإن موقف النهضة كذلك بات من الغيبيات فيما يتعلق بثوابت مجتمع راكمها لعقود.