في سهرة أمس الأول الجمعة، وفي إطار مهرجان صفاقس الدولي احتضن المركب الثقافي محمد الجموسي لقاء حواريا مع المفكر يوسف الصديق حضره جمهورغفير من المثقفين، من مختلف الفئات العمرية، والإيديولوجيات، والتوجهات الفكرية، الإسلامية والماركسية وغيرهما. السهرة نشطها الأستاذ نجيب عبد المولى، ولو أنها كادت تحيد عن مسارها التي نظمت من أجله، إذ ارتفعت درجة الحرارة في النقاش بين الأستاذ رضا الزواري والدكتور يوسف الصديق بسبب اختلافات فكرية، الصديق عاب على الزواري الخوض في مسائل ليست من اختصاصه، وبالتالي فهو يجهلها، ولكن سرعان ما عاد الوئام بين الطرفين. يوسف الصديق وهو المتخصص في الدراسات الإنتروبولوجية في القرآن ركز على الثلاثي: الدين والدستور والمواطنة، فشد الانتباه بطريقته السلسة، الجذابة خاصة أن الموالين للإسلام والمعادين له في سجال وجدل متواصلين. يوسف الصديق حاول في تدخله تحديد كل مفهوم من المفاهيم الثلاثة : الدين والدستور والمواطنة، فأكد على أن الدين قضية متشعبة في المجال اللغوي، فهي عبارة تتناسق مع الدين بفتح الدال، واعتبر الحياة الدنيا حياة ممارسة، أما الدين فهو بعد تعبدي، طقوسي، وتعرض قي حديثه إلى مسألة قراءة القرآن التي هي مسألة على غاية من الأهمية، وذكر بالحقبة الأموية التي بلغت تسعين سنة، وأشارإلى أنه لم يكن هناك كتاب مدون، وهي فترة منعتنا من القراءة، وذلك يعزى إلى ثأر بين بني هاشم، وبين بني أمية، وذكر في حديثه أن تحريم النساء ليس أمرا دينيا، وأشار إلى أن تحريم أكل لحم الخنزير لا يعود في تصوره إلى مسألة صحية، وهو الحيوان الذي يشبه الإنسان في تركيبته الجسدية، وأكد على أن تحريم الربا لا يعود إلى مسألة دينية وإنما إلى مسألة اقتصادية، ومن جهة أخرى اعتبر التحريم الديني الوحيد في الإسلام هو تحريم الشرك. ولم ينف خلال حديثه عن المواطنة بأنها حيرته، وهي الحركة الدائمة، والممارسة المعاشة، وذكر بأننا عجزنا عن استخراج كلمة مواطنة، بل استخرجنا كلمة وطن،فقد تسمح الثورة التونسية بذلك وتتمكن من الغوص قي المفهوم، في اللحظة التي يتم فيها تأسيس دستور جديد للبلاد، وخلص إلى الحديث عن المدينة التي ورد ذكرها في القرآن اثنتي عشرة مرة، وركز الصديق في حديثه أيضا على قضية المقدس التي اعتبرها مسألة قاموسية، وأكد على أنه ليس هناك تقديس في الإسلام، المقدس الوحيد هو الكعبة، والملائكة هم الوحيدون الذين يتمتعون بالقداسة، فالجامع مثلا ليس مقدسا،وخلص فيما بعد إلى الإرث، فهو يعتبر المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة ليس تعديا لحدود الله، واعتبر إقامة الحد عبارة لا معنى لها، وشدد على ضرورة إعادة قراءة القرآن، والابتعاد عن الانغلاق. يوسف الصديق شد انتباه الجميع في سمر رمضاني كان مفيدا، باعتبارأن القضايا التي تم التعرض لها كانت مثيرة للجدل.