قرطاج (وات) تأكيدا للمكانة التي تحظى بها حقوق الانسان ضمن الاختيارات الوطنية أشرف الرئيس زين العابدين بن علي امس الاثنين على موكب انتظم بمناسبة الاحتفال بالذكرى التاسعة والخمسين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان تولى أثناءه رئيس الدولة إسناد جائزة رئيس الجمهورية لحقوق الانسان وجائزة التضامن العالمية لرئيس الجمهورية وتكريم ثلة من إطارات وأعوان العمل الاجتماعي. وقد تميز هذا الموكب بتسلم الرئيس زين العابدين بن علي درع منظمة التأهيل الدولي التي تأسست سنة 1922 وتعنى بذوي الاحتياجات الخصوصية والارتقاء بأساليب ومسيرة حياتهم وذلك تقديرا للسياسة المتطورة التي أرساها سيادة الرئيس في مجال النهوض بالمعوقين ورعايتهم وتنزيل حقوق الانسان المكانة الهامة في مشروعه الحضاري باعتباره من شروط تحقيق التنمية والتقدم. وقد تولى تسليم الجائزة لرئيس الدولة السيد خالد توفيق المهتار نائب رئيس منظمة التأهيل الدولي رئيس المنطقة العربية. وألقى رئيس الجمهورية بهذه المناسبة كلمة أكد فيها أن حقوق الانسان كل لا يتجزأ وأنه لا مفاضلة بين أصنافها ولا تمييز لاحداها على الاخرى مبينا انه لذلك كان الانسان دائما محور اهتمامات تونس وغاية إصلاحها. وأضاف أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان بكل مواثيقه وعهوده الدولية قد أشاع بين البشر قيما كونية شاملة تؤكد حرية الانسان وتحث على صيانة كرامته وممتلكاته وضمان أمنه ورفاهه باعتبارها مقاصد حضارية فاضلة ومبادئ إنسانية سامية والتزامات أخلاقية وسياسية لا يمكن الحياد عنها أو التنازل بشأنها موضحا أن تونس حرصت على تثبيت هذه المبادئ في دستورها ضمن تصور شامل ومتكامل يؤمن خاصة مساواة المرأة بالرجل في شراكة متكافئة في شتى ميادين الحياة ويجعل من مبدإ التضامن قيمة أخلاقية واجتماعية ثابتة. كما أكد التمسك بالثوابت الوطنية وبالضوابط الاخلاقية والمبادئ السياسية التي أقام عليها سيادته مشروع تونس الحضاري ونظامها الجمهوري في دولة الحريات والمؤسسات حيث العدل أساس العمران والقانون فيصل بين الجميع. وتولى الرئيس زين العابدين بن علي إسناد جائزة رئيس الجمهورية لحقوق الانسان بعنوان سنة 2007 إلى الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة المدير العام للمجمع التونسي للعلوم والفنون والاداب "بيت الحكمة" تقديرا لاسهاماته القيمة في مجالات حقوق الانسان في مستوى منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) وفي مستوى العمل الجمعياتي. كما تولى رئيس الدولة إسناد "جائزة التضامن العالمية لرئيس الجمهورية" لسنة 2007 الى "مؤسسة التأهيل بهايدلبارغ" ممثلة في رئيس مجلس إدارتها الاستاذ كلاوس هيكينغ وذلك تقديرا لعملها الانساني المتميز على المستويين المحلي والدولي في مجال التأهيل الصحي والاجتماعي للاشخاص الذين فقدوا القدرة على العمل. ومن جهة اخرى اكرم سيادة الرئيس ثلة من اطارات واعوان العمل الاجتماعي بتقليدهم الوسام الوطني للاستحقاق بعنوان قطاع العمل الاجتماعي تقديرا لما قدموه من أعمال وإسهامات وطنيا وجهويا في مختلف مجالات النشاط الاجتماعي. وكان الاستاذ حاتم قطران أستاذ القانون الخاص وعضو لجنة حقوق الطفل لمنظمة الاممالمتحدة ألقى بهذه المناسبة محاضرة بعنوان "حقوق الانسان ومنظومة العلاقات الدولية اليوم". وقد جرى هذا الموكب بحضور الوزير الاول ورئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين وأعضاء الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي وأعضاء الحكومة. كما دعي لحضوره الامناء العامون للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية والمجالس الاستشارية والهيئات القائمة وعدد من العاملين في مجالات حقوق الانسان والثقافة والاعلام. وفي ما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس زين العابدين بن علي: «بسم الله الرحمان الرحيم أيها السادة،، أيتها السيدات،، تحيي بلادنا اليوم مع سائر بلدان العالم الذكرى التاسعة والخمسين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان. وهي مناسبة نجدد فيها تمسكنا بالمبادئ السامية لهذه الحقوق وحرصنا الدائم على حمايتها وتكريسها في تشريعاتنا وفي حياتنا اليومية. فقد نزلناها منذ التغيير منزلة الثوابت الاساسية في مشروعنا الحضاري وفي ما ننجزه من اصلاحات وما نقوم به من مبادرات ونتخذه من قرارات في مختلف الميادين. واشكر السيد خالد توفيق المهتار نائب رئيس "منظمة التأهيل الدولي" (Rehabilitation International) ورئيسها بالمنطقة العربية على اسناده الي درع هذه المنظمة وعلى ما تضمنته كلمته من نبل المشاعر نحو تونس وشعبها وقيادتها معربا عن تقديري لجهود "منظمة التأهيل الدولي" في العناية بذوي الاعاقات والاحتياجات الخصوصية. كما أهنئ مؤسسة التأهيل بهايدلبارغ الالمانية على احرازها جائزة التضامن العالمية لرئيس الجمهورية التونسية تقديرا لعملها الانساني المحمود على المستويين المحلي والدولي في مجال التأهيل الصحي والاجتماعي للاشخاص الذين فقدوا القدرة على العمل. وأهنئ الدكتور عبد الوهاب بوحديبة بنيله جائزة رئيس الجمهورية لحقوق الانسان لسنة 2007 مثنيا على جهوده وجهود كل العاملين في مجال حقوق الانسان والساهرين على تكريسها ونشر ثقافتها وتعميق المضامين الفكرية المتصلة بها. وأهنئ كذلك كل الذين احرزوا منذ حين على الوسام الوطني للاستحقاق في القطاع الاجتماعي اكبارا لتفانيهم في خدمة هذا القطاع ومساندتهم لمشاريعه وبرامجه. واشكر الاستاذ حاتم قطران على محاضرته حول "حقوق الانسان ومنظومة العلاقات الدولية اليوم" وما جاء فيها من معلومات ضافية وتحاليل قيمة لمختلف ابعاد هذا الموضوع وما يطرحه من قضايا واشكاليات. أيها السادة، أيتها السيدات، ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان بكل مواثيقه وعهوده الدولية قد اشاع بين البشر قيما كونية شاملة تؤكد حرية الانسان وتحث على صيانة كرامته وممتلكاته وضمان امنه ورفاهه باعتبارها مقاصد حضارية فاضلة ومبادئ انسانية سامية والتزامات اخلاقية وسياسية لا يمكن الحياد عنها او التنازل بشانها. وقد حرصنا على ثبيت هذه المبادئ في دستور بلادنا ضمن تصور شامل ومتكامل يؤمن خاصة مساواة المراة بالرجل في شراكة متكافئة في شتى ميادين الحياة ويجعل من مبدا التضامن قيمة اخلاقية واجتماعية ثابتة في القلوب والعقول. واذ تحتفل تونس كل عام في الثامن من هذا الشهر بيوم التضامن الوطني باعتباره سنة حميدة وسلوكا نبيلا فاني اغتنم هذه المناسبة لاتوجه بالشكر والتقدير الى كل التونسيين والتونسيات افرادا وجماعات ومنظمات وجمعيات ومؤسسات على تبرعهم التلقائي واسهامهم السخي في ترسيخ التماسك الاجتماعي ودعم علاقات التآلف والتآزر بين سائر فئات شعبنا. ومن دواعي الفخر والاعتزاز ان اعرب كذلك عن ارتياحي لما سجلته بلادنا في هذا المجال من نتائج باهرة على مستوى التنمية البشرية والاقتصادية كرست حق كل المواطنين والمواطنات في التمتع بمرافق العيش الاساسية والحصول على اسباب الرزق والرفاه وجلبت لتونس احترام الاوساط الدولية وإكبارها. واذ بدانا نستعد للاحتفال بالذكرى الستين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان فاننا اعددنا بالتعاون مع الهياكل والجمعيات المهتمة بحقوق الانسان انشطة متنوعة للغرض تشمل ميادين التربية والتكوين والثقافة والاعلام وتعمل على مزيد التحسيس والتوعية بتلك الحقوق وبابعادها وسبل حمايتها وتكريسها. وهو ما يندرج في اطار قرار مجلس الاممالمتحدة لحقوق الانسان بشان الاحتفال بستينية الاعلان العالمي لهذه الحقوق سنة 2008 ويتوافق مع الجهود المتواصلة والانجازات المتتالية التي نبذلها في تونس على مدى عشرين عاما من اجل رعاية حقوق الانسان وتطويرها وحمايتها والدفاع عنها. وقد اكدنا ان حقوق الانسان كل لا يتجزا وان لا مفاضلة بين اصنافها ولا تمييز لاحداها على الاخرى. لذلك كان الانسان دائما محور اهتمامنا وغاية اصلاحنا فحرصنا على تشجيع التطوع والاضافة في الانشطة الاجتماعية والثقافية وعززنا برامج التشغيل ودعمنا مبادرات العمل الحر في بعث المشاريع وايجاد موارد الرزق وحفزنا التونسيين والتونسيات الى الاقبال على الاجادة والاتقان في مختلف مواطن الانتاج والابداع ووسعنا مجالات المشاركة والاستشارة مع سائر مكونات مجتمعنا المدني. ونحن متمسكون اليوم بثوابتنا الوطنية وبالضوابط الاخلاقية والمبادئ السياسية التي اقمنا عليها مشروعنا الحضاري ونظامنا الجمهوري في دولة الحريات والمؤسسات حيث العدل اساس العمران والقانون فيصل بين الجميع. ولا يظن احد انه يستطيع بحكم موقعه الاجتماعي او انتمائه السياسيى او عمله المهني او نشاطه الجمعياتي ان يملك مظلة حمائية او غطاء وقائيا يجعله خارج سلطة القانون او يمنحه حق التفصي من مسؤولياته عندما يرتكب مخالفة او يقترف جرما اذ ان العدالة التي نحرص على استقلاليتها ونولي مؤسساتها والقائمين عليها كل ثقتنا واحترامنا هي التي لها وحدها الكلمة الفصل في هذا المجال. أيها السادة، أيتها السيدات، ستشهد بلادنا سنة 2008 انطلاق جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية حول الاجور وظروف العمل. وهي السابعة على التوالي بعد ان تم خلال سنة 2007 صرف القسط الثالث والاخير من البرنامج السادس الذي شمل الموظفين والعمال في جميع القطاعات. واذ نعلن اليوم عن فتح هذه الجولة فاننا نعول على ما عهدناه لدى مختلف الاطراف الاجتماعية من روح وطنية عالية ووعي عميق بطبيعة المرحلة وجسامة التحديات لانجاح هذه المفاوضات وتكريس مصالح سائر الاطراف ووضع مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار. ولا بد ان يدرك الجميع ان هذه المفاوضات ستجرى في ظرف بلغت فيه اسعار المحروقات ارقاما قياسية ويتواصل فيه ارتفاع سعر النفط ارتفاعا مشطا اضافة الى ارتفاع اسعار الحبوب والمواد الاولية وهي كلها عوامل خارجية لها اعباء اقتصادية حادة على اوضاع البلدان النامية. وليس لنا من سبيل للصمود في وجه هذه التحديات سوى مواصلة العمل والكد في نطاق الحوار والوفاق والتضامن والحرص على اثراء مكاسبنا وانجازاتنا وتطويرها في كل المجالات والمضي قدما بعزم لا ينثني نحو تامين العزة والرفاه لشعبنا والمناعة والازدهار لوطننا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".