- إن البناء الديمقراطي المتين في المجتمعات الحديثة لايتسم بصعوبات مستحيلة التحقيق ولا هو بالمستحيل الممتنع وإنما كتب له ليتسم بعشوائية الانتهاج والضبط والتخطيط.. كما هو الحال في عهود ساسة الاستبداد حيثما لاحت الديمقراطية عالميا عبثية تتأبط بطانة مجحفة رغم أنها مخروقة وكل ما تخفيه بارز للعين البصيرة.. المتفرسة. فأيّ بناء ديمقراطي يستوفي تحديدا سليما لاستخدام شرعي لبناء ديمقراطي سليم لايقزم ثباته ويقدم مجالات خدمة بتبجيل أكبر لصلوحيات شعبية؟.. إنما اليوم وبعد مشوار لا يستهان به من ممارسة سلطة الشعب لوظيفة خطاب لنضال من أجل عدالة الشعب المسحوق الذي يرفع صوت حنجرته بحرية المطالب التي يتبناها وهي قد سبقت بجرأة المبادرة وبالمران الثوري وسلاحه في ذلك دون رجعة تدعيم الحقوق والحريات والتمسك بالمطالب الأساسية والشرعية وفق المشروع المجتمعي وهو الموسّم فوق عنوان الشعب من أجل عزة الوطن.. وقد كان في ماض قريب مغيبا ومفقودا بل على الأرجح أنه بات بمحال لم يتسن بقابليته للتحقيق وفق الحال الذي استدعى قوة الجدلية بين خطابي العنف والخطاب الثقافي لإرساء أسس بذرة نظام ديمقراطي منفصل عن تجارب الهون والقتومة... وقد عهدت اليوم هذه المهمة العظيمة المتعاظمة إلى عقول من صميم ما أنجب الوطن التونسي من مفكرين وأدمغة في الحقل السياسي وبهم لا بغيرهم تتعهد العزائم الصادقة بتشييد المشروع السياسي الجديد وفق مبدإ حقوقي للشعب وهوالذي كان منتهكا ومتواطأ ضدّه ونرفض أن تتكرر مثل هذه التجربة.. وعلى الأرجح قد بات من المتأكد اليوم وبالإمكان أن نخصّب ثراء موقع بذر ديمقراطي ليتجذر في عمق ثراء فكري خصب وفق حراك تجريبي يصدح بأن خلاص الشعب في خلاص ساسته من طوباوية الفعل السياسي وخلاص السلطة في خلاص ديمقراطية مقنعة عاشت مقنوعة تمارس بأسلوب بهلواني غير متكافئ. ولأجل غد ينشد فيه تناغم الشعب وفق الأمر السياسي الذي يقدم كل الإجلال لعزة الوطن ويطلق فيه العنان للحريات المسلوبة بعيدا عن وصايا السخفاء الذين حكموا على كل إبداع وخلق بالدونية والتقزيم اللامعقول وكل هذا وغيرها من الآليات التي يجب أن تكتسب من قبل أصحاب الحق وتعطى نحلة لا نكالة في خلو عن سلطة الرقيب وفجاجة عقله. ويفسح للفكر مجالا لينهض بعد ما كان مسيرا وفق اعدام مبادرته وفق إرهاص مقموع يضمن لرجل السياسة خلاصا من رزح مطالبه أو قل من إشعاعه وكان به يستشرف لكل حقيقة تناقض الواقع وتدمر الذات تسيرها لواقع آخر أشد ركودا في مياهها الآسنة. وإن الوثوب وإعادة التموقع السياسي والانصهار في المحيط الدولي ببصيرة أكثر انجلاء وصفاء وبثقة واطمئنان وبرجاحة العقول النيرة يضمن بناء ديمقراطيا لايتساقط في مخالب ومخامل النوايا الخبيثة لنفسد مصالح المشروع المجتمعي او ننسف صرحا غاليا بغلاوة الأنفس جمعاء ألا وهو حرية الوطن وكرامته وعزته وسؤدده. في مقابل هذا نعم للضرب على أيدي العابثين والفاسدين المفسدين الذين يخلون بكل تسيير محكم أوهو ناجم عن خلل تسييسي في الغالب الأرجح فاق حدوده المشروعة والطبيعية لينقلب إلى الضد الذي لا موقع له انما يرجى بإلحاح تموقعه. ولم يسبق له تفعيله حزبيا أو حكوميا لغايات تمردية بائسة خالية من كل تحدّ مسؤول لايقرّ بكثير من اللياقة والاحترام موقعا واعتبارا لقرار مطلب الشعب الموثوق بمصلحة أمن البلاد ووجودها الجغرافي لذلك البرهان الذي وقع حجبه وتغييبه عصفت رياح ثورة 14جانفي 2011 بهبوب شعب ابيّ ثائر يعي كل الوعي هذا الإنجاز العظيم في حياة البلاد الهيستوري/سوسيولجي وتجددها سياسيا. إذ ذاك فحسب كانت الثورة يدفعها استبشار عميم رغم حسرة مرة لما يجري وتصاب به الأفهام من نكسة صدمة، وهلع فوضى، ودماء فريضة مضربة وضرورية وفق متطلبات الوضع الثوري القائم على أسس ملؤها إرادة الشعب الواثق البصير بواقع غده المتحكم والمتصرف في صدق عزائمه التي يوظفها من اجل بناء ديمقراطي جديد وهو لذلك غير عابئ بالكوابح وما ينجر عنها من حواجز ومكبلات الجذب والتعطيل يأمل كل الأمل أن يجيء البناء شامخا متينا تدعمه مصداقية القول والفعل.