اكتفى مهرجان سوسة الدولي في دورته لهذا العام بعرضين فقط. الأول كان بتاريخ 24 جويلية بإمضاء الفنان " بانديرمان" والثاني بتاريخ 28 من نفس الشهر بإمضاء لطفي العبدلي. الأسباب حسب مدير المهرجان السيد هشام بن سعيد تعود إلى الوضع الذي لم يكن واضحا في الفترة التي تلت انتصار الثورة الشعبية. كانت الإشكالية المطروحة حينذاك تتمثل في جدوى الإبقاء على المهرجانات بالجهات ورغم أن مهرجان سوسة الدولي يعتبر من أعرق المهرجانات بالبلاد( الدورة 53) فإنه لم يكن من المؤكد أن ينتظم في دورته وبنفس الصيغة التي تعود بها رواده خلال الدورات السابقة. وبعد تردد تم التوصل إلى حل يفهم منه أن العملية كانت رمزية بالخصوص. فمهرجان سوسة الدولي الذي تعودت الجماهير به يمتد على فترة طويلة بين جويلية وأوت من كل صيف والذي كان يشكل فرصة هامة لتقديم عروض فنية وموسيقية من بلدان كثيرة شرقية وغربية لا يمكن أن تختزله سهرتان وإن كانت قد حققت النجاح على المستوى الجماهيري بالخصوص.
حتى لا ترتبط الثورة في الذاكرة بتغييب الحياة الثقافية
لقد ارتأت الهيئة المديرة أنه ليس من اللائق أن يرتبط الموسم الأول للمهرجانات الصيفية الذي تلا انتصار الثورة الشعبية باحتجاب تظاهرة ثقافية وترفيهية هامة بالجهة. الثورة في تونس وكما يحرص المتشيعون لتونسالجديدة، تونس الثائرة على الظلم وتونس التي فتحت صفحة جديدة من تاريخها يأمل التونسيون أن تكون مرصعة بالخير وبالأمل للجميع لا ينبغي أن ترتبط في الذاكرة بتغييبها للفن والثقافة. ولكن مدينة سوسة وإن كان حظها من السهرات الفنية في موسم المهرجانات الصيفية هذا العام قليلا فإن ليالي رمضان بالمدينة مكنت من تحقيق أكثر من هدف. وأولها فسح المجال واسعا أمام كفاءات البلاد من مختلف الجهات وفي مختلف أصناف الفنون بالتوازي مع توفير فرصة لعشاق السهر كي يعثروا على ضالتهم. وإذ اعتبر الدكتور هشام بن سعيد في حديثه عن تقييم الأنشطة الثقافية الصيفية بالجهة أن العروض الأجنبية تعتبر دائما متنفسا مهما للراغبين في الانفتاح على ثقافة الآخر فإنه يؤكد أن الكفاءات التونسية والمواهب الموجودة بالساحة التونسية لم تخيب الأمال. وقد مثلت ليالي رمضان التي انتظمت في إطار الشراكة بين مهرجان سوسة الدولي والمندوبية الجهوية للثقافة بالجهة من توفير مساحات زمنية هامة لهؤلاء لتقديم فكرة عن امكانياتهم. وقد عبر محدثنا عن ارتياحه بالخصوص للقيمة الفنية المؤكدة عند عدد كبير من المطربين والفنانين التونسيين ككل. لم نكن مضطرين حسب قوله للاستنجاد بأسماء رنانة من الخارج خاصة من الشرق دون أن تكون تتوفر على الحد الأدنى من المستوى الفني الذي من المفروض أنه يشترط فيها قبل المشاركة في مهرجاناتنا خاصة منها الدولية والعريقة. ويراهن محدثنا على أن سهرات على غرار تلك التي أحيتها كل من آمال المثلوثي وآمال الحمروني صحبة خميس البحري وألفة بن رمضان وفوزي بن قمرة وخالد بن يحيى ومحمد الجبالي وشهرزاد هلال وغيرها لن تنسى بسهولة من ذاكرة رواد المهرجان الذين واكبوا بحماس أغلب السهرات التي أقيمت بين رباط سوسة ومسرح سيدي الظاهر بالمدينة.