«رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه» هذا هو عنوان كتاب جديد للمناضل علي المعاوي صدر مؤخرا عن المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية.. وتضمن هذا الكتاب الوارد في 161 صفحة وفي اخراج فني جميل ولغة سلسلة تقديما لعدد من المناضلين الذين عرفهم المؤلف أواسط العقد الثالث من القرن الماضي وخبرهم عن كثب، وتأثر بهم كثيرا وأمضى معهم وقتا مؤثرا بنادي الحزب وبقصر الجمعيات وبالمكتبة الخلدونية وبعديد النوادي الأخرى.. وقدم المناضل على المعاوي شهادات ضافية حول الشخصيات التي تحدث عنها في كتابه، وقال إنه كان استلهم منها رشده النضالي. واعتبر على المعاوي المناضل المرحوم عمر بن علي حميدة المولود في 4 سبتمبر 1914 ببلدة المحبوبين بجزيرة جربة «سندباد السجون والمنافي»، أما المناضل المرحوم محمد بن عثمان بن نصر الورتاني المولود بزنقة المحاجبية بباب سعدون في 15 أكتوبر 1908 فهو على حد تعبيره «أعجوبة ومثال» ويرى في المناضل عبد العزيز شهر مصطفى الأحمر المولود بنهج الدقيق بباب سعدون والمولوع بالتمثيل والكشافة والنضال أيضا «الثائر الوديع».. تحدث علي المعاوي عن المناضل المرحوم الهادي بن الطيب زيد المولود في 22 أكتوبر 1912 بنهج عبّة بالعاصمة بإطناب، وقال إنه ذاق مرارة السجن والمنافي واعتبره رجل كألف.. أما المناضل المرحوم يوسف بن حمزة بن عاشور امين مال الحزب الدستوري ومدير جريدة الفتاة فكان محل تقدير وتبجيل المناضلين خاصة الرعيل الأول وقد كان مدرسة ومثالا يحتذى.. وفيما يتعلق بالمناضل العجمي سليم المولود في 27 جانفي 1911 بالمكنين فقد كان مشهود له بالانضباط الحزبي وببعد النظر وكان طيلة فترة احتلال المحور لتونس يحذر وينصح بعدم التورط في التعاون والتعامل معه.. وكان له دور ملحوظ في الحركة الوطنية وتنقل بين السجون العسكرية والمدنية..
بوشوشة
أما المناضل صلاح الدين بوشوشة أصيل مدينة بنزرت والمولود في 25 مارس 1912 فقد استبسل في التصدي للمؤتمر الأفخارستي ونظم مظاهرات كبرى واحتجاجات تواصلت طيلة المؤتمر من 7 إلى 13 ماي 1930 ثم كان أبرز محرري نشرية الشبيبة المدرسية.. والقي عليه القبض إثر أحداث 9 أفريل 1938 وزج به في السجن وبعد خروجه أصبح عضوا في الديوان السياسي ثم القي عليه القبض في مناسبة أخرى في شهر جويلية 1941 مع الرشيد ادريس ويوسف بن عاشور والشاذلي السلامي ومحمد الغمراسني وعمر بوغانم وزج بهم في السجن المدني ثم في برج سيدي قاسم.. وتوفي صلاح الدين بوشوشة في حادث سير حيث انقلبت به السيارة التي يسوقها الزعيم المرحوم المنجي سليم. وتحدث مؤلف الكتاب عن المناضل عثمان بن يوسف الكيلاني المولود يوم 15 أوت 1915 بقصر قفصة واعتبره واحدا من رموز النضال الصادقين من الرعيل الأول المزهو بصدق وطنيته والمسكون بحب بلده والمعتز بانتمائه إلى حزب الأمة وهو الذي ذاق السجون والاعتقال والابعاد إلى برج الرومي ثم إلى بن قردان ثم إلى مجاز الباب. وكتب علي المعاوي حكاية المناضل علي درغوث الذي انضم إلى الحزب الحر الدستوري الجديد منذ انبعاثه سنة 1934 وبقي وفيا له ولمبادئه حتى آخر رمق في حياته.. وكان عضوا في المجلس الملي وعضوا في لجنة الشؤون السياسية أثناء مؤتمر نهج التريبينال وشارك في مظاهرات 8 أفريل 1938 وحوكم بتهمة التآمر على الأمن الداخلي للدولة الفرنسية وقضى 5 سنوات سجنا وتوفي بعد ست سنوات من خروجه من السجن وكتب مؤلف الكتاب عن المناضل علي بن محمد العيادي المولود بساقية الزيت بصفاقس واعتبره من الرجال الشجعان «علما في رأسه نار» لا يتخلف عن أي موعد مع الوطن فكان مآله السجن والمنفى والتعذيب والابعاد واطلق سراحه في غرة جانفي 1944 فعاد للنضال. أما المناضل موسى الرويسي فقد كان من المنخرطين الأوائل في في الحزب الحر الدستوري التونسي القديم ومن مؤسسي الشعبة الدستورية ببلدة دقاش الى جانب ابن عمه الزعيم يوسف الرويسي.. وشارك في المظاهرات والاجتماعات واخذ بداية من 1943 مكان محمد بدرة في بالحجرة التجارية ولم يتوقف عن النضال طيلة حياته. وبالنسبة إلى المناضل المرحوم محمود زهيوة المولود يوم 27 نوفمبر 1913 بمنزل تميم فقد كان جنبا إلى جنب مع العديد من زعماء الحركة الوطنية وفي سنوات الجمر كان يمون الفدائيين الشبان.. وأثناء معركة النصر كان يمون الثوار بالأسلحة والمتفجرات. واعتبر علي المعاوي المناضل حمودة شمام أصيل المطوية والمولود يوم 28 فيفري 1936 بتونس رجلا شجاعا وقد خبر استبساله في الدفاع عن أبناء وطنه لما كان يقيم معه في السجن وكان :»كبران الشمبري». وذاق المر في غياهب السجون طيلة فترة الاستعمار والتحق بعد الاستقلال بالأمن الوطني واشتهر بالملاكمة..
عبد القادر زروق
أما المناضل الشيخ عبد القادر زروق المولود ببلدة سيدي حمادة بسليانة في جوان 1918 فقد كان من الطلبة الزيتونيين الثائرين على المستعمر فآل به المآل إلى غياهب السجن ثم النفي إلى سجن لامبيز بالجزائر ثم عاد بعد ذلك إلى الوطن وتحديدا إلى رئاسة شعبة سيدي حمادة وعاد لإقلاق راحة المستعمر فزج به مرة أخرى في السجن وبقي فيه 4 أشهر وبعد خروجه عاد للنضال الذي رفرفت رايته عالية فوق جبل برقو.. وبالنسبة إلى المناضل محمد الهادي المرابط فهو على حد قول المؤلف من طليعة شباب منزل بوزلفى ممن ارتوت عواطفهم مبكرا بلبن الوطنية المصفى.. وبالإضافة إلى هذه الشهادات التاريخية الهامة، تضمن الكتاب ورقة حول شهداء المنستير وهي بقلم الأستاذ الشاذلي زوكار..