آسيا العتروس المشهد القادم بالامس من فلسطينالمحتلة سواء من الضفة أوالقطاع أوالقدس لم يكن عاديا في شيء، ولاشك ان من تتبع أطوارعودة الاسيرات والاسرى الفلسطينيين المحررين بعد مرحلة طويلة من الترقب والشكوك والانتظارفي سجون الاحتلال ومعتقلاته قد أدركوا معنى الحرية التي قد لا يفقه معناها الا من افتقدها. مشهد الاسرى العائدين وهم يتنفسون عبق الحرية ونسماتها ويعانقون ولاول مرة منذ سنوات طويلة أهلهم وذويهم كانت أكبر من كل التعاليق ومن كل الكلمات ومن كل التقارير... دموع وفرح أمل وألم مزيج من المشاعروالتفاعلات فرضها المشهد مع انضمام أهالي الاف الاسرى الذين لم تشملهم صفقة شاليط لاستقبال العائدين والاحتفال بتحريرهم على أمل أن يعيشوا لحظات مماثلة يتذوق معها بقية أبناء الشعب الفلسطيني القابعين في السجون الاسرائيلية بدورهم طعم الحرية. غاب الاسيرأحمد سعدات وغاب المناضل مروان البرغوثي وغاب نحو ثمانية الاف من الاسرى الفلسطينيين عن صفقة شاليط بما يعني أن ملف الاسرى لن يطوى قريبا وأن هناك خلف قضبان الاحتلال من ينتظر لحظة الحرية التي تحتاج بالتأكيد جهود ونضالات وأفكاركل حركات المقاومة الفلسطينية موحدة بعيدا عن كل الانقسامات التي كلفت الفلسطينيين الكثير... بعد خمس سنوات من المفاوضات السرية التي لم تخلو من الابتزازات الاسرائيلية والمساومات ومحاولات الدفع بالفصائل الفلسطينية الى الفتنة وتأجيل المصالحة نجحت حركة المقاومة الفلسطينية حماس من كسب صفقة الجندي جلعاد شاليط والدفع بأكثرمن ألف أسير فلسطيني الى خارج أسوارالسجون والمعتقلات الاسرائيلية. صحيح أن الصفقة رافقتها ومنذ انطلاقها مؤاخذات كثيرة وانتقادات من جانب فتح وربما غيرها من الحركات الفلسطينية الاخرى بسبب عدد المحررين وبسبب غياب بعض القيادات عن الصفقة أو كذلك بسبب ابعاد مائتي أسير الى كل من تركيا وسوريا وقطر وهي مؤاخذات لا مجال لتجاهلها أو التقليل من شأنها في المستقبل. ومع ذلك فان ما حدث بالامس يعد مكسبا لا يستهان به لكل الفلسطينيين دون استثناء ولا يختلف اثنان أن كل أسير يحرر وكل معتقل يعود من سجون الاحتلال بمثابة مولود جديد من شانه أن يمنح أهله وشعبه وقضيته شحنة نضالية جديدة ويعزز الاصرارعلى البقاء والصمود في وجه الاحتلال. ثم ان ما حدث بالامس من شانه أن ينقل ملف الاسرى الفلسطينيين من اطار الارقام والاحصائيات الذي يريد له الاحتلال الاسرائيلي أن ينحصر فيه الى الاطار السياسي والقانوني والانساني الذي يتعين أن يتنزل فيه في مختلف المحافل الاقليمية والدولية. ولاشك انه لا أحد أيا كان موقعه أو موقفه من صفقة شاليط التي سمحت حتى الامس بعودة نحوأربع مائة وسبعين أسيرا في انتظار أن يكتمل العدد بعد شهرين أن يقف على الحياد وهو يتابع أطوار رحلة العودة التي انتظرها الاسرى طويلا. وصفقة الجندي شاليط ستبقى واحدة من الصفحات الاكثر اجحافا للحق الفلسطيني فهو الاسير الذي تجند الغرب للدفاع عنه وهوالاسيرالذي شنت لاجله اسرائيل عدوانها على غزة بعد أن فشلت كل الاجهزة الاستخبارية في الوصول اليه وهو الاسير الذي تجاهل العالم الحر أنه لم يدخل غزة زائرا أو سائحا أو رافعا راية السلام بل دخل القطاع على متن دبابة معلنا الحرب على أهلها العزل... للحرية ثمنها والطريق الى الحرية ليس دوما معبدا وهو بالتأكيد لا يخلو من الاشواك والمتاعب والماسي هذا ما أكدته مختلف تجارب الشعوب مع الاحتلال وما يؤكده مجددا الشعب الفلسطيني في مسيرته النضالية المستمرة منذ عقود من أجل السيادة والعدالة والكرامة... بقي السؤا ل المطروح عاد شاليط بالامس الى اهله فمتى يعود بقية الاسرى الفلسطينيين؟