بقلم: الدكتور توفيق بوزيد بدأ التاريخ دورته يوم 1969.10.20 وليس 2011.10.20 بعدما همد الطاغية ولفظ نفسه الأخير. طاغية طغى وتجبر فسبح له البشر. طوقنا سنين بالتقشف وبقي هو خارجه وشدد على ربط البطون الا بطنه؛ فينام مترفا حتى التخمة ونبيت نحن جائعين متسولين. اليوم أيقنا انه بشر مثلنا وله شعر مثلنا وان كان جزء منه اصطناعي. وان دمه يمكن ان يسيل مثل دمنا ويلفظ أنفاسه كالبشر ومن تم سيبعث يوم البعث مثلنا وسيلقى ربه ويداه مخضبتان بدماء آلاف الشهداء والأبرياء وهنا الفرق بينه وبين البشر. سيلقى وجه ربه ولعنات آلاف الثكلى والجرحى والمظلومين تطارده. اليوم بدأ الدرس الأخير لمن يريد ان يتعلم ومن يريد ان يعود عن غيه فمن كان يؤمن بالطاغية فالطاغية قد مات ولن يكون هناك غيره من بعده وليس بالإمكان استنساخه او نفخ الحياة فيه. أربعون عاما ويزيد من الإيمان لابد ان تكون كافية. لم يبق إلا القليل والقليل جدا منهم هنا وهناك متناثرين على اليابسة. فليدعوا ربهم ان ينجيهم...فماذا عساهم فاعلون وزمن الطغاة قد ولى. أما من كان يؤمن بالحرية فقد نجا وفاز، ففجر الحرية قد انبلج وتجلت الحرية في أروع صورها في ليبيا. حرية لم يكن ثمنها ماء أو أي سائل أخر بل ثمنها دم زكي طاهر. بهذا الدم سُطر وكُتب تاريخ جديد.. هذا الدم سكبه الشهيد والجريح رخيصا لوطن ولكنه أعاد إلينا وطنا لا يقدر بثمن أعاد إلينا ليبيا ورفع الظلم عن البشر في ليبيا وفي غيرها. أعادوا إلينا أموالنا وأرزاقنا وخيرات ليبيا ولا نكابر فنحن في أمس الحاجة إلى تلك الأموال. بل هناك إخوة لنا في شتى أنحاء المعمورة يتضورون جوعا نريد أن نطعمهم ولطالما أردنا ولكن لم يكن لنا حول ولا قوة. هذا الدم الزكي صار علينا نحن الاحياء دينا وعلى من بعدنا ووجب الوفاء به. ولكن ألسنا أيضا مذنبين فالاعتراف بالذنب فضيلة. بل يلحقنا بعض من وزر دم الشهداء عن غير عمد. الم يولد الطاغية بشرا مثلنا حملا وديعا ومشى الهوينا. نحن من صنعناه، انه صناعتنا مائة في المائة. وحان الوقت ان نوقف هذه الصناعة. وعلينا ان نجيب عن السؤال كيف صنعناه حتى أوصلنا إلى ما وصلنا إليه ولم نَفق إلا بعدما فقدنا آلاف الشهداء. خطأنا ويقيننا كان قاتلا إننا صفقنا له كثيرا وغنينا له كثيرا لأننا كنا تواقين آنذاك إلى العلا ودون النظر إلى من وقف أمامنا. ذنبنا إننا غمرناه بحبنا وبدون حدود. كان ذلك بعفوية الأرياف والمدن العذراء ثم انقلب حبنا له طلبا لمنفعة حينما صدنا وقابل ذلك الحب الطاهر النقي بالجحود والنكران. بل حين جنحت سفينة ثورته قابل بالنفي أو الأغلال وأعواد المشانق كل من اعترض وأراد التصحيح. صحيح انه كان صنيعة الشعب والشعب اصطفاه وان الشعب اقتلعه لما شاء ولكن الثمن كان مرتفعا وعلينا الآن اليقظة. اليوم من الضروري أن نلغي ذلك الغناء ونحد من التصفيق. هناك شعوب لا تصفق بكلتا اليدين بل بيد واحدة والأخرى هي الطاولة الخشبية أو الحديدية ومن ثم لا يطيلون في التصفيق لأنه مؤلم. ولكن يبقى الدرس الأهم الدرس الذي يجب أن تحفظه الأجيال القادمة أن هذه حرب التحرير الضروس المقدسة قد وحدتنا بعدما عمل الطاغية على تفريقنا عهودا وألغت الحرب فعل تلك العهود المريرة. الدرس هو إننا تحررنا وفقط عندما توحدنا واختلطت الدماء من كل مدن ليبيا وقبائلها. فهل نتفرق بعدما جمع الشهداء كلمتنا. أنرتضي الهوان بعدم عزنا الشهداء. إذا كان للطاغية فضل أو خصلة تذكر له انه فرض علينا الحرب التي بها توحدنا ففزنا وتعرف علينا العالم منبهرا بعدما نسينا العالم عهودا وبعث إلينا العالم بهداياه مهنئا وصرنا أسطورة باعتراف العالم وان كان الثمن باهظا جدا. فيارب أحفظ لنا ثورتنا ووحدتنا ولا تخذلنا بعدما أتممت علينا نعمتك بالنصر ولا بد ان نقول عاليا لا للقبلية ولعلني أوصي بحذف هذه الكلمة التي تمترس الطاغية بها كثيرا ونلغيها من مفرداتنا ومن معاجمنا بالمرة ونلغي ارث واثر الطاغية وتعود ليبيا عذراء وفي ذلك خير ومنفعة للكثيرين ووفاء للعهد. ثورتنا نقلتنا من الخلف إلى الأمام فصرنا في مصاف الأمم والعيون علينا فلا نقع في الهفوات. فنحن الذين نجونا صار العبء علينا مضاعفا، عبء احمال الأمانة ومجد الثورة والوفاء وعبء البناء. والشعب الذي صنع المعجزة قادر على كل الاعباء. فهنيئا لليبيا وللأمة على هذا الشعب، والمجد للشعب ولله الخلود.