هل يكون لانتخابات المجلس التأسيسي تأثيرإيجابي في الاقتصاد؟ وهل يكون لها دورفي جلب مزيد من الاستثمارات وتحسين التصنيف المالي لتونس؟ كلها أسئلة مطروحة اليوم في ظلّ التطورات السياسية التي عرفتها البلاد. «الأسبوعي» تحدثت مع إقبال بدوي مديرعام مؤسسة (فيتش ريتينغ) للتصنيفات المالية في شمال إفريقيا التي أصدرت تقريرا في 20 أكتوبرالماضي تحدثت فيه عن ارتباط مراجعة التقييم السلبي للاقتصاد التونسي بنجاح الانتخابات. ما هي الأسباب التي أسندت «فيتش رايتينغ» على أساسها علامة «بي بي بي» لتونس؟
في البداية يجب أن نذكّر بالظروف التي أسندت خلالها درجة «بي بي بي» السلبية لتونس، فقد التأمت لجنة إسناد الملاحظات يوم 14 جانفي 2011، وسجلت قراءتها للوضع السياسي المربك في تونس، وعلى أساس ذلك أسندت ملاحظة «بي بي بي» تحت المراقبة ، قبل ساعات من رحيل بن علي. وبعبارة أخرى يعني ذلك أنّ الوكالة أعطت تونس مهلة 6 أشهرعلى أقصى تقدير حتى تراقب الوكالة تطورالوضع وتتخذ قرارها بخصوص تصنيف تونس. وقد التأمت لجنة أخرى في 2 مارس 2011 وقررت تخفيض الدرجة المسندة إلى تونس إلى حدود «بي بي بي» السلبية. وأعطت الوكالة تونس مهلة عامين لتقييم مستوى تطوّرالوضعية في البلاد واتخاذ قراربخصوص هذه الدرجات. وهذا القراريمكن أن يكون مزيد تخفيض الدرجة المسندة إلى تونس ويعود هذا التخفيض إلى حقيقة أنّ البلد دخل مرحلة من الاضطراب وعدم اليقين بخصوص استقراره السياسي، وأيضا بسبب الآثار السلبية المحتملة لتحوّل ديمقراطي صعب على مستوى الاقتصاد والمالية العمومية والقطاع البنكي. واستندت هذه التوقعات بشكل كبيرعلى إمكانية أن تفشل انتخابات أكتوبر 2011 في تشكيل حكومة مستقرة تنجح في إرساء سياسات مسؤولة وتحوز على ثقة المستثمرين.
ملاحظو المفوضية الأوروبية ومركز كارتر تحدثوا عن انتخابات شفافة وناجحة، كيف يمكن أن يؤثر ذلك في تقييم مؤسسة «فيتش» للاقتصاد التونسي؟
الانتخابات الديمقراطية الأولى في تاريخ تونس كانت ناجحة على الرغم من المخالفات التي رصدها الملاحظون المستقلون، كما أنّ ردود أفعال الأحزاب الخاسرة نبعت من روح رياضية وتقبل للهزيمة، بالرغم من خيبة أملهم أمام انتصارالنهضة. كلّ تلك المؤشرات إيجابية جدا، حتى وإن كان الطريق مازالت طويلة أمام تونس، فعلى المجلس التأسيسي أن يتوصل بشكل سريع إلى اتفاق بخصوص مدة بقائه وطريقة عمله والشكل الذي يمكن من خلاله أن يصادق الشعب على ما يتخذه من قرارات.
لماذا يضطلع تشكيل المجلس التأسيسي بأهمية كبيرة فيما يتعلّق بمراجعة التصنيف المالي لتونس؟
انتخاب المجلس الوطني التأسيسي هي أوّل مرحلة مهمة في مسارالتحول السياسي الذي بدأ منذ 14 جانفي في تونس. فهي ستسفرعن عقد اجتماعي جديد «للتعايش» بين التونسيين. وستختتم بانتخابات تشريعية ورئاسية من شأنها أن تقود البلاد نحو صفحة جديدة من تاريخها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ونجاح هذا المجلس أمرجوهري لمستقبل تونس. وقياس هذا النجاح سيتم عبرمعرفة المدة التي سيتخذها المجلس؛ فالجميع يعرف أنّ حكومة انتقالية ليست بالأمرالإيجابي بالنسبة إلى البلاد. ومن الجدير بالإشارة أنّه حتى وإن لم يتسن للأحزاب الفائزة الوقت الكافي لإرساء سياسة اقتصادية واجتماعية جديدة، فإنّه من الضروري في هذه المرحلة اتخاذ إجراءات تتعلق بالمشاكل الاقتصادية العاجلة. وقدرة الحكومة الانتقالية على التعامل معها سيكون له تأثير كبير في ضمان الاستقرار الذي يعتبرعاملا أساسيا من أجل تحقيق التقدم الديمقراطي.
مؤسسة افيتش» أكدت انّها يجب أن تكون على دراية بالسياسية التي ستتبع في البلاد، هل يعني ذلك أنّها توصي بسياسة ليبريالية حتى ترفع من التصنيف المسند إلى تونس؟
باعتبارها وكالة تصنيف مالي، «فيتش» تحلل وتعطي رأيها فيما يخصّ قدرة بلد ما على سداد ديونه، وتتسم بالحياد فيما يتعلّق بالخيارات السياسية للبلد، ولا تهتم إلا بتأثير المؤشرات السياسية في أداء الاقتصاد الكلي للبلاد وماليتها العمومية والخارجية، وصلابة نظامها البنكي...
ما هي العوامل السلبية التي من الممكن أن تؤثر في الاقتصاد التونسي في الأسابيع القادمة حسب «فيتش»؟ وما هي العناصرالإيجابية التي يجب أن تتوفر حتى يتطورالاقتصاد بشكل إيجابي؟
عدم الاستقرارالسياسي والاجتماعي هو الخطرالأكبر الذي يمكن أن يؤثر سلبا في تصنيف البلاد. فدون الاستقرار، عودة الاستثمارات ستتأخرمما سيؤدي إلى انخفاض معدلات النمو، وارتفاع البطالة، واتساع عجز الميزانية، ما من شأنه أن يعطل التقدم الديمقراطي. ولذلك، من الضروري أن يعمل القادة الجدد على تحقيق توافق سياسي يجمع كلّ الأطراف. وفيما يتعلّق بالعوامل الإيجابية ، فمن الواضح أنّ تونس قد اختارت الديمقراطية ، كما أنّها تتمتع بصورة إيجابية على المستوى الدولي. وتكمن مهمة الأحزاب الفائزة في دعم هذه الصورة لدى المجموعة الدولية عبرالوفاء لوعودهم ومواقفهم. وستمنح انتخابات 23 أكتوبر للحكومة الشرعية الشعبية التي افتقدتها الحكومة السابقة. وهذا سيساعد على إطلاق إصلاحات اقتصادية بشكل سريع على غرارإعادة هيكلة القطاع البنكي.. وتستطيع تونس أيضا الاعتماد على دعم مالي عالمي خارجي، وهذا أمر حيوي من أجل تجاوز الصعوبات المالية التي انجرت عن المرحلة الانتقالية نحوالديمقراطية. دون أن ننسى التطورات الحاصلة في ليبيا وصعود نظامين ديمقراطيين في تونس وليبيا مما سيمنح البلدين فرص التعاون المتبادل.