- بعد نجاح مرحلة الانتخابات في تونس وانطلاق القوى السياسية الفائزة نحو عملية التحول الديمقراطي يمكننا أن نقول بان المواطن التونسي المتابع لهذه التجربة الديمقراطية بحاجة إلى معرفة تفاصيلها وابرز التحديات التي تواجهها من اجل أن يتمكن من الفهم الذي يؤهله لاتخاذ الموقف المناسب من عملية التحول بالإضافة إلى حاجة المواطن إلى مواكبة الحدث الداخلي والخارجي لكي يكون له موقف ايجابي في إنجاح التغيير الديمقراطي الذي سعى إليه أبناء تونس الأحرار.. كل هذا يحتاج إلى إعلام حر ووطني يقوم بكل هذه المهام فمما لا شك فيه إن الإعلام الحر يلعب دورا مهما في المجتمعات التي تشهد تحولا ديمقراطيا وتمر في مرحلة انتقالية بكل ما تشكله هذه المرحلة من أهمية بالغة في التأسيس للدولة المدنية الحديثة, حيث تحتاج الدولة فيها جهود جميع أبنائها في محاولتها لبناء الإنسان من جديد و بناء دولة المؤسسات الدستورية وترسيخ المفاهيم الديمقراطية الجديدة لتحل محل تلك المفاهيم الخاطئة والتي ترسخت في عقول المجتمع من خلال ممارسات دكتاتورية مارسها النظام التسلطي الذي حكم البلاد قبل عملية التحول الديمقراطي. وهذا ينطبق على التجربة التونسية وكثير من التجارب الأخرى حيث برزت حاجة الدول لوجود إعلام وطني يمارس مهمته في بناء الفرد والمجتمع من خلال رغبة صادقة في إيصال الأفكار والرؤى التي يتبناها هذا الإعلام إلى المتلقي باعتبار ان وسائل الإعلام هي أقوى أدوات الاتصال الحديثة والتي يعتمد عليها المواطن في مواكبة الأحداث التي تجري حوله من اجل أن يتعامل ويتفاعل معها حسب الثقافة التي يكتسبها من محيطه والتي يكون الإعلام المصدر الأول فيها. حيث يقع على عاتق الإعلام الوطني الحر مسؤولية مساعدة المواطن على فهم وإدراك كل ما يحيط به من تطورات وتحولات لتشخيص الأفكار المعادية والهدامة التي تعمل على إفشال التجربة الديمقراطية الجديدة كمايعمل هذا الإعلام على تنمية الحس الوطني وترسيخ مفهوم المواطنة الحقيقية لدى المواطن الذي افتقد للكثير من حقوقه عبر المرحلة التي سبقت عملية التحول حيث كان يعيش في ظل التهميش والظلم لعقود طويلة غابت عنه جميع الحقوق والممارسات الديمقراطية. إن الإعلام التونسي بكل وسائله القديمة كالصحف والمجلات والقنوات الفضائية ووسائله الجديدة كمواقع الانترنت والفيس بوك والمدونات ما زال مطالبا بتوضيح الصورة الجديدة التي طرأت على المشهد التونسي بعد التغيير من خلال التوعية والتثقيف ومساعدة المتلقي في اتخاذ موقفه من هذا التحول حيث يحتاج المواطن الى وسيط نزيه ينقل له ما يحدث بصدق بدون تزييف للحقائق وخاصة ما يحدث اليوم من حراك سياسي لتشكيل الحكومة الجديدة وأشياء أخرى يحتاج المواطن معرفتها وتكوين رؤية صحيحة يتمكن بموجبها اتخاذ مواقف دقيقة.. بالإضافة إلى إن الإعلام يعد من أهم الأجهزة الرقابية التي تتابع وتراقب عملية التحول سيما ونحن نعيش مرحلة انتقالية بحاجة لرصد التجاوزات الحاصلة باعتبار الاعلام سلطة رابعة تتصدى لدورها الوطني في الرقابة ورافدا مهما يعمل على بلورة التصورات التي تسهم في نجاح أي عملية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وترسيخ مبادىء الحرية وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد والاعتراف بالآخر والتعايش السلمي ومفاهيم كثيرة لم يعتد عليها المواطن التونسي. ومن اجل كل هذا نرى بان على المجلس التاسيسي والقوى السياسية وهي تكتب الدستور ان تدعم الاعلام وتراعي حقوق الصحفيين وحرية الاعلام من خلال توفير الغطاء القانوني الذي يمنح هذه المؤسسة مساحة من الحرية تمكنها من ان تكون سلطة رابعة تكمل السلطات الاخرى وتتابع اداءها من اجل تكامل العملية الديمقراطية في تونسالجديدة . * كاتب عراقي