أثار قرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس العاصمة، المتمثل في تسليم البغدادي المحمودي رئيس حكومة القذافي، إلى السلطات الليبية الجديدة، ردة فعل بالغة، من قبل رجال القانون والحقوقيين على حد السواء، متمحورة أساسا في اعتبار هذا القرار سياسيا، وخارقا للاجراءات القانونية، ولا يبرهن إطلاقا عن استقلالية القضاء ونزاهته... وفي هذا السياق عقدت صباح أمس هيئة الدفاع عن البغدادي المحمودي، ندوة صحفية بمكتبة عمادة المحامين بالعاصمة، لتسليط الأضواء على قرار التسليم، وعلى قضية هذا الرجل بصفة عامة... «قرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف القاضي بتسليم البغدادي المحمودي، قرار جائر وينال من هيبة الشعب التونسي ومن ثورته المجيدة التي أطاحت بالظلم والاستبداد.. كما أنه ضرب بقوة حقوق الدفاع وهتكها هتكا كبيرا، إضافة إلى أن الضمانات القانونية لم تتوفر اطلاقا في هذا القرار...». ذلك ما أكده الأستاذ بشير الصيد الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع عن البغدادي المحمودي، خلال الندوة الصحفية، موضحا «أن قرار التسليم ظالم بكل المقاييس القانونية والأخلاقية والدينية، والهدف منه سياسي بالأساس، وفيه تعد على حقوق الإنسان، وخروقات بينة للقوانين والمواثيق الدولية»...
صفقة سياسية؟!
وأضاف الصيد: «كنا نعتبر أن القضاء التونسي أصبح مستقلا بعد الثورة، ولكن يبدو أن ذلك غير صحيح، استنادا إلى هذا القرار الذي يوحي بأن صفقة أو طبخة سياسية تدار في الكواليس، وهذا أمر خطير، على كل أصحاب الضمائر الحية وكل الثوريين التصدي له...». وناشد الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع عن البغدادي المحمودي أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الوقوف دون تسليم هذا الرجل الذي إن تم تسليمه فسيعدم حتما باعتبار أن الوضع القضائي في الشقيقة ليبيا، غير مؤهل في الفترة الحالية لضمان محاكمة عادلة تستجيب لكل المعايير الدولية، على حد تعبير الأستاذ بشير الصيد... وفي تدخله، قال الأستاذ عز الدين العرفاوي، أحد أعضاء فريق الدفاع عن البغدادي المحمودي: «إن غرض هيئة الدفاع وهاجسها الأول هو الدفاع عن القانون التونسي وعلويته وعن المواثيق الدولية ووجوب احترامها...». ونعتقد، والكلام للأستاذ العرفاوي، أن قضية رئيس الحكومة الليبية في عهد القذافي، وقرار التسليم، فيهما تجاوز صارخ للقانون التونسي وللمواثيق الدولية، كما أن القضية تتضمن التواء في الإجراءات... ومن هنا فهذا القرار مرفوض.. مرفوض..
يوم حزين!
«أمس الأول كان يوما حزينا ولافتا في صلب السلطة القضائية التونسية.. وقد اختل مبدأ حق الدفاع اختلالا كاملا... كما تم انتهاك حقوق الإنسان انتهاكا صارخا...». هذا ما أكده الأستاذ مبروك كورشيد في تدخله خلال الندوة الصحفية، متسائلا: «هل يعقل أن يواجه شخص القضاء دون محامييه؟ وذلك، مع الأسف، ما حصل في قضية البغدادي المحمودي... إنها ندبة خطيرة في وجه القضاء التونسي»... ووجه الأستاذ كورشيد دعوة إلى رئيس الجمهورية المؤقت قائلا: «الأستاذ المبزع مدعو إلى أن لا ينهي فترة رئاسته بالإمضاء على قرار غير قانوني، حتى لا يذكره التاريخ بسوء»...
جذب إلى الخلف
وأشار الأستاذ محمد بكار إلى «أن هناك «نواة» في القضاء التونسي تجذب إلى الخلف، وعلينا التصدي لها موضحا أن قضية البغدادي هي في الحقيقة مؤامرة لا بد من افشالها...». كما دعا محام شاب ينتمي إلى هيئة الدفاع عن البغدادي المحمودي إلى مناظرة تلفزية مع كل أطراف هذه القضية، حتى يكون الرأي العام الوطني والعربي والدولي على بينة من كل تفاصيلها ومفاصلها.. ويجدر الذكر أن هيئة الدفاع عن رئيس الحكومة الليبي السابق، تقدمت منذ أسبوع بمطلب اطلاق سراح منو بها إلا أن دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة وبعد قرارها التسليم أول أمس، رفضت أمس مطلب اطلاق سراح البغدادي المحمودي...