بقلم: أمحمد ضيف الله لم توظّف حكومتا ما بعد 14 جانفي 2011 زيادة في أسعار المواد الأساسيّة ومع تواتر الأحداث في بلادنا على المستويين السّياسي والاجتماعي نسيت الحكومة أو تناست ربما الزيادات في الأسعار التي كنا قديما نمسي عليها ونصبح وكأنّها قدر التّونسي المحتوم ولكن لماذا والحال كما يقال لنا هو حال سيّء من المنظار الاقتصادي، لم ترتفع الأسعار؟ البعض أجاب بلغة المتحرّر أنّ الحكومة تخاف ردود أفعال الشارع ذاك الشارع الذي أنجز ثورة لن يتردد في انجاز أخرى إذا ما دعت الحاجة لذلك بيد أن المفارقة العجيبة أن أطرافا أخرى قامت بدور الحكومة فرفعت الأسعار بشكل جنوني حتى أننا صرنا نتمنّى أحيانا لو أنّ الحكومة تعود لتمسك بالبوصلة وتقنن كعادتها الزيادة فهي أرحم من هؤلاء الذّئاب الذين يطلق عليهم.. تجّار.... ولعل الزّيادة الوحيدة التي أعلنت عنها الوكالة الوطنيّة للتبغ هي تلك التي تتعلّق بأسعار بيع السجائر المحليّة والمستوردة في سابقة لم نعهدها حيث أن إعلان تعديل أسعار منتجات الدولة تتبناه وزارة الماليّة عادة في حين تتولّى وزارة التّجارة إعلان الزّيادة في المواد الأساسيّة. وعلى الرّغم من أنّ السّجائر في تونس كغيرها من البلدان هي بين شفاه عدد كبير جدّا من النساء والرّجال يوميّا في كل جزء وناحية من نواحي البلاد بيعا واستهلاكا وتهريبا. لكنّنا (نتعفف) دوما عن الحديث عنها في المنابر الإعلامية ومصنفة كأحد المواضيع المسكوت عنها. وخلافا لعدد كبير من الدّول فانه في بلادنا يتدخّل أكثر من طرف في تجارة السّجائر بدءا بقمرق الدّخّان كما يسمى عندنا إلى الحمّاص وصولا إلى ذاك الواقف على قارعة الطّريق أو في محطّات النّقل العمومي انتهاء بأطفال يتجوّلون في المقاهي لإيصال النكهة إلى محبيها. أحد أنواع السجائر العالميّة الشّهيرة شملتها الزّيادة فأصبحت العلبة تباع بسعر 4450 بدلا من 4150 بحسب البلاغ أما بالتفصيل أي البيع بالسّيجارة (لا توجد هذه الطريقة سوى في تونس) فانّ ثمنها هو 250مي. سابقا أيّ أّن هامش الربح يصل إلى 850مي للعلبة ولكن بعد الزيادة السابقة الذّكر قرّر المتدخّلون المذكورون أي يصبح سعر السيجارة 280مي أي بهامش ربح يصل إلى 1150مي وهنا يطرح السّؤال نفسه ما الهدف المعلن وغير المعلن من الزّيادة التي أقرتها الدولة؟ هل هو احتواء لتقلب سعر الصرف للعملة الصّعبة ؟ أم هو تحفيزا للمدخنين كي يتوقفوا ؟ إذا كان الجواب الثاني فقد جانبت الحكومة الصواب تماما لأن 4 أضعاف تلك الزيادة إنما ذهبت إلى جيوب الباعة وبالتالي إلى بطونهم التي لا تمتلئ أبدا حتى أن أحدهم ألمح إلى أن مثل هذه الزيادات مرحب بها في أوساط السماسرة الذين أنجبتهم الثورة خارج إطار الزواج الشرعي..فهل آن الأوان لمثل هؤلاء وغيرهم كثر أن يشبعوا ؟ أم أنهم لا يعرفون القناعة والشبع أبدا. إن فئة كبيرة ممن أتينا على ذكرهم كانوا يثيرون فينا الشفقة خلال العهد البائد بسبب المطاردة اليومية لأعوان البوليس والمراقبة البلدية لكن الواقع (الثوري الحالي) أثبت لنا أنهم كانوا ضباعا في لباس خرفان...