"الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها تونس بعد الثورة وتحديدا خلال العشرة أشهر الأولى من السّنة الجارية، ستتواصل خلال سنة 2012 وتتطلب هذه المسألة الجدية وفاقا حقيقيا وتشريك كل الحساسيات واجراء استشارات موسعة حول الاشكاليات المطروحة وسبل معالجتها".. هذا أبرز ما أشار إليه تقرير جديد أعدته وزارة التخطيط والتعاون الدولي... كما أكد هذا التقرير تواصل التداعيات غير الملائمة للوضع الاقتصادي والاجتماعي من حيث تقلص النمو وإحداثات مواطن الشغل، وينتظر في هذا الصدد أن يبلغ عدد العاطلين عن العمل نحو 650 ألف شخص أواخر السنة الجارية مقابل 490 ألف شخص سنة 2010".. وستتواصل الصعوبات من حيث تراجع نسق الاستثمار بسبب تأخّر إنجاز العديد من المشاريع في القطاع العام وحالة الانتظار لدى المستثمرين الأجانب والمستثمرين التونسيين الأمر الذي سيؤثر على نسق النمو خلال السنة القادمة.. إضافة إلى الضغوط الناجمة عن التعويض واختلال توازنات العديد من المؤسسات نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية المورّدة وارتفاع كلفة الانتاج بصفة عامة مقابل عدم اجراء أي تعديل على الأسعار المحلية للمواد المدعمة والخدمات ذات الأسعار المؤطرة مما يسبب ارتفاعا في نفقات التعويض لتبلغ حوالي 3000 مليون دينار خلال سنة 2011. كما ستتواصل الصعوبات بسبب تواتر الاضرابات وكثرة المطلبية وتفاقم التجارة الموازية واستفحال البناء الفوضوي وتعمد بعض الأعوان الاخلال بواجباتهم المهنية والتهرّب من خلاص الخدمات.. إضافة إلى الانعكاسات الاقتصادية التي يمكن أن تنجر عن مخلفات الأوضاع القائمة في ليبيا التي تمثل الشريك التجاري الثاني لتونس.
أولويات
وتتمثل أهم الأولويات الاقتصادية المطروحة وفق ما أكد عليه التقرير في استرجاع النسق العادي للنمو ودعم احداثات الشغل وتكثيف الاستثمارات في البنية الأساسية واقرار برامج للفئات الضعيفة وتوجيهها لمستحقيها وتوفير المناخ الملائم للاستثمار وتدارك النقائص المسجلة في هذا المجال واسترجاع ثقة المستثمر التونسي والأجنبي. ويتطلب تحقيق هذه الأهداف حسب ما ذهب إليه خبراء وزارة التخطيط والتعاون الدولي الذين أعدوا التقرير في التوصل إلى وفاق بين كل الحساسيات حول المسائل المطروحة وحول كيفية معالجتها وذلك في إطار استشارات موسعة.. كما يستوجب الأمر دعم حصة الادخار الوطني في تمويل الاقتصاد خاصة وأن مساهمة ميزانية الدولة في انجاز الاستثمار في البنية الأساسية ستكون هامة خلال السنوات القادمة.. ويتطلب تطوير الاستثمار الخاص وتحسين مناخه بدعم الشفافية. وعلى المستوى الخارجي يجب تعبئة الموارد المالية اللازمة من هبات وقروض ميسرة ودعم الاستثمار الأجنبي المباشر ودعم التصدير للأسواق الجديدة وتطوير التعاون الفني والتوظيف بالخارج.