تجاوزت الثورة اليمنية شهرها العاشر دون أن يقطف المنتفضون على نظام الرئيس علي عبد الله صالح والذين يشكلون أغلبية الشعب اليمني ثمار نضالهم وتشبثهم بحقهم في استنشاق نسمات الحرية التي لاحت في الأفق العربي. ومع ذلك مازالوا على إصرارهم في الحفاظ على سلمية ثورتهم، رغم ما أبداه النظام من تعنت ووحشية في قمع المظاهرات. وفي المقابل، يستمر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في شطحاته على المبادرة الخليجية رغم صدور قرار أممي يلزمه بتوقيعها. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في خضم استمرار المأزق: لماذا لم يسلط الضغط الدولي وتحشد الحملات المناهضة والداعية الى تنحي صالح الذي لم يحترم قرار مجلس الامن القاضي بتنحيه، مثلما حشدت في ثورتي ليبيا وسوريا اللتين إندلعتا بعد الثورة اليمنية؟ فاليمن التي تعد أفقر البلدان العربية ليست بمرتبة ليبيا ذات الثروات النفطية الهائلة التي أسالت لعاب البلدان الغربية، بحيث أصبحت البلدان المنضوية في حلف الشمال الأطلسي - الذي تدخل في الصراع الليبي ورجح كفة الثوار، تحظى بنصيب الأسد من عقود الشراكات النفطية المبرمة مع حكام طرابلس الجدد الذين دفعوا الثمن باهظا.. كما يفتقر اليمن للموقع الإستراتيجي التي تحظى به سوريا في المنطقة الشرق أوسطية، حيث الدافع الأساسي وراء الضغط الدولي التي كرسته الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل تنحي الأسد، هوالإطاحة بنظام حليف لإيران و"حزب الله" في لبنان وبالتالي توجيه ضربة موجعة وبشكل غير مباشر الى طهران تكرس انعزال نظامها سياسيا في منطقته. البلدان الغربية لن تجد بديلا عن هذه الفرصة السانحة للتخلص من نظام الأسد والمساهمة في رسم ملامح نظام جديد يتماشى مع مصالحها في المنطقة. ولعل غياب الضغط الدولي على صالح في اليمن يرجع بالأساس أيضا الى أن نظامه يعتبر حليفا للولايات المتحدة وعينها الساهرة على الصادرات النفطية للمملكة العربية السعودية بإتجاه أمريكا، واليد التي تحارب مسلحي "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية، وجدار الصد أمام المد المذهبي الشيعي الإيراني الذي يريد أن يتخذ من اليمن بداية لتوغله في الخليج العربي. لقد ظهر بالدليل القاطع أن البلدان الغربية لم تتدخل في سوريا وليبيا إلا من أجل حماية مصالحها الإستراتيجية أوبناء حلفاء جدد مع بلدان لطالما كانت أنظمتها شوكة في حلق الولاياتالمتحدة. فالشعارات التي رفعت كحماية المدنيين ونبذ العنف والقمع وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، هي مجرد حبر على ورق ومبادئ واهية لتبرير التدخل في شؤون الداخلية للبلدان. هل ما إقترفه نظام صالح في حق شعبه ليست بجرائم مثل التي إقترفها القذافي في ليبيا أو الأسد في سوريا؟ هل القتلى التي تسقط بالعشرات في اليمن بمدفعيات النظام وبرصاص قناصيه ليسوا بمدنيين كإخوانهم في سوريا؟ ألا يمكن أن تصنف في خانة جرائم حرب؟ لكن اليمن بلد يتخبط في فقره لا يرجى منه شيئا.. أمام انتهازية الغرب.