بقلم: حسين علي الحمداني بصفتي مواطنا عراقيا أجد من واجبي أن أرد على المقال الذي كتبته في جريدة «الصباح» بتاريخ السبت 19 نوفمبر تحت عنوان «صورة بشعة» متمنياً أن لا يزعجك هذا الرد أو يقلل من قيمة أي مواطن تونسي يعيش في هذا البلد الذي عانى من الشمولية والدكتاتورية في حقبة بن علي. المواطن أو الشاب التونسي يسري ، جاء للعراق في أوج الأحداث الساخنة وقام بالتخطيط والتفجير لمرقدين من مراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام في مدينة سامراء ، وأنت تعرف بأن 70% من أبناء الشعب العراقي من الشيعة الموالين لآل بيت الرسول عليهم السلام ، إذن جاء هذا الشاب لينال من مقدس من مقدساتنا نحن العراقيين ، ولم نكن لنحاسبه لو جاء يرشدنا كيف نبني الوطن وكيف نتخلص من تداعيات النظام السابق ، وكيف نتآخى ونتوحد ، بالعكس كنا سنحتضنه ، لكنه شأنه في ذلك شأن السعوديين والقطريين والأردنيين حملوا إلينا أحزمة ناسفة قتلت منا أكثر مما تتصورون ، قد يكون الرقم لا يهم بقدر ما أن المهم أنهم جاؤوا ليقتلوا العراقيين على الهوية ، هل تعرفون ما معنى القتل على الهوية ؟ من كان اسمه حسين وعلي وعباس وعبد الزهرة هذا شيعي يجب أن يقتل ، ومن كان اسمه عمر وعثمان هذا سُني يجب أن يقتل ، لهذا سيدي الفاضل كانت جثث من أسمائهم عمر وعلي في مكان واحد ، هل تصدق في يوم واحد قتلوا في مكان واحد عشرة أشخاص أسماؤهم جميعا علي وعمر !! ربما لا تصدقون هذا ، لكننا تعايشنا مع هذا الوضع وأدركنا بأن السُني لا يقتل الشيعي وبالعكس بل هنالك طرف ثالث يقتل الجميع ، لا اقصد هنا الشاب التونسي يسري بل أقصد من أرسله وأرسل غيره من الشبان العرب وغرهم بالجنة الموعودة التي تنتظرهم في العراق. من أرسل هؤلاء ليس الشعب التونسي الذي تربطني به أخوة ومحبة ، أنا شخصياً كنت أتلقى دواء يصلني شهريا من فتاة تونسية في سنوات الحصار علينا ولا زلت أدين لها بحياتي ، وكنت أتلقى حتى قطع الشكولاطة التي غابت عن أسواقنا في العقد الأخير من القرن الماضي، فلا يمكن أن يكون الشعب التونسي هو من أرسل الإرهابيين إلينا ، لأن الشعب التونسي معدنه الأصيل يجعله يرفض الإرهاب حتى وإن كان مصدره شاب أغرته القوى الإرهابية بأن يفعل ما فعله بنا وبغيرنا. حقيقة والله يشهد على ما أقول منذ نجاح ثورة الياسمين في تونس كنت أشد الفرحين بها وكنت أعيش هواجس وأصلي لأن لا يتكرر ما حدث لدينا من أعمال إرهابية ، وأوصيت أصدقائي وكل الذين أعرفهم في هذا البلد الرائع بأن يكونوا صفاً واحداً ضد من يعكر الأمن وينفذ أجندات خارجية ، مبعث خوفي سيدي الفاضل بأن بن علي لجأ للسعودية وما أدراك ما تحيك السعودية من أجندات .. لا زالت في حالة خوف عليكم وعلى دول الربيع العربي .. أصلي للسلام كما أنتم تصلون له .. ما حدث ليس إعداما لشاب تونسي ، بقدر ما هو إعدام لفكر إرهابي لا نريده أن يصلكم .. انتم بلد في طريقه للديمقراطية وستكتبون دستوراً أنا واثق سيكون محل إعجابنا جميعا لأنكم شعب معروف بثقافته وعطائه .. أنت تسأل ما ضر لو أن قرارا رئاسيا صدر بتعليق تنفيذ الحكم أو - لم لا - بالعفو عن يسري الطريقي ؟ الجواب يكمن بأن الدستور العراقي رغم اعتراضكم عليه يُحرم على رئيس البلاد ورئيس الجمهورية إصدار عفو ، والعفو يصدر فقط من قبل البرلمان ويصادق عليه رئيس الجمهورية . وهذا يجعلنا نقول بأن لا أحد يستطيع إصدار عفو عن مجرم لأن من يصوت على القرار سيفقد مقعده في الانتخابات القادمة. قد يكون قرار العفو يسعد أبناء تونس لكن التوانسة لا ينتخبون البرلمان العراقي ، ونحن لم ننتخب برلمان تونس ، والعملية هنا لها أبعاد كثيرة. وختاماً أردد ما قلته في مقالك (ملامح تلك الصورة البائسة والبشعة الحاصلة في ذهنه ومخياله عن عراق نوري المالكي ومقتدى الصدر... عراق السواد والمشانق والحقد الطائفي... عراق العلمين العراقي والأمريكي...) ربما كان الأجدر أن تقول عراق أسامة النجيفي رئيس البرلمان ، وجلال طالباني رئيس الجمهورية ، ولكن لا أعرف لماذا ركزت على نوري المالكي ومقتدى الصدر ، ربما نظرت للأمر من زاوية طائفية وأنا أعذرك في هذا لأن العراق هو بلد طوائف منذ فجر التاريخ وليس الآن ، والعراق بلد والله لو تنظرون له من زوايا أخرى ستجدونه البلد الطيب ، المعطاء ، العروبي ، المسالم ، أنظروا للعراق من زوايا أخرى وحينها ستكتشفون بأننا عانينا من الإرهاب الذي صًب علينا من جميع الجهات.