موسيقى الهيب هوب وعشاقها، فئة همّشها المشهد الثقافي التونسي منذ سنوات نشأتها فهؤلاء الفنانون كانوا دوما محل انتقاد من قبل المجتمع بسبب أسلوب غنائهم وطريقة لباسهم. وأغلب منتقدي الهيب هوب لم يحضروا الحفلات المخصصة لهذا الفن ولم يستمعوا بعمق لكلمات أغانيهم غير أن شعبية هؤلاء المغنيين كبيرة بين الشباب التونسي رغم غياب دعم السلط المعنية والإعلام لهذا الفن. أغاني الهيب هوب المحليّة كانت دوما صوت الأغلبية الفقيرة المضطهدة والمهمّشة ولعّل ثورة 14 جانفي تعدّ منعرجا هاما في مسيرة هؤلاء الفنانين بعد أن أنصفت أعمالهم وأصبح حضورهم في سهرات سنة 2011 كثيفا حتى لا نقول مسيطرا على جلّ البرامج الشبابية المقترحة ضمن نشاطات وزارة الثقافة وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني. وليلة أول أمس كان لرواد دار الثقافة ابن رشيق، موعد متجدد مع إيقاع الهيب هوب وهذه المرة أمّنته الفرقة الأمريكية «Legacy»، التي تقوم بجولةإفريقية إنطلقت من الجزائر مرورا بتونس ثم السودان وذلك بدعم من وزارة الثقافة والمحافظة على التّراث وسفارة الولاياتالمتحدة بتونس. وشهدت سهرة المجموعة الأمريكية والمنظمة تحت شعار «كسر الحواجز اللغوية والثقافية عبر الموسيقى»، حضورا كبيرا من طرف الشباب المحب للهيب هوب حيث بدأت تتوافد الوجوه المفعمة بالحيوية والرغبة في الإنعتاق منذ السادسة مساء من أول أمس. شباب غنّوا ورقصوا طيلة ساعتين من الزمن ودون توقف..تحت حراسة أمنية- على غير العادة- لفتت الانتباه أمام مقر دار الثقافة ابن رشيق.. سهرة المجموعة الأمريكية مع الجمهور التونسي طغى عليها تفاعل واضح ورغبة في اكتشاف الآخر إذ طلب مغني الفرقة زايد محمد من الحاضرين إعتلاء الرّكح والرقص على إيقاعات كلماته ولم يخش هؤلاء الشباب حرفية الأمريكيين وكانوا في مستوى المنافسة ورقصوا «البريك دانس»، فيما غنت مطربة المجموعة ذات الصوت القوي إحسان محمد على إيقاعات الجاز والسول كلمات تتغنى بالحب والسلام والفن وأثارت إعجاب الحاضرين لجمال أدائها صحبة عازف القيتار «بان مينرز». وكشفت سهرة «كسر الحواجز اللغوية والثقافية عبر الموسيقى» عن عدد من المواهب التونسية في موسيقى الهيب هوب فرغم أن الصوت لا يعدّ العنصر الأهم لممارسة هذا الفن القائم على الحركة والكلمة إلا أن مغنيي الهيب هوب التونسيين ليلة أول أمس كانوا يتمتعون بأصوات جميلة لا ينقصها سوى الدّعم والتأطير من قبل السلط العمومية المسؤولة على القطاع الموسيقى وشركات الإنتاج الخاصة.