طالب السينمائي والمسرحي التونسي منجي الفرحاني المقيم بهولندا منذ أكثر من عقدين مخرج الفيلم الوثائقي «شرارة» الذي عرض مؤخرا بتونس، الأطراف المشرفة على القطاع الثقافي عامة والسينمائي والسمعي البصري خاصة بمنح أوفر فرص العرض لهذا الفيلم الذي أنجزه كهدية منه لصانعي الثورة في تونس باعتبار أنه يتمحور حول منبع شرارة الحدث الذي غير مجرى الأحداث والتاريخ في تونس والوطن العربي انطلاقا من سيدي بوزيد. لأنه يرى أن الفضل يعود لأهالي هذه الجهة في تحريك سواكن المواطنة لكل تونسي في كامل جهات الجمهورية، والذي انتفض على النظام الديكتاتوري أواخر السنة الماضية. علما أن هذا الشريط الوثائقي الذي تبلغ مدته 52 دقيقة أنجزه صاحبه خلال الأيام الأولى للإطاحة بالنظام المخلوع وكان أبطاله شخصيات حقيقية اضطلعت بدور كبير في الثورة التي اندلعت بسيدي بوزيد بما في ذلك عائلة البوعزيزي. وسبق ان شارك هذا الفيلم في مهرجان روتردام للفيلم العربي بهولندا في دورته الأخيرة وعرض في إطار تكريم الثورات العربية. ولم يخف منجي الفرحاني تفاؤله بمستقبل تونس لا سيما التحول المرتقب في الميدان الثقافي بمختلف قطاعاته ليقينه بأن الثقافة هي البوابة الوحيدة تقريبا التي تؤدي إلى مطلب كل مواطن تونسي وهي الحرية والقطع مع الأحادية في الرأي والقرار من جهة وتعرية الحقائق ونقدها قصد المعالجة والتأسيس من جهة أخرى. واعتبر أن الناشطين في مختلف القطاعات الثقافية هم المسؤلون بدرجة أولى عن مستقبل هذا الميدان. وعلل محدثنا سبب اختيار الإقامة بالمهجر بما واجهه من صعوبات منذ بداية سعيه لتحقيق حلمه الفني الذي نشأ معه في المحيط الفني الثري المنفتح على عديد الفنون حيث نشأ بالكاف مما دفعه «للحرقة» إلى أيطاليا أواخر الثمانينات أين أتم دراسته العليا بالتخصص في المسرح لذلك تكون انطلاقته من هولندا حيث يعتبرها انطلاقته الحقيقية في عالم المسرح والسينما ويقول في ذات الإطار: «في هولندا استطعت التفرغ للفن من خلال تدريس المسرح وممارسته حيث قدمت مسرحيتين باللغة الأنقليزية على طريقة «الوان مان شو» لاقتا استحسان المتلقي وأهل الاختصاص هناك، إضافة إلى إقامة معارض في الرسم فضلا عن مشاركات في بعض الأعمال المسرحية والسينمائية».
هاجس الإبداع
واعترف مخرج فيلم «شرارة» أنه أصبح مسكونا بهاجس العمل والإبداع في تونس بعد أن كانت كل الأبواب موصدة أمامه واعتبر أن ما يعرفه المجتمع من حراك تطغى عليه الصبغة السياسية لا يعدو أن يكون انعكاسا لترسبات من القمع للحريات وهي حسب تعبيره شكل من أشكال القطع مع المعاناة التي كانت تعيشها الثقافة في تونس قبل 14 جانفي. وبيّن أنه بدأ الإعداد لبعث شركة إنتاج بالكاف في إطار دعم الجهة نظرا لما يتوفر بها من أرضية ثقافية وفنية تشجع على الإنتاج والإبداع. وفيما يتعلق بجديده في السينما أوضح منجي الفرحاني أنه بصدد إنجاز فيلم وثائقي حول المدعو «سمير بن علية» أحد الهاربين من حكم المخلوع الذي قضى ما يقارب 23 سنة مختفيا في دهليز بمنزل عائلته، إضافة إلى فيلم طويل مشترك بين هولنداوتونس، ومن المنتظر أن يكتمل هذا المشروع الذي يشاركه في كتابة السيناريو له سمير الغزواني خلال الأشهر الأولى من السنة القادمة.