لم تأت المرحلة الأولى من الانتخابات في مصربما يخالف التوقعات ، فقد سجّل الإسلاميون والسلفيون حضورهم بقوة عبرمراكز الاقتراع ، ما يعني أنّ أمام المجلس العسكري المكلف بتسييرشؤون البلاد منافس قوي على السلطة. بل إنّ المرحلة القادمة ستشهد حسب مراقبين صراعا شديدا بين العسكرالذين يتخوفون على مصالحهم وامتيازاتهم والإسلاميين الذين مكنتهم قاعدتهم الشعبية الكبيرة من الصعود في الانتخابات التشريعية المصرية. وأمام صعود الإخوان مازال حضورالمؤسسة العسكرية قويا، وقد برزخصوصا خلال الأحداث الأخيرة التي جرت في ميدان التحرير؛ فبالرغم من أن قوات الأمن أطلقت الرصاص على المتظاهرين، فإنّ ما وصفته الصحافة الأجنبية بالثورة المصرية الثانية لم تعزل الجيش عن كرسي الحكم ، بالرغم من أنّ مظاهرات مماثلة نجحت في طرد مبارك بعد 3 عقود. دستور ديني أو عسكري ولا يبدو أنّ المؤسسة العسكرية العريقة في مصرالتي لم تغب عن الحكم خلال الستين عاما الماضية، جاهزة لترك كرسي الحكم، بل أعلنت قبيل الانتخابات عن أنّ الدستورالقادم للبلاد سيبقي لا محالة على دورالجيش في مصروصلاحياته. في خطوة استباقية لفرض أمر واقع على البرلمان والرئيس القادمين. أما الإخوان فلا يمانعون من كتابة دستور ديني حسب مراقبين يتناسب مع رؤيتهم للبلد ومشروعهم الديني. تحالف بالإكراه ويفسر ّإصرار المجلس العسكري على البقاء في السلطة بتخوفه من الملاحقات القانونية أو المحاكمات أو خسارة الامتيازات السياسية والاقتصادية التي تمتع بها لعقود؛ لذا سارع منذ بداية توليه تسيير شؤون البلاد إلى أن يفرج عن السلفيين والإخوان من السجون، وتعويضهم عن السنوات التي قضوها وراء القضبان بملايين الجنيهات ، فقد كان العسكرعلى دراية بأنّ الإخوان سيقودون المرحلة القادمة ولم يكن من الممكن تجاهلهم أو إقصاؤهم. كما تفطن المجلس العسكري منذ البداية إلى ضرورة التنسيق مع الإخوان المسلمين الذين يعتبرون أكثرالقوى تنظيما في مصر واستمالتهم إلى صفه بدل تحويلهم إلى منافسين أو أعداء. إلا أنّ تواتر الحديث عن صفقة بين المؤسسة العسكرية والإسلاميين في مصر بدأ خاصة مع رفضهم الخروج في إحدى المظاهرات المليونية الداعية إلى رحيل الجيش. فمن المرجح أن يعود الإخوان إلى براغماتيتهم من جديد فيسمحون للمجلس العسكري بلعب دور في السلطة من وراء الكواليس. وبغض النظر عن طبيعة الصفقة التي ستعقد بين الإخوان والجيش فإنّ كلا منهما لن يتخلى عن السلطة بسهولة . ولا يمكن أن ترسم المرحلة القادمة في مصر بمعزل عن القوتين مهما كانت المطالب الشعبية أو الأجندات الأجنبية.