عشية الانتخابات التشريعية الباكستانية المقرّر إجراؤها يوم الثامن من الشهر القادم اهتز الشارع الباكستاني أمس نتيجة تفجير انتحاري لقيت خلاله رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو مصرعها أثناء تجمّع لحزبها. ويأتي هذا الحادث فيما تصاعدت وتيرة الحملات الانتخابية في هذا البلد مع خروج القادة السياسيين المعارضين إلى الشوارع للإلتقاء مع ناخبيهم لتحريضهم على التّوجّه بكثافة إلى صناديق الإقتراع في هذا الموعد الانتخابي من أجل تغيير الوضع القائم مشنّين في الأثناء حملات قويّة ضدّ الرئيس برويز مشرف. وكانت بي نظير بوتو ونواز شريف زعيما المعارضة الباكستانية ورئيسا الوزراء السابقان اللذان كانا منفيين حتى وقت قريب قد تعهّدا بالعمل معا أملا في إحداث هذا التغيير. لقد جاء هذا الحادث الانتحاري الذي راحت ضحيته بي نظير بوتو وعدد من أنصارها بعد محاولات اغتيال أخرى حيث سبق لموكب بوتو أن كان هدفا لتفجير انتحاري في أكتوبر الماضي قتل خلاله عشرات الأشخاص في مدينة كراتشي في اليوم نفسه الذي عادت فيه إلى البلاد من منفى اختياري استمر ثماني سنوات. كما حصل هذا التفجير بعد ساعات قليلة فقط من مقتل عدد من أنصار نوّاز شريف عندما فتح عليهم أعضاء من حزب سياسي آخر النار أثناء مسيرة كانوا يشاركون فيها. ويبدو أنّ المعارضة بزعامة بوتو وشريف قد صمّمت على كسب الانتخابات التشريعية في مسعى لإعادة الديموقراطية إلى هذا البلد بعد نحو ستة أسابيع من فرض حالة الطوارئ في باكستان والتي كانت قد رفعت منذ أسبوعين تحت ضغط داخلي ودولي والتي اعتبر الرئيس برويز مشرف إعلانها آنذاك ضرورية لحماية البلاد من هجمات إرهابية. لقد عرفت باكستان منذ انفصالها عن الهند أواخر أربعينيات القرن الماضي أحداثا دموية خطيرة راح ضحيتها عدد كبير من السياسيين كان أبرزهم والد بي نظير بوتو ذو الفقار علي بوتو الذي نفذ فيه حكم الإعدام في أفريل 1979. وكان وصول الرئيس الحالي ذاته إلى الحكم بعد أن أطاح بنواز شريف إثر إنقلاب في أكتوبر 1999... وسجلت خلال فترة حكمه وإلى حدّ الآن عديد التفجيرات الانتحارية والاغتيالات إلى جانب الهزّات الاجتماعية والصراعات السياسية والتوترات التي بلغت مداها بعد قرار عزل رئيس المحكمة العليا. ومع ذلك يبدو أنّ الرئيس مشرف بعد تخليه عن قيادة الجيش منذ فترة وجيزة عازم على كسب نتائج هذه الانتخابات رغم المعارضة الشديدة في الشارع الباكستاني لسياسته الداخلية. وباغتيال بي نظير بوتو من الوارد أن تتغيّر عديد الحقائق والحسابات بناء على مدى ما سيقرّره الشارع الباكستاني بعد خروجه من حالة الذّهول التي اكتسحته إثر هذه العملية الانتحارية التي أودت بحياة أحد رموز الدولة الباكستانية.