ماذا حدث يوم السبت 4 ديسمبر الجاري أمام مجلس النواب بباردو؟.. السؤال ليس الهدف منه العودة الى سرد ما حدث بل الهدف هو الكشف عما تُحِيلُنَا عليه هذه الأحداث من استفهامات غريبة حول طبيعة الاعتصام منذ انطلاقه والذي كان الهدف منه حث أعضاء المجلس التأسيسي على مراعاة مصلحة البلاد وعدم الزيغ عن تحقيق أهداف الثورة ثم تحول الاعتصام بفعل فاعل أو إراديا الى صراع بين الحداثيين واليمين ليصبح في ما بعد من خلال ما اصطلح على تسميته بالاعتصام المضاد الذي قادته أطراف محسوبة على حركة النهضة صراعا بين اليمين واليسار فكان في نهاية المطاف اعتصاما موجها ضد حركة النهضة لوحدها... وكأن النهضة هي التي تحكم لوحدها (قبل أن تتشكل الحكومة) والمعتصمون (حتى وإن انضاف اليهم معتصمون لهم مطالب اجتماعية بعيدة عن الحراك السياسي) ليسوا إلا معارضين اقتضى الامر لحل اعتصامهم الاستنجاد بمناصرين «للحركة» حتى لا نقول في مرحلة أولى «ميلشيات» تسهر على تحقيق أهداف الحزب الحاكم خاصة أنه يوم تمت دعوة أصحاب الاعتصام المضاد للانسحاب من قبل قياديين من «النهضة» ظهر طرف ثالث وجهت اليه تهمة الاعتداء على المعتصمين. إجابة عن بعض هذه الاستفهامات يقول منذر بلحاج علي أستاذ القانون الدستوري وأحد مناصري الاعتصام وأيضا أحد المتواجدين فيه :«...الاعتصام بدأ من احساس وفكرة.. احساس بالخوف الى ما قد تؤول اليه الأمور بعد تشكل الثلاثي وصدور المشروع الأولي للقانون المنظم للسلط العمومية والقانون الداخلي للمجلس التأسيسي... ومن جانب ثان تخوف من أن تطول فترة المجلس التأسيسي وما تصويت ثلاثي الائتلاف على الفصل الأول ورفض مشروع التنقيح القاضي بسنة مع امكانية التمديد لفترة واحدة بستة أشهر إلاّ تأكيد لمشروعية هذا التخوف إذ قد تطول الفترة الانتقالية دون حسيب ولا رقيب..». التحكم في خيوط اللعبة ولاشك أن «النهضة» التي تغوّلت في المجلس التأسيسي ستتغوّل أيضا على الحقائب الوزارية المفتاح مع منح رئيس الحكومة كل الصلاحيات ما يؤكد الانطباع على أن «النهضة» هي التي تحكم وتتحكم في خيوط اللعبة السياسية وكل اعتصام مهما كان نوعه قد يعني أنه ضد «الحزب الحاكم» حتى لو كان ذلك بصفة مؤقتة وهنا يقول :« الفكرة التي انطلقت من مشروع التحالف الثلاثي المتعلق بتنظيم السلط العمومية ذاته وتصرف حركة النهضة وحلفائها يحيل على أننا أمام تركيز وتجميع للسلط سواء بين مختلف السلط أو داخل السلطة التنفيذية نفسها وهذا ما يذكّر حتما بالرئيس السابق ووضعه تجاه السلط علما وأن هذا الوضع الجديد ورغم كل الفوارق سيعيد انتاج النظام الاستبدادي ولو بجبهة أخرى وتحت مسميات جديدة وبأشخاص آخرين.. كل هذا أدّى الى الاعتصام ويكبر هذا الاعتصام ويتعاظم شأنه بقدر ما تُوغِلُ الاطراف المتحالفة الثلاثة في ذلك التمشي..» أسئلة حائرة وما لا يختلف فيه المحللون والمتتبعون للشأن السياسي والمداولات يفسر ما حدث ذات سبت لكن قبل ذلك كيف تعاملت النهضة مع الاعتصام؟ هنا يقول أستاذ القانون الدستوري منذر بلحاج علي :«حاولت حركة النهضة المراوغة أولا بأن تقدّم هذا الاعتصام على أنه اعتصام للقوى السياسية اليسارية ضد اليمين فلم ينطل ذلك إذ أن أغلب مكونات الاعتصام ليست قوى سياسية يسارية بل تشتمل على مواطنين ليس لهم أي انتماء سياسي.. ومع اشتداد الملاسنات داخل المجلس وخارجه ارتأت حركة النهضة أن تقدّمه بأنه اعتصام المهزومين في الانتخابات ضد المنتصرين بالأغلبية ولم ينطل أيضا هذا الوضع لأن ذلك كان لا يمثل أجوبة دقيقة على ما سبق (التخوف وفكرة الاعتصام) وبقيت الأسئلة دون أجوبة ويتواصل الاعتصام..». انفلات وحول ما إذا كان الذي حدث ذات سبت يعطي الانطباع بأن كل حزب كبير يحتاج «لميلشيا» تجسد أعماله وأفكاره وطرحه (وهو ما حدث في عديد البلدان) وحتى خلال الخمسين سنة المنقضية من تاريخ تونس وتسمية هذه اللجان على أنها لجان يقظة... هنا يقول محدثنا: «تواصل عمل المجلس التأسيسي وتواصلت تصرفات الثلاثي المبنية على أغلبية ميكانيكية تفرض رأيها بالتصويت الآلي وبرز في الأثناء جليا أن النهضة تتصرف بالثلاثي تجاه المعارضة على تلك الشاكلة ولكنها تتصرف أيضا بنفس الطريقة مع أطرافها المتحالفة مع الثلاثي (تجريد الرئيس من صلاحياته وتضخيم صلاحيات رئيس الحكومة مما أظهر جليا لبقية أعضاء المجلس وللرأي العام والشعب التونسي أن القانون المنظم للسلطات العمومية قيس على مقاس الثلاثي أولا ولكن في نهاية المطاف قيس على مقاس النهضة وقياداتها أولا وأخيرا فبدت وكأنها النهضة هي مركز الانحراف بالمجلس التأسيسي نحو مشروع جديد للاستبداد فلم يتحمل قادتها في المجلس التأسيسي هذه الوضعية الجديدة وحصل لديها «انفلات عصبي» جعل بعض المجموعات المحسوبة عليها خارج المجلس تستفز المعتصمين وتعتدي عليهم وهذا التصرف إن كان يذكّر بشيء فهو يذكّر بالميليشيا منسية الذكر وهو أسلوب عرفته بلادنا في السبعينات وعرفته مع كل الأسف شعوب وأمم أخرى وهو سمة الأحزاب الكليانية والشمولية التي لا تتحمل حق الآخر في التعبير المخالف وتلجأ ضده إن لزم الأمر حسب رأيها الى العنف الموازي لهياكل الدولة الرسمية والى الهياكل الحزبية وتنفي دائما هذه الاحزاب وجود هذه الهياكل الموازية وهو ما حصل فعلا داخل حركة النهضة. فمن حق أي كان اليوم أن يعبر عن رأيه بكل حرية وأن يعتصم سلميا وعلى كل الأطراف احترام ذلك فالأصل في الأشياء أن تتعامل مع الاسئلة المطروحة ايجابيا وتبعث برسائل طمأنة للرأي العام واشارات توحد داخل المجلس وخارجه فهذا هو الطريق الوحيد لفك الاعتصامات السلمية وليس العنف أو التكفير». ومما يؤكد أن «الميليشيات» لن تقصي النهضة من المجموعة التي إعتدت على المعتصمين بعد إنسحاب أنصارها ولا أيضا تعتمد هذا الأسلوب. إرادة جامحة ويؤكد أستاذ القانون الدستوري قائلا:«إن التوحد اليوم هو الرسالة الوحيدة الممكنة سياسيا كمدخل لمعالجة القضايا المصيرية والخطيرة في ذات الوقت التي تواجهها بلادنا وما خالف ذلك فهو تنكّر لروح الثورة ولشهدائها وانقلاب على التفويض الشعبي. نحن اليوم أمام مفترق خطير في هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة فإما إرادة جامحة للتوحّد وللتآزر بين كل التونسيين أو اصطفاف حزبي ميكانيكي لا يجيب على أسئلتنا الأساسية. فالوضع والإطار يتناسبان مع أغلبية وأقلية بل مع «حكومة مصلحة وطنية» كما صرّح بذلك وأكد الدكتور مصطفى بن جعفر نفسه. قد نختلف على التسمية ولكن المضمون يمكن أن يكون محل اجماع فتونس اليوم في حاجة الى رئيس يجمع ولا يفرّق والى حكومة كذلك». ولا يمكن لأي كان أن يتحدث عن «مليشيات» تابعة للنهضة لأننا لسنا في لبنان وليس لدينا «حزب الله» لكن من يقصد «محمد عبو» عندما تحدث عن أطراف سياسية داخل المجلس تحرك الإعتصامات في الخارج؟ ألا يوحي ذلك بوجود أتباع؟ عبد الوهاب الحاج علي
الأحزاب القومية تبحث في اجتماع ثالث عن وحدتها فشل ممثلو التيارالقومي في ثاني اجتماع لهم الأسبوع المنقضي في إيجاد صيغ لتوحيد التيار وذلك وحسب ما أكده مصدرنا- بسبب حصرالحواروالمشاورات في أحزاب معينة على غرار الاجتماع الأخير الذي شهد حضور 4 أحزاب فقط مع غياب لافت لبعض الأطراف البارزة في هذا التيار. وفي انتظارانعقاد ثالث الاجتماعات الذي حدد موعده ليوم الخميس 15 ديسمبر الجاري بمقر حركة الشعب فإنه من المقررأن يقع تدارس تصورات كل طرف لتوحيد رؤى القوميين ومواقفهم وحظوظهم ضمن صيغة مرنة تحافظ على خصوصية كل طرف. وتجدرالإشارة حتى حد كتابة هذه الأسطرالى انه لم تقدم الا ورقة تحمل مقترحات حزب الطليعة. جمال الفرشيشي
الأحد المقبل الاتفاق على إحداث مجلس وطني للإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي تجري هذه الأيام اتصالات ومشاورات بين عديد الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني من أجل إحداث مجلس وطني للإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي على ضوء ما يشهده الاقتصاد الوطني من تراجع كبير يهدد الاستقرار الاجتماعي. وقد أفادنا الدكتور محمد غماض رئيس حزب حركة الكرامة والديمقراطية انه بادر بالدعوة لاجتماع تشاوري سيحتضنه قصر المؤتمرات بالعاصمة يوم الأحد 18 ديسمبر الجاري قصد إحداث مجلس وطني للإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي سيشارك فيه أكبر عدد ممكن من الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني، حيث عبّر العديد منهم عن ترحيبهم بهذه الخطوة التي من شأنها أن تؤسس لمستقبل أفضل للاقتصاد الوطني الذي سجل انكماشا وتراجعا خطيرا. ومن المتوقع أن يشارك في أولى الجلسات التشاورية عديد الشخصيات الوطنية المشهود لها بالكفاءة والخبرة على غرار خبراء في المجال الاقتصادي والإجتماعي ورجال أعمال على غرار الشاذلي العياري ومنصور معلى وعزوز الأصرم وغيرهم.. ومن المتوقع أن تصدر عن جلسة يوم الأحد توصيات هامة تكلل بإنشاء المجلس الجديد الذي سيتولى مساندة الاقتصاد الوطني وإنقاذه من الانهيار الذي يهدده. رضا العرفاوي