حذف الأسبوع المغلق خيار مطروح على أساس إيجاد البديل الأنسب استضافتنا في هذه المساحة للمدير العام للامتحانات بوزارة التربية عبد الحفيظ العبيدي بوصفه رئيس لجنة الامتحانات والمراقبة المستمرة وهي إحدى اللجان التي أنهت النظر في تطوير المنظومة التربوية في الجانب المتعلق بالتقييم، كان مرده مزيد التعمق في التصورات التي تم التوصل إليها والتوقف عند أبرز النتائج المضمنة بالتقرير المعروض على العموم، خصوصا أنّ محور المراقبة المستمرة والامتحانات كان من بين أكثر المحاور إثارة للتفاعل، وردود الفعل على مستوى النقاشات المفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي وبالأوساط التربوية والإعلامية على اعتبار التوجهات الصادرة والمقترحة للتخلي عن الأسبوع المغلق والعودة لامتحاني "السيزيام" و"النوفيام" والاستغناء التدريجي عن نسبة 25 بالمائة في البكالوريا.. حول النقطة المتعلقة بإعادة النظر في الآليات المنتهجة على مستوى تقييم مكتسبات التلاميذ من امتحانات ومراقبة مستمرة، فقد تمخضت مقترحات اللجنة عن جملة من التصورات، منها حذف الأسبوع المغلق، والحد من ضغط المراقبة المستمرة.. انطلق عبد الحفيظ العبيدي في تحليله وتوضيحه من معطى إحصائي واقعي استوجب العمل على التخفيف من وتيرة المراقبة المستمرة على خلفية طول الحيز الزمني المهدور في إجراء الأسبوع المغلق، والأسبوع الذي يسبقه، والثالث الذي يليه، ويخصص عادة لإصلاح الفروض. هي إذن ثلاثة أسابيع بالتمام والكمال تقتطع من زمن التعلم كل ثلاثية، ما يعادل تسعة أسابيع من جملة ثلاثين أسبوعا تستغرقها الدراسة الفعلية سنويا باحتساب نحو 180 يوما دراسة وهي أقصر سنة دراسية مقارنة بعديد الأنظمة التربوية في البلدان الغربية. ولأن مثل هذه الوضعية غير طبيعية فقد ارتأت اللجنة الدعوة إلى التخفيف من وتيرة المراقبة المستمرة. وفي هذا السياق دعا العبيدي إلى الرجوع إلى الأصل وأن يكون المدرّس سيّد قراره في برمجة الامتحانات والتقييم وليست الإدارة التي جرت العادة أن تتدخل في ضبط روزنامة الامتحانات بدقة ومنع إجراء أيّ تقييم خارج الفترة المحددة. ومن هذا الجانب يعود للمربي تحديد مواعيد الاختبارات ولا مجال لتدخل غيره وإن يتعين التنسيق بطبيعة الحال كإجراء تنظيمي في غياب مرجعية قانونية عامة للتقييم.
الأسبوع المغلق والبديل المنتظر
يعود تاريخ اعتماد الأسبوع المغلق إلى سنة 1990 وكان في بداياته يقتصر على إنجاز فرض تأليفي واحد في اليوم. ليشكل اليوم محور نقاش وجدل بين مؤيد لحذفه ومتمسك بتواصل اعتماده. في هذا الصدد اقترحت اللجنة بعد تشاور بين أعضائها وتقييم نظام الأسبوع المغلق الاستغناء عن هذه الآلية في إطار مراجعة شاملة لطريقة تقييم مكتسبات التلامذة على أساس إيجاد البديل الأنسب والأمثل ومراعاة مصلحة التلميذ. وللإشارة فإنّ اللجنة لم تقترح بديلا محددا، فاسحة المجال أمام مختلف الأطراف المعنية لطرح التصورات الكفيلة بتعويض نظام التقييم الحالي. علما أنّ الأولياء من حقهم مواكبة مردود منظوريهم عبر تسلم مراسلات أعدادهم خلال العطلة والقطع مع الوضع الراهن الذي يتأخر فيه وصول كشف الأعداد والمعدلات بعد انطلاق الثلاثي الموالي، وهذا يتطلب البحث عن طرق أخرى للتقييم. ولئن تغلّب اللجنة في طرحها خيار الاستغناء عن الأسبوع المغلق فإن إفادة رئيسها ل"الصباح" تؤكد أنّ التوجه لا يتجاوز حدود التصور والمقترح بعيدا عن التوصية المسقطة مع الحرص على أن يكون الحوار متواصلا وثريا في الموضوع شأنه شأن غيره من النقاط الواردة بتقارير اللجان. وبالنظر لأهمية موضوع التقييم وتعدد أبعاده وزواياه فإنّ توسع النقاش حول مسألة الضوارب والفوارق القائمة بين المواد الأساسية والإنسانية يعد مطروحا للتباحث، كذلك بالنسبة لمراجعة ثقافة التقييم المستمر وإدراج آليات أخرى لاختبار مكتسبات التلميذ. وعلى أهمية التفاعل المسجل على موقع المنتدى التربوي حول نتائج لجان تطوير المنظومة التربوية فإن المطلوب توسيع نطاقها وتشريك أكبر عدد من الأطراف في الحوار المفتوح وذلك بالتواصل المباشر مع التلاميذ وفتح حلقات نقاش مع مكونات المجتمع المدني والمربين والاستئناس برأي الجميع.
محطات وطنية للتقييم
من بين المسائل المطروحة صلب لجنة الامتحانات والتقييم المستمر تلك المتعلقة بضرورة إرساء محطات تقييم وطنية عبر اقتراح امتحان وطني إجباري في السادسة وآخر في التاسعة أساسي والتخلص من الارتقاء الآلي بالابتدائي. في هذا المجال أوضح رئيس اللجنة أنّ غياب التقييم الوطني وغياب كل محطة وطنية إجبارية باستثناء البكالوريا طوال مرحلة التعليم، نقطة ضعف بارزة صلب المنظومة، يتعين تداركها عبر إرساء امتحان (وليس مناظرة) ل"السيزيام" وآخر ل"النوفيام" مع حذف الارتقاء الآلي وإقرار الارتقاء بالاستحقاق وعدم اعتبار معايير الإسعاف بشكل مجحف.
25% والجدل الساخن
أثار اقتراح التخلي المرحلي عن احتساب نسبة 25 بالمائة في امتحان البكالوريا، الكثير من الجدل وردود الفعل في أوساط التلاميذ والأولياء وكانت معارضة المقترح بارزة صلب الجدل القائم وذلك مراعاة لمجهود التلميذ خلال السنة الدراسية، غير أنّ اللجنة ترى أن مثل هذا القرار سياسي بالأساس ومجرد من كل غاية بيداغوجية. وقد ساهم اعتماده في تقديم صورة خاطئة ومضخمة لنتائج النجاح وبالتالي لمردودية عملية التعلم لما يتضمنه من مغالطة للتلاميذ من ذوي المستويات الضعيفة بإسعافهم بهذه النسبة للنجاح لكن سرعان ما يكون التعثر والفشل في انتظارهم في الجامعة.. لتجاوز هذه الوضعية يتمثل اقتراح اللجنة في توخي المرحلية لإلغاء العمل بهذه النسبة وتحديد سقف معدل أدنى ب9 من 20 في الباكالوريا لاحتساب 25 بالمائة وذلك على مدى الثلاث أو الأربع سنوات القادمة، يلغى بعدها العمل به كليا. تلك هي إذن خلاصة التوضيحات التي استقيناها من السيد عبد الحفيظ العبيدي وعلى دقتها تبقى قابلة للحوار والنقاش وتعميق التشاور بشأنها، ولم لا التوسع في حلقات التباحث والتحاور إلى مسائل تربوية أخرى لم تتناولها اللجان لضغط الوقت مع تشريك أوسع وأكثر تمثيلية لمختلف الأطراف المعنية بالشأن التربوي التي غابت عن أعمال هذه اللجان؟؟