بقلم: مصدق الشريف ها أنت قد عينت و نصبت و تتأهب للشروع في مهامك التي نرجو لك فيها التوفيق. أنا المربي منذ ما يقارب على ثلاثة عقود مرّ أمامي ما يقارب 3600 تلميذا ( 30 تلميذ في الفصل * 4 أقسام في السنة ) * 30 سنة ادعوك و بكل إلحاح إن كنت تروم النجاح في عملك و أن تكلّل مساعيك بالسؤدد ، أن لا تشرع في سن القوانين و تحبير المناشير و إرسال المذكرات إلى المصالح التابعة لك، أدعوك و بكل إلحاح ألا تشرع في تعيين فلان أو تعويض علان و ألا تسعى إلى أن تتصدر صورتك الصّحف أو تبرز في القنوات كي تعبر عن برامجك و مواقفك و تدلي بدلوك في كلّ كبيرة و صغيرة... قد تجيبني إن كتب لمقالتي أن تقرأها: « ماذا تراني فاعلا؟ أ أكتف يديّ و أغلق فمي؟ لا و ألف لا، لأن ملفات ساخنة و حارقة تنتظرك و عملك يجب أن يكون مضاعفا و لكني أريد منك إذ ا قبلت النصيحة و تريد أن تكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه فقد قال شوقي قديما : و لو تأنى نال ما تمنى و عاش طول عمره مهنّى لكل شيء في الحياة وقته و غاية المستعجلين فوته عليك ألا تلج خيطا في سمّ إبرة إلا بعد أن تجلس و تتحاور و تبدي الراي مع أهل الذكر، مع أهل الميدان، مع الذين يعيشون في زحام التعليم كل يوم و كل حين: في الأقسام، في الساحات، في المؤسسات التربوية عامة ... و قد خبروا ناشئتنا و اختبروها و وقفوا عند كل تميز أو ضعف في مستواهم و قيموا درجة وعيهم و أوضاعهم الاجتماعية و اطلعوا على بيئاتهم و حالاتهم النفسية السوية أو المريضة و أخلاقهم الحسنة أو الفاسدة و الأسباب التي تعود لذلك. و رأوا بأعينهم المجردة محفظة التلميذ التي تزن أكثر منه بكثير تهد ظهره ملآنة كراسات و كتب تحشو دماغه بشتى المعلومات الصالحة و الطالحة لا تصمد أكثر من سنة أو سنتين في أحسن الأحوال بل هي ضحية الشطحات و القرارات الإرتجالية التي تؤخذ من قبل غرباء عن التربية و التعليم في مكاتب و زارة التربية و التعليم أريدك قبل أن تخطط للتوقيت المدرسي و لروزنامة الامتحانات و مواعيد العطل أن تجلس للمربين في شمال البلاد و جنوبها و شرقها و غربها لأن الخبر اليقين عندهم و ليس عندك أو عند مساعدك الأيمن أو الأيسر أو مدير إدارة البرامج أو مدير ديوانك فهؤلاء مع احترامنا الكبير لهم و لقراراتهم مهما اجتهدوا فيها فإنها تبقى فوقية و مسقطة كما أدعوك أن تعمل بتعاون جدي مع نقابة التعليم الثانوي التي لولا نضالاتها التي لا تعد و لا تحصى لكان مستوى التعليم في أسفل السافلين و لقضي على المنظومة التربوية قضاء مبرما منذ زمن بعيد.