أعرب رئيس الجمهوريّة المؤقتّ منصف المرزوقي عن عزم الحكومة تفعيل المرسوم عدد 97 لسنة 2011 المتعلّق بالتعويض لفائدة شهداء الثورة وجرحاها والذي ينصّ على مجانيّة العلاج بالنسبة للجرحى بالمستشفيات العموميّة. وأقرّت الحكومة مؤخرا تكوين لجنة تتولّى النظر في الحالات التي تستوجب العلاج بالخارج. لكنّ ذلك القرار لم يخفّف عن الجرحى الذين سئموا الانتظار طيلة سنة خاصّة أنّ حالتهم تزداد سوءا من يوم لآخر. «الأسبوعي» بحثت عن الحالات ذات الأولويّة للتداوي بالخارج. صرحّت والدة الجريح محمد الجندوبي من منطقة الكرم الغربي ل»الأسبوعي» أنّها اتصلّت بوزارة الصحّة التي طلبت منها انتظار بعث اللجنة. وأعربت والدته عن استيائها من معاملة بعض المسؤولين الذين لا يبدون جديّة في التعامل مع ملفّ ابنها، على حدّ تعبيرها. وتعتبر حالة محمد سيّئة للغاية، إذ تعرّض لإصابة على مستوى عموده الفقري، يوم 13 جانفي، ولا يزال إلى اليوم طريح الفراش باعتبار أنّ الإطار الطبي بتونس لم يتمكّن من إزالة الرصاصة من عموده الفقري، مما يستوجب خضوعه لعمليّة جراحيّة دقيقة. استياء من الدولة «ضحّيت بنفسي من أجل تونس فأهملتني»، هكذا قال الجريح رشاد بالعربي ل«الأسبوعي» الذي أبدى استياء كبيرا من إهماله. إذ أصيب رشاد برصاصة في أعلى صدره وهو الآن لا يستطيع الحراك جيّدا لكونه يحتاج إلى زرع نخاع. إذ قال رشاد: «تكفلّت عائلتي بجميع مصاريف العلاج منذ إصابتي، لكنّى أنتظر مساعدة الدولة لي بإجراء عمليّة بالخارج، فقد سئمت الانتظار». أزمة عائليّة الجريح حمدي بن البشير أصيل منطقة بنزرت، متحصّل على الأستاذيّة في تسيير المؤسسّات. وبسبب إصابته يوم 13 جانفي على مستوى الصدر، فقد عمله كمدير مالي بشركة خاصّة. فتدهور وضع عائلته وانقطع أخواته البنات عن الدراسة نظرا إلى صعوبة الوضع المادي. فقد باع والده جميع ممتلكاته من أجل مداواته. لكنّ ذلك لم يساهم في شفاء الجريح، إذ تتطلبّ حالته الصحيّة إجراء عمليتين من بينها عمليّة تجميل على مستوى وجهه المشوّه نتيجة إصابته. وقال والده ل«الأسبوعي»: «تسبّب إهمال الدولة لابني في تدهور حالته النفسيّة، ولازم البيت لا يغادره نظرا إلى تشوّه وجهه». يتقاسم جرحى الثورة المعاناة وإهمال الدولة لهم، فمحمد الحنشي شاب مقعد بسبب تعرضّه إلى إصابة على مستوى عموده الفقري. وأكد الحنشي فرحه بمشاركته في الثورة، لكنّه أبدى غضبا واضحا من طول انتظاره، قائلا: «انتظرنا سنة كاملة ولا نزال إلى اليوم ننتظر قرار إرسالنا إلى الخارج للعلاج، لقد بدأنا نفقد الأمل». معاناة حقيقيّة يعيشها هؤلاء الجرحى الذين ضحّوا بأنفسهم من أجل أن تحيا تونس بكرامة. وبفضلهم، تمكن أعضاء الحكومة من الوصول إلى تلك المناصب والتمتع بحريّتهم المغتصبة طيلة عقدين ونيف من الزمن. لكنّ أعضاء الحكومة اليوم أحرار، والجرحى مقيّدون بإصاباتهم ولا يسعهم سوى انتظار قرار الدولة بإرسالهم إلى الخارج.