في ظل تصاعد وتيرة الاحتجاجات والاعتصامات.. وبعد أيام من «الصمت» الرسمي تحركت الحكومة ممثلة في وزير التنمية الجهوية والتخطيط لتعلن عن جملة من الاجراءات ذات طابع فوري في مسعى لتطويق هذا الفوران الاجتماعي والتأكيد على الجدية في التعاطي معه بقدر من العقلانية والرصانة. وفي هذا السياق أعلن الوزير عن ملامح خطة للتنمية الجهوية وحجم الاعتمادات المالية المرصودة لها بناء على عمل لجان جهوية منكبة على ضبط هذه الأولويات التنموية. ولئن تشمل هذه الخطة اغلب الجهات وخصوصا الداخلية منها والتي تهم المرافق العامة بما في ذلك الماء الصالح للشراب والتطهير وتهذيب الاحياء الشعبية والطرقات وبعث مناطق صناعية لاستيعاب عدد هام من المعطلين عن العمل فانها تظل مرتبطة بشكل مباشر بمدى الاستقرار الاجتماعي وعودة الهدوء والحد من الاحتجاجات العشوائية التي استفحلت في الأيام الأخيرة وأصبحت مصدر نقاط استفهام عديدة. إن المطالبة بالشغل والحياة الكريمة تظل من أبرز شعارات الثورة واحد أهدافها النبيلة كما ان ممارسة الحق في التعبير وتبليغ صوت المهمشين ومن يعيشون تحت عتبة الفقر امر بديهي بل هو مطلوب باعتباره من جوهر حقوق الانسان ولكن ان يصل الانفلات الى حد قطع الطرقات وحرق مؤسسات الدولة والتنكيل برموز السلطة القائمة فهذا يتنافى وبشكل قاطع مع نبل اهداف الثورة وغاياتها السامية. وبقدر التأكيد على ضرورة الوقوف ضد كل أشكال الاستهتار بالقانون والقيم التي جبل عليها المواطن التونسي بقدر التأكيد كذلك على ضرورة انفتاح الحكومة على تطلعات هذا الشعب بالتكثيف من قنوات الاتصال والحوار والزيارات الميدانية والاحتكاك الفعلي بمشاغل المواطن المشروعة لكسر حاجز «الصمت» وانارة الرأي العام ومده بالحقائق وافاق العمل الحكومي. وهذا المسعى للتفاعل الحي مع آلام هذا الشعب وآماله يمثل خطوة ضرورية لتجاوز حالة الاحتقان ورد الاعتبار لمن دفع حياته ثمنا للحرية والكرامة.