روث بادر جينسبورغ القاضية بالمحكمة العليا الامريكية لم يمنعها تقدمها في السن وهي التي شارفت على عقدها الثامن من استغلال العطلة الموسمية للمحكمة العليا لتؤدي زيارة الى كل من تونس ومصر محطتي الربيع العربي الأوليين والاطلاع على تجربة البلدين على درب المسار الانتقالي لتحقيق الديموقراطية في أعقاب سقوط رموز الانظمة القمعية فيهما وتقول القاضية الامريكية إحدى رموز النضال من أجل حقوق المرأة أنها مهتمة بالثورة وبالربيع العربي الذي بدأ من تونس. وأن ضمان حماية الحقوق والحرية بالاضافة الى أنه ثقافة متوارثة ومترسخة منذ نحو قرنين في العقلية التي أسس لها الدستور الامريكي فانها تحتاج للقانون لتفعيلها. وقد اعتبرت روث خلال مائدة مستديرة انعقدت مساء أمس بمقر السفارة الامريكية عشية مغادرتها تونس أنها تتعلم من خلال زياراتها من مختلف الاجهزة القضائية وما تقدمه لخدمة العدالة وأوضحت القاضية الامريكية خلال اللقاء الذي جمعها بعدد من رجال القانون وممثلي الاعلام أنها كانت زارت في مواسم سابقة جنوب افريقيا والصين واستراليا مشيرة إلى أن أكثر ما يلهمها في مجال القضاء أنه مجال التحديات التي لا تنتهي وأنها عندما امتهنت القضاء لم يكن في أمريكا الكثير من النساء في هذا القطاع وقالت ان الامر لم يكن هينا وان تحقيق المساواة والدفاع عن حقوق المرأة كان من الصراعات الطويلة التي استنزفت الكثير من الجهود في ستينات القرن الماضي. وشددت القاضية الامريكية على أن كل مجتمع يريد تحقيق التقدم لا يمكنه اقصاء جزء اساسي من المجتمع أوالغاء دور المرأة في بناء المجتمع . واعتبرت أن استقلالية القضاء شرط أساسي لتطبيق العدالة وخلصت الى أنه من غير الممكن نقل أو استنساخ دساتير الاخرين على اعتبار أن ما هو مطلوب لمجتمع قد لا يكون بالضرورة مناسبا لغيره. وعن الدين والدولة أشارت القاضية الى أن أمريكا بلد عديد الديانات وأن الكثيرين جاؤوا من أوروبا هربا من الإضطهاد وبهدف ممارسة عقيدتهم بحرية وأوضحت أن الدستور الامريكي الذي يعود الى سنة1791 يضمن بوضوح حرية العقيدة ويتجنب أي تدخل للدولة في اقامة المعابد أو الكنائس واعتبرت أن كل مجموعة مهاجرة إلى العالم الجديد كانت تتجمع ثم تؤسس كنيسة أو معبدا تقيم فيه شعائرها والامر ينطبق على الهندوس كما على اليهود والمسيحيين والمسلمين وبذلك تتحقق الحرية الدينية دون تدخل للدين في الدولة وأضافت أنه كما أن الكنيسة لا تتدخل في الدولة فان الدولة بدورها لا تتدخل في الكنيسة. وكانت القاضية الامريكية التقت وزير العدل كما التقت النائبة الاولى لرئيس المجلس التأسيسي واوضحت أن مجلس الشيوخ يضم عددا محدودا من النساء لا يتجاوز 17 امرأة بين مائة عضو وخلصت الى أن عدد النساء في المجلس التأسيسي المكلف بوضع الدستور الجديد مثير للاعجاب. وللقاضية الامريكية مسيرة نضالية طويلة في اطلاق مشروع حقوق المرأة والحريات المدنية وهي لا تتوانى عن الاعتراف بانها عندما عينت قاضية فان المرأة لم يكن مرحبا بها في سلك القضاء آنذاك ولكن ذلك جعلها تخوض تجربة مصيرية في أمريكا وفي العالم من اجل الحريات ...