هو واحد من الذين تركوا بصماتهم في الكرة التونسية عامة وبالنادي الصفاقسي خاصة، سيما أن مسيرته كانت حافلة بالألقاب وبالمستوى الأخلاقي الرفيع، لذلك ظل في سويداء القلب ويتمتع بسمعة طيبة في الأوساط الرياضية، وهو ما يفسر تعيينه مديرا رياضيا للنادي الصفاقسي، لذلك التقيناه وأجرينا معه الحديث التالي: ٭ انسحبت في عز العطاء ولم تنسج على منوال الكثير من اللاعبين الذين لم يروا حرجا في انهاء حياتهم الكروية مع أندية لا تراهن على الألقاب أو حتى مع فرق القسم الوطني «ب» و«ج»، فكيف تفسر ذلك؟ شعرت ابان اقدامي على هذا القرار الجريء وأنا لا أتجاوز من العمر 32 سنة، بأن الكرة في تونس لم تعد قادرة على تقديم الاضافة إليّ لا ماديا ولا معنويا، سيما وقد نزل المستوى الفني بها وكذلك الأخلاقي الذي استفحل بعد اندلاع الثورة المجيدة.. لذلك سعيت للحفاظ على سجلي التاريخي الحافل بالألقاب وبتقمص أزياء أفضل الفرق العربية والافريقية على الساحة.. ٭ جنيت الكثير ماديا واجتماعيا، فهل كنت تفكر في اقتحام عالم التدريب وأنت تغادر الميادين؟ الحمد لله «وأما بنعمة ربك فحدث»، فقد جنيت الكثير ماديا وخاصة حب الناس بعد عطاء غزير امتد من 1991 الى 2006 بالنادي الصفاقسي فقط وبعد تقمص أزياء فرق بارزة جدا كالنادي الافريقي والأهلي المصري وغيرها، لذلك أردت القيام بوقفة تأمل حتى أخذ النصيب الكافي من الراحة، وبالتالي جس النبض والوقوف على المآل الذي تسير نحوه الأجواء الرياضية ببلادنا قبل أن اقتحم عالم التدريب خاصة وأنا أملك كل الشهائد العلمية التي تؤهلني لذلك، ولديّ رغبة جامحة في الانتماء الى هذا السلك لأنه يدخل في اهتماماتي الرياضية والتربوية. ٭ وهل كنت تحلم بالادارة الرياضة لفريق من حجم النادي الصفاقسي في مرحلة مبكرة من حياتك الكروية؟ لقد حصل ذلك صدفة اذ بعد مباراة قابس عرض علي المنصف السلامي رئيس الهيئة الفكرة لاني اعتبر ذلك دينا لفريق اخذت منه الكثير واعتبر ان تقديم الافادة اليه واجبة مقدسة مهما كانت التكاليف والظروف.. واريد ان اؤكد ان الرجل عرض علي فكرة ابرام عقد معي للحصول على جراية محترمة لكني اعتذرت له بكل لطف وقبلت المسؤولية الجسيمة عن طيب خاطر وبكل تطوع واؤكد ايضا انني لن اتقاضى ولو مليما واحد من اسرتي الثانية لان الانسان الابي يرفض ذلك. ٭ بعد هذه المدة في المسؤولية كيف تقييم الوضع بالنادي الصفاقسي؟ الثابت ان هناك العديد من الايجابيات حصلت منذ انتمائي للادارة الرياضية لاننا قمنا بتقويم الوضع حال تسلم المهام وانتهينا الى حتمية الشغور في بعض المراكز وهو ما حصل بالفعل مع الحرص على الكيف لا الكم وسنمضي قدما في هذا الاتجاه خلال الماركاتو القادم اذا تأكدنا ان الاصناف الشابة غير قادرة على تمويل الاكابر بما هو في حاجة اليه من كفاءات لان الاولوية لهذه الاصناف حتى نخفف العبء على الخزينة التي تشكو ضغظا كبيرا وتراجعا في الموارد ٭ هل اعطى التغيير في مستوى الاطار الفني للاكابر اكله وكيف ترى المستقبل؟ لا يمكن الحكم على التجربة في ظرف وجيز حكما موضوعيا لكن لا يمنعنا ذلك من القول ان الرجة النفسية حصلت وان الفريق تحسن من حيث الاداء والمستوى منذ عودة نبيل الكوكي اليه.. ومازال الطريق طويلا لتدارك النقائص والعقم الهجومي بالاساس لاننا لم نعد مؤهلين للتعرض الى عثرات اخرى واعتقد انه بانضمام داودا كاميلو وزكرياء اللافي وغيرهما من الشبان ستتحسن النتائج شيئا فشيئا ٭ لاشك ان جهود المنصف السلامي غير كافية للقضاء على شبح الازمة المالية التي تلقي بظلالها على مسيرة الفريق؟ وهو كذلك فالرجل ظل ثابتا وحاضرا في المواقف الحرجة لتجاوز الصعوبات المتلاحقة لكن اليد الواحدة لا تصفق واعتقد ان الوقت حان لايجاد الحلول الجذرية الكفيلة بتوفير الموارد القارة للفريق وانا اشاطر فكرة التفويت في الجزء الامامي من المركب القديم لاقامة نزل او منشآت رياضية تدعم الخزينة بما هي في حاجة اليه حتى لا تظل الجمعية تحت رحمة فلان قد لا يأتي دائما وانتهز الفرصة لاتوجه بنداء حار الى الغيورين على هذا النادي العريق للاتفاف حوله اكثر لانه في حاجة ماسة اليهم في الوقت الحاضر. ٭ نأتي الآن الى التحكيم في تونس فهل تضرر النادي منه وكيف تحكم عليه؟ قطاع هام وهو في تحسن مطرد بصرف النظر عن الهنات العالقة به ووقوع البعض في الاخطاء التي تدخل في قواعد اللعبة فالمهم ان يقتنع الجميع بانه مطالب بقبول الاخطاء مثل قبوله بالهدايا احيانا غير المقصودة في الغالب وان يهتموا بما هو اهم من الاهتمام بالحكام فوق الميادين.. وبشيء من الثقة فيهم فان تونس قادرة على خلق كوكبة بارزة تعود لادارة نهائيات كاس افريقيا والتحكيم في كأس العالم والنادي الصفاقسي لم يشذ عن القاعدة فقد تضرر من الحكام وانتفع احيانا من اخطائهم غير المقصودة واعتقد ان ارتقاء حكم تونسي الى رئاسة لجنة التحكيم الافريقية فرصة سانحة لحضور على الساحة بقوة خصوصا وان الكفاءات موجودة وتمكينها من فرصة ادارة المقابلات الهامة بكثافة يؤدي حتما الى النتائج الايجابية التي نطمح لها جميعا. ٭ هل ترى ان ما حصل في مباراة الترجي الرياضي والمغرب الفاسي يتطلب العدول عن فتح الابواب امام الاحباء لمواكبة المقابلات الدولية؟ بالعكس انا اطالب بفتح الباب على مصراعيه حتى في المقابلات الداخلية مع الاقتصار على احباء الفريق المحلي حتى نرفع الحصار تدريجيا ونعود الى المقابلات المفتوحة امام الجميع لانه بدون جمهور تفقد الرياضة نكهتها وتتأثر سلبا على المستوى الفني واعتقد ان ما حصل بين احباء الترجي اثناء الشوطين عادي وانا الذي كنت على عين المكان وانه لا يجب ان يكون مبررا للعدول عن التجربة التي يجب دعمها حسب رأيي سيما وانها تساهم في القضاء على العجز المالي الذي تعاني منه جل الفرق تقريبا. ٭ نأتي الآن لوضعية الكرة التونسية فكيف تلوح لك؟ بكل نزاهة وتعقل سجلت كرتنا تراجعا كبيرا... صحيح تحصلنا مع الترجي الرياضي على كأس رابطة الابطال وحقق البقية نتائج مرضية في بقية المسابقات القارية وهو امر يجعل الكثيرين يعتقدون ان كرة القدم التونسية بخير ولكن الواقع عكس ذلك والدليل ان الترجي الرياضي لم يعتل منصة التتويج امام المغرب الفاسي الذي يحتل المرتبة السادسة في بلاده. ٭ وما سبب هذا التراجع؟ يعود اساسا الى اللهث وراء النتائج والالقاب واهمال جانب التكوين في مجال العناية بالشبان رغم ان الساحة الرياضية ببلادنا تعج بالمواهب وبالكفاءات الفنية القادرة على صقلها ولسوء الحظ فان تهميش الجانب التكويني اقترن بالتهافت على الاحتراف والجري وراء الانتدابات المكلفة والتي لا تكون ناجحة دوما فأدى ذلك الى سد الطريق امام المواهب والى ادخال الجمعيات في نفق مظلم لن تغادره الا اذا وقعت معالجة جذرية وعلمية للكرة التونسية. ٭ وكيف ترى الخروج من هذا النفق المظلم؟ اقترح ضرورة اعادة النظر في ملف الاحتراف لان ما يجري خاطئ من اساسه فاللاعبون يلهثون وراء الجرايات والمنح والنوادي عاجزة عن الايفاء بالتزاماتها معهم في ظل تواضع الموارد المالية والتي ازدادت حدة بعد الثورة بغياب الجمهور وبعجز رجال الاعمال عن دعم فرقهم المفضلة واقترح ايضا الدخول في تجربة جدية تأخذ بعين الاعتبار امكانيات النوادي المختلفة حتى ولو ادى الامر الى التخفيف من امتيازات جل اللاعبين مع تيسير سبل الاحتراف بالخارج حتى لا يقتصر الامر على اللامعين بسبب القيود المجحفة التي تضعها الاندية في طريق اللاعبين بوضع شروط مادية لمغادرتها نحو اوروبا او الخليج واذا ما يسرنا سبل الطامحين في الاحتراف بأوروبا مثلا سينتفع العديد من اللاعبين ماديا ورياضيا فتكون كرة القدم التونسية رابحة على جميع المستويات على غرار ما اقدمت عليه المغرب مثلا حيث ادت مرونة الاحتراف بالخارج الى اتساع قاعدة اللاعبين الناشطين بأوروبا.