تصاعدت في المدة الاخيرة وتيرة الاحتقان داخل المؤسسات التعليمية ومعها تفاقمت ظاهرة العنف والاعتداء على حرمة المعاهد بالنهب والحرق دون الحديث عن العنف اللفظي والمادي الممارس ضد الاطار التربوي ولعل بروز ظاهرة الحرق التي استهدفت مؤخرا عددا من المعاهد على خطورتها كفعل مادي فإنها تستبطن ضرب مواطن العلم والمعرفة وهو ما لا يقبله عاقل ولا يبرره أي دافع أو سبب مهما كانت ذروة الانفلات. وفي خضم هذا الوضع العصيب الذي تعيشه بعض المعاهد جراء تكرر أحداث العنف بها دون أن نسمع لها ردود فعل واضحة وتحرك عملي من قبل وزارة التربية لوقف نزيف الظاهرة والتصدي لها بعيدا عن بيانات الادانة و الاستنكار وإنما عبر تحركات عملية، توجهت "الصباح" بالسؤال حول سبب صمت الوزارة تجاه ما يحدث من اعتداءات إلى المكلف بملف العنف والمستشار لدى وزير التربية المنذر العافي الذي فنّد الادعاء بتواري الوزارة وراء ستار الصمت موضحا أنّ ما "تبتغيه الوزارة لا يتوقف عند حد التدخل الامني وهي التي تفتقد للسلطة الامنية وإنما تعمل على أن تكون المعالجة على أساس مقاربة شاملة و متكاملة ترتكز على مداخل وأبعاد ثقافية عبر اعادة أجواء التظاهرات التنشيطية والتثقيفية داخل المؤسسة التربوية ويشكل في هذا الاطار برنامج الاحتفال بيوم اللغة العربية الزاخر بالانشطة داخل محيط المدرسة وخارجها بوابة رئيسية لتكريس المدخل الثقافي في التعاطي مع الظاهرة. وسيتم التوسع في تجسيم البعد الثقافي في مكافحة العنف بالتعاون مع وزارة الثقافة". بالتوازي مع هذا الطرح تعتمد سلطة الاشراف استراتيجية أمنية تعرف بالمدارس ذات الاولوية الامنية وهي المؤسسات التي تتكرر بها الاعتداءات ويجري العمل حاليا على ضبط خارطة تموقع لها حتى تكون الاحاطة بتلاميذها وترسيخ مقومات الوعي بنبذ العنف عبر مختلف المداخل والمقاربات محددة وموجهة بطريقة مدروسة. على صعيد متصل أورد العافي أنّ التعاطي النفسي والاجتماعي في معالجة الظاهرة من المداخل التي تراهن عليها الوزارة وذلك برصد التلاميذ الذين تتوفر فيهم المؤشرات التي تجعلهم أكثر استعدادا لممارسة العنف فيكون التدخل الاستباقي بالإحاطة النفسية بهم وتشريك الوسط العائلي في عملية التأطير هذه. ولتمكين مديري المؤسسات التعليمية من احكام التصرف في حالات العنف أعدت سلطة الاشراف دليل الاجراءات العملية الذي سيوزع عليهم قريبا. كما يتجه التفكير نحو وضع الارقام الهاتفية التي يتعين الاتصال بها عند تسجيل مظاهر عنف من أمن وحماية مدنية وطب استعجالي على بيّنة من الجميع داخل المعاهد. وحول غياب منابر الحوار بالمؤسسات التربوية يقول المتحدث بأن المناخ المتوتر السائد قد يحول دون تنظيمها في انتظار تهيئة المناخ الملائم ولن يكون ذلك إلا بمشاركة التلاميذ بشكل فاعل في ادارتها وتشريك الجمعيات التربوية في إثراء الحوارات منوها في الان ذاته بتطوع عدد من المنظمات في حماية المعاهد ببناء الاسيجة والمجال مفتوح أمام ممثلي المجتمع المدني للإسهام في هذا العمل.