كان لخطاب رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي الذي القاه أول أمس تكريما للطالبة خولة الرشيدي على خلفية تصديها لمحاولة إنزال العلم التونسي من قبل أحد الأشخاص المحسوبين على التيار السلفي، صدى ايجابي لدى المتتبعين له. فالرئيس ظهر في صورة مغايرة للمعتاد : تنصّل من زلاته اللسانية تحدث بحزم عن المعتدين على الراية التونسية وعبّر جديا عن موقفه من القضايا التي تعد من ابرز التحديات على الساحة السياسية اليوم. لكن آراء خبراء وجامعيين في علوم الاعلام والاتصال كانت متباينة، هناك من اعتبر أن خطاب المرزوقي يرقى إلى نبض الشارع وتفاعل معه، ومنهم من اعتبر أن الخطاب غلب عليه التشنج وأنه ممل؟؟؟ بالنسبة لصلاح الدين الدريدي الخبير في علوم الاتصال فقد اعتبر أن خطاب رئيس الجمهورية جاء في غاية التشنج، في حين أن مسؤولية الدولة حسب رايه تقبل كل شيء ما عدا التشنج. ووصف طريقة قراءة الخطاب بالمملة وقال :" لم يتمكن الرئيس من السيطرة على القراءة و طريقة النطق والإلقاء في التعامل مع المواضيع الحساسة (كلية الآداب) إذ قد يكون التشنج جعله غير قادر على السيطرة على هذا الجانب." لكن الدريدي اعتبر في المقابل أن المرزوقي قد يكون عاد الى أصوله كمناضل وحقوقي له قناعات شخصية، ولكن ذلك يعد تغيرا فرديا أو شخصيا ولا يمكن اعتباره تغيرا سياسيا، حسب تقديره. من الجمهور الحاضر؟ وتساءل الدريدي في نفس السياق:" إلى من يتوجه رئيس الجمهورية بخطابه هذا ؟ من الحاضرون؟ مشيرا الى انه على أهمية الأفكار والمحاور التي طرحها يبقى السؤال الأهم : من المستهدف من ذلك لا سيما أن الحكومة كانت غائبة خلال هذه "الاحتفالية" ؟ مستفسرا :" بما أن السلطة التنفيذية لم تكن حاضرة فما هي مجالات التطبيق السياسي لما أعلنه ؟ وفسر في هذا السياق ان غياب أعضاء الحكومة قد يحيل الى الاعتقاد بأنه لا وجود لتطابق بين الرئاسات الثلاثة فيما بينها مما يدعو الى التساؤل عن الجدوى الأساسية لهذا الخطاب وهو ما يفضي الى القول بأنها "طلعة إعلامية" أكثر منها خطابا رسميا رغم أهمية ما أعلن عنه.
أكثر توازنا
من جهة أخرى أشار معز بن مسعود (رئيس قسم الاتصال بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار) الى أن عملية رد الفعل بسرعة تجاه حادثة إنزال العلم من قبل السلفيين هي في حد ذاتها يمكن اعتبارها خطوة ايجابية نحو القطيعة مع خطاب اتصالي لا سيما انه خامر الشعورالسائد في الآونة الأخيرة هو البطء في التعامل والتفاعل مع بعض الأحداث. وأضاف أن خطاب رئيس الجمهورية أول أمس كان طبيعيا وأكثر توازنا خاصة أن المسالة تتعلق بالعلم التونسي الذي يعتبر رمز تواصل الدولة ومن غير المنطقي ألا يتواصل رئيس الجمهورية مع شعبه. و من هذا المنطلق فان الخطاب من وجهة نظر بن مسعود حمل في طياته أفكارا أكثر ثباتا وواضحة تتجه نحو المزيد من الإقناع.
اقرب الى الشارع
وأضاف رئيس قسم الاتصال بمعهد الصحافة في نفس السياق أن هذا الخطاب الاتصالي هو اقرب الى نبض الشارع أو بالأحرى هو تعبير عنه فكأنه من خلال هذا الخطاب أراد أن يعبر عن نبض الشارع وجميع التونسيين وكأنه أراد القول : "أنا معكم". وعرج بن مسعود في نفس السياق الى غياب أعضاء الحكومة مشيرا الى انه لا بد لها أن تتبنى تصريحا واضحا يدين بشدة هذه السابقة الخطيرة (إنزال العلم) كما أن غياب الحكومة تجاه مثل هذه الحادثة يحسب عليها ولا يحسب لفائدتها لأنه فعل سلبي.