في محاضرة ألقاها أمس بمركز دراسة الإسلام والديمقراطية بتونس العاصمة ، أشار الأستاذ الدكتور محمود حبيب الذوادي، المختص في علمي النفس والاجتماع بجامعة تونس إلى أن هناك عوامل خفية، ثقافية بالأساس، كان لها دور مفصلي في امتداد رياح الثورة التونسية إلى بقية البلدان العربية لم تتطرق لها جل الدراسات والمقالات التي نشرت حول ظاهرة «الربيع العربي». وأضاف الدكتور محمود الذوادي ومن عديد البلدان الغربية والعربية الأخرى كأستاذ جامعي في هذا المجال ولديه رصيد قيم من الكتب التي ألفها (حوالي 22 كتابا) باللغات العربية والأنقليزية والفرنسية - أنه لا جدال في أن الظلم والاستبداد والقهر إلى غير ذلك من مظاهر الاضطهاد .. هي من العوامل المشتركة بين الشعوب العربية التي أسهمت في امتداد الثورة من تونس إلى كل من مصر وليبيا واليمن وسوريا لكنها لا تعد الوحيدة، حيث كان الرابط الثقافي وبالتحديد اللغة والدين الذي يجمع بين مجتمعات البلدان العربية أساسيا في سرعة انتقال الثورة من تونس إلى مصر وبقية بلدان المنطقة. وأوضح الدكتور الذوادي أن الجانب الثقافي كان حاضرا وبقوة ليس في «الربيع العربي» فقط بل وفي مختلف المحطات المفصلية في تاريخ الأمة العربية على مر السنوات الماضية، حيث أن العناصر الثقافية المشتركة بين المجتمعات العربية (اللغة والدين) تجعلها متضامنة ومتكاتفة في الأفراح والأتراح كردة فعل جماعية. وضرب في هذا المضمار عديد الأمثلة من بينها نجاح الجيش المصري في عبور السويس إذ كانت ردة فعل المجتمع العربي متماهية في التهليل والفرح لهذا الحدث. وفي المقابل كانت ردة الفعل على هزيمة 67 التعبير عن حزن جماعي ما يعكس تجاوبا تاما فيما بينها. إذن كانت ثورة تونس مناسبة للفرح لدى الشعوب العربية، فكانت لها ردة فعل ايجابية سمع صداها في أكثر من بلد عربي بسبب ارتباط التونسيين مع بقية شعوب المنطقة في اللغة والدين. وشدد الأستاذ محمود على أن السبب في امتداد «الربيع العربي» إلى بقية بلدان المنطقة هي أمور ثقافية بعينها، فرابط اللغة والدين الذي يجمع بين المجتمعات هما رمزان ثقافيان في طليعة المحركات الأساسية لهذه الظاهرة. وخلص الأستاذ الذوادي في محاضرته إلى أن «نظرية الدومينو» في الحالة العربية ذات جذور ثقافية في الصميم، مؤكدا أنه لولا الرابط الثقافي (اللغة والدين) بين المجتمعات العربية لظلت امكانية امتداد الثورات ضعيفة جدا لأن عامل التضامن سيكون مفقودا لغياب الرموز الثقافية المشتركة.