جدّت يوم الخميس الماضي بكليّة الحقوق والعلوم السياسيّة بتونس أحداث عنف بين بعض المنتمين للاتحاد العام لطلبة تونس وعدد من الطلبة التابعين لحركة النهضة، مما خلفّ إصابات عدّة على إثر استعمال أسلحة بيضاء والقذف بالحجارة بين الطرفين. وتأتي هذه الأحداث عقب قيام عدد من الطلبة المنتمين للجناح الطلابي لحركة النهضة والناشطين بنادي «3D»، بطلاء علم فلسطين الذي كان قد رسمه طلبة الاتحاد العام لطلبة تونس . في هذا الإطار، قالت الطالبة لميس الطرابلسي المنخرطة في الاتحاد العام لطلبة تونس: «نحن نرفض المزايدة علينا، فمنذ قدومي للجامعة سنة 2007، وجدت علم فلسطين الذي سجن من أجل رسمه عدد من المنخرطين في الاتحاد زمن بن علي، ولهذا منعنا طلبة الجناح الطلابي لحركة النهضة من طلاء هذا العلم لأنّنا الأحقّ بذلك، وهم يريدون المزايدة علينا». وقد تسببّ هذا المنع في تجمّع عدد من أنصار حركة النهضة صباح يوم الخميس المنقضي بساحة الجامعة، إذ قال زياد بومخلة ممثّل الجناح الطلابي لحركة النهضة ل»الأسبوعي» : «لقد اجتمعنا وأنصارنا يوم الخميس لنؤكّد للجميع أنّ النشاط الطلابي ليس حكرا على الاتحاد العام لطلبة تونس، فالجامعة للجميع ونحن ندين بشدّة تهديدنا من قبل أنصار الاتحاد العام لطلبة تونس بتعليق المشانق للطلبة الإسلاميّين». لكنّ أحداث العنف تفاقمت بعد صلاة الظهر حيث قدمت مسيرة من مسجد المركب الجامعي وانهالت على الكلية بالحجارة في ظلّ غياب كلي للأمن الذي لم يتدخّل إلا بعد ساعة من انطلاق تبادل التراشق بالحجارة من الطرفين، مما تسببّ في أضرار بليغة لدى عديد الطلبة الذين تم نقلهم إلى المستشفى . وذكر زياد بومخلة أنّ عدد الطلبة الذين وقع تعنيفهم والتابعين لأنصار حركة النهضة وصل إلى 10 طلبة تعرضّوا لإصابات في حين علمت «الأسبوعي» أنّه تمّ تعنيف حوالي 20 طالبا منتميا للاتحاد العام لطلبة تونس وقرابة 10 طلبة مستقلّين قاموا بمساندتهم. ميليشيات في الجامعة!! ومن بين المصابين في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس، الطالب قيس بوزوزية الذي تعرض إلى إصابة تحت العين ،بعد رشقه بحجارة، تسببّت له في جرح استوجب 4 غرز. هذا بالإضافة إلى الطالبة إيناس شيخ علي التي أصيبت على مستوى الكتف، مما استوجب منحها راحة لمدّة 3 أيّام من قبل الطبيب. من جهتها، أكدّت لميس الطرابلسي أنّها تعرضّت إلى الرشق بالحجارة من قبل أنصار حركة النهضة مما تسببّ لها في جروح على مستوى جسدها وخاصّة ساقها، قائلة: «لقد كان طلبة النهضة ثائرين إلى درجة هتافهم بتطهير الجامعة من العلمانيّين الكفرة، واتهموا طلبة الاتحاد العام لطلبة تونس بانتمائهم للبوليس السياسي». وفيما يتعلّق بالطلبة المنتمين للجناح الطلابي لحركة النهضة، أفادنا زياد بومخلة بأنّ الطالب أيمن بن بريك تعرضّ لإصابة خطيرة تسببّت له في 16 غرزة على مستوى الحاجب. في حين تعرضّ الطالب سيف الدين المواش إلى إصابة مباشرة على مستوى الوجه، وعندما طالبناه بصور المصابين دعانا إلى الاطلاع على صفحة «شباب حركة النهضة بالجامعة»في الفيسبوك التي تحوي صور المصابين، فلم نجد سوى قطرات من الدماء فوق ملابس بعض الطلبة باستثناء الطالب بن بريك . وأمام تبادل الاتهامات بوجود عناصر لا تنتمي لطلبة الجامعة شاركت في أحداث العنف، نفى كلّ طرف تلك الاتهامات واصفا أنصار الطرف الآخر بالميليشيات القادمة من خارج الكليّة. بيانات تنديد ونتيجة لهذه الأحداث، أصدر المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس بيانا نددّ فيه «بكل المحاولات المتكررة للاعتداء على الجامعة من قبل مليشيات متطرفة تحت عناوين مختلفة». كما دعا المكتب القوى الوطنية و الديمقراطية إلى الوقوف صفا واحدا ضد كل مظاهر التخلف والتطرف والعنف من قبل أي كان والالتزام بالدفاع على مدنية الدولة و مكتسبات الحداثة. من جهة أخرى، أصدر المكتب السياسي لحركة النهضة بيانا أدان فيه أحداث العنف التي بررّها بوجود» أطراف استئصاليّة متطرّفة تموّلها جهات محسوبة على بقايا النظام البائد». ودعا في هذا الإطار جميع الأطراف في الجامعة إلى تحملّ مسؤوليّة إشاعة المناخات المناسبة للنشاط الطلابي الحرّ. خولة السليتي
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تحييد الجامعة واستقلاليتها ورفض كل محاولات الزج بها في الصراعات الايديولوجية إثر الاحداث المؤسفة التي شهدها المركب الجامعي بالمنار، فإن الوزارة تذكّر بأن الجامعة هي بالأساس فضاء لإسداء التكوين وإثراء المعارف لخدمة المجموعة الوطنية، كما تؤكد على ضرورة تحييد الجامعة واستقلاليتها ورفض كل محاولات الزج بها في الصراعات الايديولوجية والعقائدية والسياسية التي لا تؤدي إلا الى تعطيل تأمين المؤسسة الجامعية لمهامها. وتدعو الوزارة جميع الأطراف الى التفاعل الايجابي مع مبدإ القبول بالآخر والحق في الاختلاف، مع أهمية الالتزام بنبذ العنف مهما كان نوعه ومصدره. كما تؤكد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن باب الوزارة مفتوح أمام كل الفاعلين في الحياة الجامعية وأن مبدأ الحوار والتشاور لم ولن ينقطع مع مختلف الأطراف من أساتذة وطلبة وإداريين وعملة.