شهدت تونس منذ أكثر من عشر سنين انفتاحا كبيرا على المعدات الالكترونيّة الصينيّة التي لم تكتسح الأسواق الشعبية فقط وإنّما الفضاءات التجاريّة الكبرى أيضا و.يبدو أمرا عاديّا أن تعمّ هذه السلع أسواقنا الشعبية كبومنديل ومنصف باي، لكنّ وجود هذه السلع في بعض الفضاءات التجاريّة الكبرى يدفعنا إلى التساؤل التالي: أين يكمن الفرق بين المعدّات الالكترونيّة الصينيّة الموجودة في الفضاءات التجاريّة وتلك الموجودة بالأسواق الشعبيّة؟ هل تخضع هذه البضائع إلى مراقبة؟ ثمّ ما هي المعدّات الالكترونيّة التي قامت وزارة التجارة بحجزها بسبب عدم مطابقتها لمواصفات الجودة؟ للإجابة عن هذه التساؤلات، اتصلّت «الأسبوعي» بصالح عيسى مدير الجودة وحماية المستهلك بوزارة التجارة بالإضافة إلى عدد من التجار بسوق منصف باي لرصد مواقفهم من بيع السلع الصينيّة في الفضاءات التجارية الكبرى. تتميّز البضائع الالكترونيّة الصينيّة بانخفاض الأسعار، مما يفتح المجال أمام المستهلكين محدودي الدخل لشراء هذه البضائع رغم علمهم أحيانا بأنّها ليست مطابقة لمواصفات الجودة. وقد بدأت هذه البضائع بالظهور في الأسواق الشعبيّة والمحلات الصغرى، إلا أنّه سرعان ما شهدت انتشارا في المغازات الكبرى. فبتجولّنا في بعض الفضاءات التجاريّة، لاحظنا وجود آلات كيّ ومجففّات شعر وبعض آلات الطبخ المكتوب عليها «صنع في الصين». وردّا على سؤالنا حول وجود هذه المنتوجات في الفضاءات الكبرى، قال صالح عيسى ل»الأسبوعي»: «إنّ البضائع الصينيّة الموجودة في هذه الفضاءات قانونيّة ومطابقة لمواصفات الجودة، فلا يمكننا اليوم العيش بمعزل عن الصين التي تعتبر قوّة اقتصاديّة ضخمة في العالم». وفيما يتعلّق بنوع الماركات الصينيّة المشكوك فيها، قال محدّثنا: «ليست هناك منتوجات معينّة، فنحن نتولى مراقبة جودة جميع المنتوجات دون استثناء». وأشار محدّثنا إلى أنّه بفضل المراقبة الفنيّة، قامت وزارة التجارة خلال سنة 2011 بحجز 1810 مجفّف شعر و18900 فانوسا اقتصاديّا بالإضافة إلى 1488 آلة طبخ بالضغط (كوكوت). كما حجزت الوزارة 800 262 أسلاك ربط كهربائي(Multiprises). وأكدّ محدّثنا أنّ مصير هذه المعدات هو الإتلاف أو إعادة تصديرها. الكلمة لتجار منصف باي قال محمد واجه صاحب محلّ بسوق منصف باي ل»الأسبوعي»: «إنّ المعدات الالكترونيّة والكهرومنزليّة المعروضة بالفضاءات التجاريّة الكبرى لا تختلف عن تلك الموجودة في سوق منصف باي، ورغم ذلك تستغلّ هذه الفضاءات ثقة المستهلك بها وترفّع في الأسعار». في نفس الإطار، قال محمد العياري (صاحب محلّ بمنصف باي):»إنّ الفضاءات التجاريّة الكبرى تعرض منتوجات صينيّة بأسعار مرتفعة مقارنة بالمنتوجات التي نعرضها والمطابقة لها، ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة الأداءات فنحن نبيع منتوجاتنا دون أداءات». من جهته، قال فريد عبد اللاوي (شهر عبودة بسوق منصف باي): «السلع الصينيّة تكتسح السوق التونسيّة، لكنّ ذلك لا يعني أنّها غير صالحة للاستعمال ومخالفة لمواصفات الجودة، لكن رغم ذلك فنحن نعلم الحريف بمصدر كلّ بضاعة ونترك له حريّة الاختيار». وأدان محدّثنا «غشّ» بعض الفضاءات العامة للمستهلكين، قائلا: «لقد تسببّ هؤلاء في خسارتنا نسبيّا لأنّهم يوهمون الحرفاء بأنّ البضاعة سليمة وذات جودة عالية، ونتساءل صراحة عن سبب السماح لهم ببيع المنتوجات الصينيّة، فهم يحقّقون أرباحا عالية ويتسبّبون في قطع أرزاقنا». . وأمام هذه التصريحات والتجاوزات الموجودة على مستوى بعض السلع الالكترونيّة الصينيّة ، تجدر الإشارة إلى عقد دول الاتحاد الأوروبي اتفاقيّة مع الصين تتضمنّ وضع قائمات سوداء بأسماء مصدّري وموردّي السلع الصينيّة المقلدّة لحظر وصول مثل تلك السلع إلى الأسواق المحليّة، باعتبار أنّ هذه السلع تمسّ من سمعة البضائع الصينيّة المحترمة لمواصفات الجودة، وهو حلّ نأمل أن تتبّعه تونس. وقد أعرب السيد صالح عيسى عن إعجابه بهذه الفكرة مؤكّدا أنّه سيتحرى في هذه المسألة لتتبّع تونس خطى الاتحاد الأوروبي.