بقلم جمال الفرشيشي أي وطن نريد ؟.. سؤال يردّد على ضوء ما أصبحنا نعيش على وقعه في الوقت الراهن. فقد تحدث رجال السياسة منذ أشهر مضت ضرورة إيجاد أرضية للتوافق بين مختلف الفرقاء لكن خرجت الجماهير إلى الشارع رفقة العديد من الشخصيات الحزبية والحقوقية والنقابية مطالبة بكسر قرار اعتبروه جائرا وفيه تعدّ على حقّ من حقوقهم فكانت النتيجة كرّ وفرّ ودماء بين الأمن والمتظاهرين. وعوض أن يناقش قرار... في أروقة المجلس التأسيسي أو في الفضاءات المخصصة لذلك كانت لغة الشارع هي الفيصل. فأين التوافق وأي حوار كانوا يديرون؟ وهل كان باب الحوار فعلا مفتوحا للنقاش بينهم؟ لقد نسي او تناسى صناع القرار ومعارضوه في تونس ما يعانيه المواطن الذي لم يقدر على مجاراة لهيب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية -إن وجدت- والخضر والغلال التي أصبح حضورها في قفته أو على طاولته مقتصرا على معلقات حائطية كي لا ينسى شكلها غدا. إن تحويل اهتمام العامة إلى مواضيع لا تسمن ولا تغني من جوع فيه نوع من التآمر على المواطن البسيط الباحث عن وضع اقتصادي مستقر يستطيع من خلاله مجاراة نسق ارتفاع للأسعار الذي أنهكه وأرّقه وبات كابوس يقض مضجعه فأين الاهتمام بما يعانيه الشعب في أجندة الأغلبية والمعارضة أم يتعين انتظار موعد لاحق تكون فيها الحياة السياسة على أشدها في بلادنا تحديدا قبيل الموعد الانتخابي القادم ليكونوا مجرد ارقام تضاف الى صناديق الاقتراع. لقد تبادل طرفا «الصراع» الاتهام وكانت لهجة «التخوين « والاتهام باللجوء إلى العنف في الموعد عوض التعاون على لملمة جراح جسد وطن عانت اغلب فئات شعبه الويلات لعقود. بات الجميع يعي أن لا احد يملك «عصا موسى» لتغيير الوضع وحل كل المشاكل دفعة واحدة، كما أنهم على يقين بان الحل في الاتفاق بين جميع الفرقاء وباقي مكونات المجتمع المدني لأنه في الوضع القائم حاليا لا يمكن الحديث عن «أغلبية» و»أقلية « وحكومة ومعارضة، فما دمنا نعيش على وقع المؤقت فالدائم هو الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي ليظل المواطن خاصة من قاطني المناطق الداخلية في انتظار حلول جذرية. فالكل شركاء في الحل وأولى أن لا يكونوا سببا للمشكل القائم. فتونس نريدها فضاء يسع الجميع دون تفرقة بين يساري ويميني و وسطي ، فلا فرق بينهم إلا بالإخلاص لهذا الوطن والعمل بجدية من أجله وبالتالي دون محاصصة سياسية أو استغلال لأصوات أناس يبحثون على بصيص أمل يخرجهم من ظلمات الفقر والبؤس والخصاصة إلى الحصول على أبسط حقوقهم. أقولها وأمضي .. رفقا يا معشر السياسة بالمواطن البسيط لأنه ملّ الوعود والصراعات الجانبية الجوفاء.