شهد شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة بعد ظهر أول أمس تظاهرة سلمية بمناسبة تأجيل معرض الكتاب بتونس للمرة الثانية. تظاهرة كانت بمثابة انتصار للكتاب ومحاولة للتحسيس بقيمته تحت شعار"تونس تقرأ" في شكل حضاري شدّ كلّ الوافدين على الشارع الرئيسي بالعاصمة. بدا المارّون من أمام مكتبة الكتاب أو من أمام المسرح البلدي مصابين بالذهول إزاء سلوك مجموعات متفرقة هنا وهناك ماسكة كتبا مختلفة المواضيع واللغات، ولكن سرعان ما لاقت هذه الفكرة صدى كبيرا لدى الحاضرين ودارت بينهم حوارات مختلفة حول قيمة الكتاب وكيف أن التونسيين بأمس الحاجة إلى المطالعة والنهوض بنمط تفكيرنا وأسلوب حياتنا وهو أحد أهم رهانات ثورة 14جانفي. ولئن تبنت عدّة أطراف الدعوة إلى تحويل شارع الحبيب بورقيبة لفترة ما إلى مكتبة عمومية ذات سماء مفتوحة وذلك على غرار جمعية الطلبة القادة التي خصصت للحدث صفحة من صفحات «الفايسبوك» بعنوان «تونس تقرأ - تونس ترتقي» فإن «الصباح» التقت بشارع الحبيب بورقيبة مساء أول أمس بثلة من الكتاب والمثقفين والروائيين على غرار كمال الرياحي الذي أفادنا بأن فكرة «تونس تقرأ» والنزول إلى شارع الحبيب بورقيبة كانت باقتراح من صالون «ناس الديكامرون -وهو صالون ثقافي ينشط في دار الثقافة ابن خلدون- وأن الفكرة أعلنت على الموقع الاجتماعي «الفايسبوك» في مرحلة أولى لتقترح في مرحلة ثانية على الملإ ليشارك الجميع في هذه التظاهرة. المكتبات ودور النشر توزع الكتب على القراء في الشارع كما أوضح الروائي كمال الرياحي أن ثلة من المبدعين التونسيين كصلاح بن عياد (شاعر) وعدنان الجدي (مفكر تونسي) وأيمن الدبوسي (باحث في علم النفس وروائي) حضرت الحركة معلنا أن المجموعة ناصرتنا لهذه الفكرة الرائعة النبيلة في أهدافها» ليضيف قائلا «اخترنا أن تجسد الفكرة في شهر أفريل لأنه شهر قريب من موعد إعلان افتتاح معرض الكتاب المفترض برمجته». من جهة أخرى أكد كمال الرياحي أن جهات أخرى على الفايسبوك استمدت الفكرة وبدأت تروّج لها من خلال معلقات معلنا «قلنا ليس مهما من هو صاحب الفكرة إذ لا يمكن أن نتناحر من أجل هذه الفكرة، المهم أنها لاقت استحسانا كبيرا». وليد سليمان المترجم والقاصّ التونسي كان صاحب دار النشر «وليدوف» قام بدوره بتوزيع العديد من أعمال منشوراته -والتي تحمل عناوين روايات عالمية- بين المواطنين من مختلف الفئات والأجناس على غرار «عزيزي صديق المرحوم» لأندري كوركوف الذي ترجم في تونس منذ شهرين. هذا بالإضافة إلى أعمال روائية وقصصية هامة لكتاب تونسيين تمّ توزيعها على المشاركين تشجيعا على المطالعة. وقد أعرب كمال الرياحي عن سعادته التي لا توصف قائلا «تونس تقرأ هي أجمل ما وقع بعد الثورة وهي صورة حضارية جدا كما أننا نقدم صورة جميلة للعالم من خلال إصرارنا على حرية التعبير لأنه لأول مرة توزع الكتب في تونس دون رقابة لموضوع الكتاب أو انتمائه». وتجدر الإشارة إلى أن الحدث شدّ انتباه أغلب التونسيين الذين عبروا على مواقع التواصل الاجتماعي عن سعادتهم الكبيرة بالفكرة. كما أن المشاركين أقبلوا بعفوية كبيرة وبإيمان بقيمة الحركة حيث تناثروا في عدّة أماكن بشارع الحبيب بورقيبة حاملين الكتب منشغلين بقراءتها في مشهد يعيد الأمل في مستقبل القراءة والمطالعة في بلادنا. فرغم التحولات التي طرأت على عالمنا المعاصر مازال الكتاب يحتل موقعه عند المتلقي ويعتبره مصدرا من المصادر الهّامة لتنمية زاده اللغوي والمعرفي. لقد حان الوقت إلى أن نقطع مع قولة «أمّة اِقرأ لا تقرأ».