ظاهرة البناء الفوضوي أو البناء بدون رخصة انتشرت بشكل كبير بعد الثورة في ولاية القصرين لتبرز كظاهرة تستحق الوقوف عندها ومعرفة أسباب هذا الانفلات خصوصا وأن الظاهرة تجاوزت حدود التهرب من رخص البناء إلى إقامة بناءات في مناطق خضراء وأخرى فوق أنابيب ناقلة للأسلاك الكهربائية والهاتفية وأنابيب الغاز. واعتبر المسؤول عن العمل البلدي في ولاية القصرين محمود الصالحي أن هناك أسباب عميقة دفعت بالعديد من المواطنين إلى البناء الفوضوي أولها أن القانون التونسي في إسناد الرخص ومجلة التهيئة العمرانية لم يراعيا خصوصيات الجهات، ففرض تهيئة الأرض قبل بيعها دفعت بأصحاب الأراضي الفلاحية بالجهة والتي زحفت البناءات إلى أريافهم إلى عدم الالتزام بالتهيئة والتقسيم وبيع أراضيهم وفق رغباتهم وحسب مغريات مادية، يحدث هذا في غياب الباعثين العقاريين الذين يعتبر تدخلهم محدودا إن لم نقل ضعيفا وبيعهم لمقسمات و بناءات محدودة المساحة وبأسعار مشطة، وعليه فلابد من سن استثناءات في مجلة التهيئة العمرانية تسمح بالتعامل مع المناطق الخارجة عن التهيئة العمرانية وفق دراسات اجتماعية لتحديد طبيعة حياة المواطنين خاصة وأن الإدارة العمومية ( البلدية أو الدولة ) لم تعد تملك أراض صالحة للبناء لتمكين الفئات الاجتماعية محدودة الدخل من بناء منازل لهم ... هذا بالإضافة إلى الإجراءات المتبعة للحصول على رخص بناء مازالت تمثل عائقا لدى المواطن، فعلى الدولة أن تعمل على تخفيض المعاليم على رخص البناء وتخفيف الإجراءات حتى تشجع المواطن على الحصول على رخصته... ويقول محمود الصالحي»على المواطن أن يدرك أن رخصة البناء توفر له الأمان للسكن داخل غرف منزله من جهة وتساعد على حماية المرفق العام والمساحات المجاورة للطريق العام للسماح للشركات والادارات بأداء عملها على أحسن وجه». وعن التجاوزات التي حصلت بعد الثورة وكيفية معالجتها من قبل الجماعات المحلية يجيب الصالحي» لقد سجلنا طيلة سنة 2011 ما يقارب 173 قرار هدم في كامل الولاية لبناءات فوضوية ولم ينفذ منها سوى 18 قرارا وتناقص هذا الرقم في الثلاث أشهر الأولى من سنة 2012 حيث لم تتجاوز المخالفات 15 ... فأعوان التنفيذ يتعرضون إلى ضغوطات كبيرة وصلت إلى حد الاعتداءات الجسدية. ويجد المسؤولون في البلديات أيضا صعوبات كبيرة في إمضاء قرارات الهدم بسبب الوضع الأمني الهش ولكن يقول الصالحي الظاهرة في طريقها إلى التلاشي ونطمح لاعادة النظر في القوانين والاجراءات المنظمة للتهيئة العمرانية وإسناد الرخص حتى نتجنب ظاهرة البناء الفوضوي.