- إنّ العمل النقابي هو عمل تطوّعي و جماعيّ غايته خدمة المجتمع بخدمة الشغالين والسهر على مقدّراتهم و هو العمل النقابي - تضحية مبدئية أولية، و هي أساس للتضحيات الأخرى الواجبة للتعبير عن الالتزام الصادق به، و إنه من أهم مبادئ العمل النقابي أن يكون الفرد مقتنعا بأهمية الممارسة النقابية وجدواها في المحافظة على الحقوق وتحسين الأوضاع والارتقاء بالواقع الموجود نحو الأفضل، إن غايته هي تحقيق مصالح الشّغّالين و الرّقي بوضعيتهم المهنية و الاجتماعية نحو الأحسن و الأفضل، و قد تبنّت النّقابات جميع الطّرق القانونية منها و غير القانونية للوصول إلى هذا الهدف. كما تعتمد الفكرة النقابية السائدة على مبدأ الصّراع الملازم لكل حركة عمّالية، حيث لا يمكن لأي تحرّك عمّالي أن يكون بدون آلية التصادم والتدافع مع صاحب العمل أو الدولة مغفلين إمكانيّة التكامل ومراعاة المصلحة المشتركة بين جميع مكونات سلسلة العمل. إن مبدأ الديمقراطية المركزية هو العمود الفقري الذي يرتكز عليه العمل النقابي ، وهو الذي يعني ضرورة أن تكون إدارة النقابة وكافة القرارات والمواقف المعبرة عنها صادرة وفق آليات ديمقراطية يشارك فيها كل الأعضاء، مما يعطي الأفراد حق اختيار و مراقبة المجموعة التي تقود العمل النقابي و بالتالي التزامهم بالقرارات الصادرة عن هذه المجموعة. لكن حين يفتقد النشاط النقابي لمبدأ المراقبة والمحاسبة يصبح العمل النقابي نوعا من الفوضى و التسيب الذي يصل أحيانا إلى حد انعدام العمل النقابي وانهياره، و هذه الرقابة والمحاسبة لا تهدف بالدرجة الأولى إلى إثبات الخطأ وفرض العقوبات بل تهدف إلى تجويد النشاط النقابي. إن اعتماد فكر انجلز في العمل النقابي و جعل «القضاء ليس فقط على نوع معين من التنافس ولكن القضاء على التنافس ككلّ هو هدم لمعنى الخلق و الإبداع بما أنه-العمل- يصبح بلا حوافز تشجع عليها-معاني الخلق و الإبداع-. و لعلّنا نجزم أن الفكر النقابي بما هو عليه الآن بعد عشرات السنين من الاختراق المافيوزي و الايديولوجي من طرف النظام البائد و النخب الساقطة أخلاقيا و سياسيّا، هذا الفكر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخدم وطنا بصدد البناء، بعد خراب، فالبناء من الأساس أسهل من البناء بعد الخراب. و تتمثّل شجاعة النقابي المدرك لحاجات العمال و الوطن في اتخاذ قرارات غير شعبية لكنها مجدية على مدى منظور، لكن ركونه إلى أسهل الطرق عبر تمرير المطلبية الآنية الفردية التي هي ضد روح العمل النقابي بما هو عمل جماعي لنتائج جماعية، وليس هناك ما يجمع الناس أكثر من وطن يبنونه معا. كما أن غياب الوعي السياسي للطبقة العاملة و التي تمكّنها من الفهم الصّحيح للنضال النقابي وبعده السياسي،تفتح الباب لفائدة التوظيف النقابي السياسوي. باحث المكناسي