10 سنوات سجنا في حق كاتب عام نقابة أعوان وموظفي العدلية سابقا    جمعية القضاة تقول " إن وزارة العدل وجهت استجوابات لقضاة على خلفية آرائهم ومواقفهم"    القضاء يباشر النظر في ملف جمعية " تونس أرض اللجوء "    حجز 1400 قطعة مرطبات مجمّدة غير صالحة للإستهلاك..#خبر_عاجل    هيئة السلامة الصحية للأغذية: حجز وإتلاف كميات هامة من المواد الغذائية غير الصالحة وغلق محلات مرطبات    الملعب التونسي: لسعد الدريدي غادر الملعب التونسي مخلا بالتزامه التعاقدي والمعنوي مع الفريق    عاجل: حقيقة بيع برشلونة ل الأمير محمد بن سلمان ب 10 مليارات يورو    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": مدرب منتخب السودان يعلن عن قائمة تضم 27 لاعبا    جمال الخرازي رئيسا جديدا للجامعة التونسية للمصارعة    بطولة كرة السلة: نتائج مباريات الجولة الثالثة إيابا.. والترتيب    عاجل/ نشرة استثنائية للرصد الجوي.. أمطار مؤقتًا رعدية وغزيرة بهذه المناطق..    الحماية المدنيّة تسجّل 425 تدخلا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية    فلوسك تحت السيطرة: خطوات بسيطة باش تولّي واعي بمصاريفك    عاجل: شوف القنوات الي تنجم تتفرّج فيها في ماتشوات كأس أمم إفريقيا 2025    البرلمان الجزائري يناقش تجريم الاستعمار الفرنسي    بداية من جانفي: إذا دقّوا عليكم الباب...راهو استبيان على النقل مش حاجة أخرى    عاجل: أمطار رعدية وغزيرة جاية لتونس    عاجل/ مفاجأة بخصوص هوية منفذي هجوم سيدني..    تجمّع عمّالي أمام شركة نقل تونس    الزهروني: إيقاف مشتبه به في جريمة طعن تلميذ حتى الموت    ما السبب وراء صمود توقعات النمو الاقتصادي لدول آسيان-6؟    مؤسسة دعم تحتفي بمسيرة 10 سنوات من الإدماج المالي وتعلن تخفيض دائم في نسب الفائدة    عاجل: ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات بالمغرب    عاجل-محرز الغنوشي يُبشّر:''بداية أولى الاضطرابات الجوية والتقلّبات انطلاقًا من هذا اليوم''    تصدى لمنفذي هجوم سيدني.. من هو أحمد الأحمد؟    بعد هجوم سيدني.. أستراليا تدرس تشديد قوانين حيازة الأسلحة    كأس العرب قطر 2025: المغرب والإمارات في مواجهة حاسمة من أجل بلوغ النهائي    على خلفية الاحتجاجات الأخيرة: إيقاف أكثر من 21 شخصا بالقيروان    HONOR تطلق في تونس هاتفها الجديد HONOR X9d    عاجل/ حادث مرور مروع ينهي حياة أب وابنته..    أب وابنه.. أستراليا تعلن تفاصيل جديدة عن مشتبه بهما في هجوم سيدني    مستشفى جندوبة .. استئناف النشاط الجراحي بقسم طبّ العيون    بشرى للسينمائيين التونسيين إثر صدوره بالرائد الرسمي .. إحداث صندوق التشجيع على الاستثمار في القطاع السينمائي والسمعي البصري    في كتابه الجديد «المدينة في زمن الباشا بايات» .. د.محمد العزيز بن عاشور يؤرخ للمدينة العتيقة ول«البلديّة»    اتحاد الكتاب فرع توزر يعلن مقاطعته مؤتمر اتحاد كتاب تونس    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    وزارة الفلاحة تنطلق في العمل ببرنامج تخزين كميات من زيت الزيتون لدى الخواص مع اسناد منح للخزن    كأس العرب قطر 2025: مدرب منتخب الأردن يؤكد السعي لبلوغ النهائي على حساب السعودية في مباراة الغد    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    شجاعته جعلته بطلا قوميا في أستراليا.. من هو أحمد الأحمد؟    فوز 11 تلميذا في مسابقات الملتقى الجهوي للصورة والسينما والفنون البصرية للمدارس الإعدادية والمعاهد    تطاوين: انطلاق الشباك الموحد للحجيج لموسم 1447 ه / 2026 م لفائدة 133 حاجًا وحاجة    قفصة : إنطلاق الحملة الوطنية الأولى للكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية    توفى بيتر غرين.. الشرير اللي عشنا معاه على الشاشة    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    الرياض تستضيف المنتدى العالمي ال 11 للحضارات بدعم غوتيريش و130 دولة    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    عاجل: الأطباء يحذرون...الطب الشعبي قد يؤدي للوفاة عند الأطفال    الفئة العمرية بين 18 و44 سنة تمثل 51 بالمائة من مجموع قتلى حوادث المرور (دراسة)    شنيا يصير وقت شرب ال Chocolat Chaud في ال Grippe؟    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نحمي ثورة تونس من عشاق الكراسي؟
نشر في الصباح يوم 06 - 05 - 2012

- قال أحد فلاسفة التنوير الفرنسي مونتسكيو "إن الترف مجلبة لفساد الجمهورية بنوعيها، فهو في الديمقراطية يصرف الناس عن حب الوطن ، وفي الارستقراطية يجعل النبلاء يجرون وراء أطماعهم الشخصية فيعم البلاء"
فالترف الذي مارسه حاكم تونس المخلوع ومافيته النوفمبرية ببلادنا ، فاق كل الإحصائيات والتوقعات ، وشل كل قنوات التنمية بالبلاد ، وانعكست آثاره الخطيرة والمدمرة على الإنسان التونسي وفي كل الولايات ، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا ، وأدخل الفزع في النفوس التي ما عاد لها أمل في إصلاح المعوج من حياتنا !!
ومن هذا المنطلق يجب على المواطن بعد ثورة 14 جانفي 2011 أن يثبت ذاته ، وأن يقف حارسا يقظا ، ومحاربا جسورا للفساد في كل المستويات ، الإدارية ، والاجتماعية ، والاقتصادية والسياسية ، وبكل قسوة ، لأننا سوف لا نخطو إلى الآفاق الرحبة والواعدة التي ترقى بنا وتدفعنا نحو التقدّم والازدهار المنشودين ، ما دام عنصر الفساد قائما وشائعا وذائعا في ربوعنا .
من أجل هذا وكل هذا رأينا الشعوب العربية في تونس ، ومصر ، وليبيا ، واليمن وسوريا تثور على الحكام الفاسدين والمتسلطين ، الذين كرّسوا القهر والاستبداد والفساد شعارا لعديد العقود ، إذ تحمّلت هذه الشعوب المقهورة التضحيات الجسيمة ، فسالت الدماء الزكية ، وأزهقت الأرواح زمن الاستعمار أولا ، ثم تحت نير حكام الاستقلال الفاسدين ثانيا .
فالثورات إذن ، هي التعبير البليغ والرّد المفحم من الشعوب ، ضد حكامهم المستبدين ، وكأنهم بصنيعهم هذا يريدون أن يحرّكوا النفس التي لحقها الوهن والتواكل والخمول ، حتى تنهض من كبوتها ، التي لازمتها طويلا ، فتقاوم وتقتحم المجهول والمحظور ، وتنفض عنها غبار السنين ، لتستقبل عصرا جديدا ، لا يضيق بأي فكر حر ، يريد أن يعبّر عن هموم الشعوب ، وتوديع عصر القهر ، والفكر الواحد ، المطارد للرجال الأحرار وسجنهم وإبعادهم والتنكيل بهم وتصفية العديد منهم في ظروف غامضة ، فالشعوب العربية المناضلة تلقّت الصدمات العنيفة والمكهربة من حكامها وأجهزتها القمعية المتشعبة ، فصبرت وصابرت ، واستطاعت هذه الشعوب بصلابة عقيدتها الوطنية ، قلب الموازين لصالحها ، وأسقطت العروش الفاجرة ، التي حكمتها لأكثر من خمسين سنة .
نعم نحن في تونس أيضا ، قلبنا الصفحة القاتمة ، واستبدلناها بصفحة نقية وناصعة ، والأجمل من هذا أن نؤسس لمرحلة جديدة تغيب فيها الأهواء والمصالح الحزبية الضيقة ، حتى لا يستبدّ طرف على الأطراف الأخرى ، لأن هذه المرحلة الحساسة التي نعيشها تتطلب منا نفسا طويلا من التواصل والتحابب بين المواطنين، أفرادا وتنظيمات سياسية بمختلف أطيافها وايديولوجياتها ، من أجل بناء الوطن من جديد ، على ركائز صلبة ، لا تؤثر فيها الزوابع والتوابع أما اذا انقسمنا وتشرذمنا واختلفت أهواؤنا . وأصبح كل واحد يصوّب سهام حقده على الأطراف الأخرى ، ودون حساب لمصلحة تونس ، فإن الآفاق سوف تضيق بنا ، لأن ما يصلنا من حوار على الشاشات التلفزية ، في هذا المنبر أو ذاك ، قد عمّق من آلامنا ، وأصابنا بالقَرَف والدهشة لما فيه من لغط ولغو تنبو عنه الأسماع من الناحية الأخلاقية ، لأنه خارج عن أدبيات الحوار التي تحتم علينا احترام الآخر أو الآخرين ، إذ كان من حق هذه القنوات الوطنية ألا تفتح منابرها لكل من هبّ ودبّ حتى لا تغزو مسامعنا عديد التّرهات والثرثرات القامعة للأذهان، من طرف كمٍّ هائل من المراهقين سياسيا ، والذين لا رصيد لهم في بنك النضال والسياسية ، وبكل صفاقة أصبحوا بين عشية وضحاها من المنظّرين ، وهم بالأمس الدابر كانوا موالين مطبّلين منبطحين للرئيس المخلوع وبطانته ، وهكذا وبسرعة البرق صاروا يعطون الدروس ، اللهم إن هذا لمنكر ، نرجو الكفّ عن هذا النفاق الذي يعفّن جراحنا, لان بلادنا في حاجة إلى الأفعال لا إلى الأقوال
لذا على حماة الثورة أن يتحلّوا بمزيد اليقظة والفطنة، حتى يصونوا ويحافظوا على ثورة الشعب من التلاشي، وسط الايديولوجيات التي تريد أن تصحّرها وتجهضها، بإشعال الفتن هنا وهناك ، وأن لا يفرّطوا فيما حققته الجماهير التونسية من مكاسب رائعة تفوق الخيال ، رغم آلات العطالة والتدمير ، التي تدير دواليبها جيوب الردة المنتشرون في كل مدينة وقرية وريف ، يتربّصون الدوائر، ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة اشعال فتيل الفتنة هنا وهناك ، وإحياء النّعرات الجهوية والعروشية ، سعيا وراء التّفتت والتّشظي لوحدتنا ، وغاب عنهم ان هذا الفكر القاصر والهدّام ، سوف لا يزيد التونسيين الا تلاحما وألفة ، وقدرة فائقة في بناء هذا الوطن ، ونشر قيم الكرامة وحقوق الإنسان ، التي تنير سماءنا التي تلبّدت بالسحب القاتمة لأكثر من خمسين سنة، ونحن نعاني الحكم المطلق ، الذي حرَمنا وعزَلنا عزلا عن المشاركة في القرار .
من أجل هذا وكل هذا ، نحذر جميع الأحزاب من الانسياق نحو الايديولوجيات الضّيقة، والتجاذبات والمشاكسات والمُلاسنات السليطة في المجلس التأسيسي ، أو في المنابر التلفزية ، لأننا نعيش فترة استثنائية وصعبة بكل المقاييس ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا .
فالواجب يقتضي منا التآلف ووحدة الصّف ، من أجل الخروج بتونس إلى الآفاق الرحبة ، لأن التغيير من السّلب إلى الإيجاب صعب ، ولا يأتي من فراغ ، إذ لا بد له من عناصر ايجابية متماسكة مع بعضها البعض ليستقيم البناء، وفي صدارتها التفاني في حب الوطن ، لأن تغير واقعنا البائس لا يأتينا معلّبا من الخارج ، بل لا ينبع إلا من ذواتنا ، لا من ذوات الآخرين ، وهذا التغيير فيه إعداد وبرمجة أيضا ، لا تنبع إلا من ذواتنا الفاعلة والفعّالة ، حسب واقعنا وحاجياتنا العاجلة والآجلة لنحقق الأهداف ، وبغير هذا لن تبدأ لنا حركة فاعلة نحو التقدم والمواقع الأمامية ، لأن الساحة الوطنية المفتوحة اليوم شاهدة على ما نقول ، فالحذر الحذر من النكوص على الأعقاب ، وإجهاض الثورة من اجل الجري وراء الكراسي من ناحية ، ومن أخطار الثورة المضادة من أجنحة الردة الداخلية القدامى والجدد .
وبذلك نستطيع تثبيت وترسيخ الفكر الديمقراطي الصحيح الذي يضمن لكل التنظيمات السياسية حقوقها حسبما تُقدّم من خدمات سخية للوطن، والارتفاع به إلى مستوى العصر الذي نعيش في أكنافه ، حتى لا نبقى أبد الدهر تابعين للامبريالية الغربية نعيش على فتات موائدها إلى الأبد . فهل من مذكر ؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.