احتضن مركز الموسيقى العربية والمتوسطيّة النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد بالعاصمة على امتداد يومي الجمعة والسبت من الأسبوع الماضي ندوة علمية نظّمتها الجمعيّة التونسية للبحث في الموسيقى والعلوم الموسيقيّة الحديثة التي تم بعثها منذ جويلية الماضي وذلك بالتعاون مع مركز الموسيقى العربية والمتوسطية بالنجمة الزهراء. تمحور موضوع الندوة حول الإيقاع في الموسيقى بين التنظير والممارسة. وقد شارك في طرح جملة من المسائل المتفرعة عن "الإيقاع" كمبحث موسيقي علمي ثلة من الأساتذة والطلبة والباحثين في المجال الموسيقي من مختلف الاختصاصات ممّا جعل عددا كبيرا من الأكاديمييّن الحاضرين يعبّرون عن مدى أهمية هذه المناسبة لأنّها بالخصوص فرصة للم شمل عدد كبير من الموسيقيين التونسيين وكذلك بعض الأجانب من مختلف المواقع والاختصاصات للتّلاقي والتباحث حول موضوع الندوة من خلال المداخلات التي قدمها أساتذة وباحثون وطلبة باللغتين العربية والفرنسية كانت متبوعة بنقاشات جمعت بين الإضافة والنقد الصريح ما أضفى على الندوة جدية وجدوى. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة العلمية سجّلت غيابا بارزا لوزارة الثقافة في وقت ينتظر فيه منها أن تكون سباقة في تنظيم ودعم مثل هذه الندوات نظرا لما يمكن أن تقدمه من ورقات عمل واقتراحات استراتيجية في مسار الإصلاح وإعادة الهيكلة المطلوبة في مختلف القطاعات الثقافية والفنية في هذه المرحلة بالأساس. الموضوعيّة المطلوبة انتظمت الندوة في شكل حصص تمحورت كل واحدة منها حول مسألة تعنى بآلة موسيقية إيقاعية أو غيرها من القضايا الأخرى ذات العلاقة بموضوع الندوة على غرار "نظرية الإيقاع بين الشعر والموسيقى" بإدارة الدكتور محمود قطاط " الآلات الإيقاعية من منظور الأورغانولوجية " وترأّس هذه الجلسة الدكتور الأسعد الزواري و"علاقة التركيبة الإيقاعية بالبنية اللحنية وإشكاليات التدوين الإيقاعي". قدم مداخلات هذه الجلسة كل من الدكتور محمد نبيل سعيد أستاذ مساعد بالمعهد العالي للموسيقى بسوسة ومكرم الأنصاري يشغل نفس الخطة بنفس الهيكل وعبد الخالق دراويل فيما تولى إدارتها الدكتور مراد الصقلي إضافة إلى الدكتور مراد السيالة الذي أدار الجلسة التي تمحورت حول " مدوّنة الإيقاع في أرصدة الموسيقى التونسية والمغاربية" قدم خلالها كل من الدكتور رشيد الشريف مداخلة حول " قيمة الإيقاع في الموسيقى التونسية الشعبية. فيما طرح عازف القانون الدكتور جمال عبيد " الجانب الإيقاعي في الموسيقى الآلية التونسية من المحاكاة إلى التنوع والثراء" واستدلّ في مداخلته ببعض الأسماء التونسية التي مزجت بين أشكال إيقاعية في عديد الأعمال على غرار خميس الترنان الذي أدخل خلايا جديدة في الموسيقى التونسية أو محمد سعادة الذي وظف إيقاعات مخالفة كالمجرّد في الصوفية وصولا إلى " الارتجال الإيقاعي في العملية الإبداعية" وغيرها من المسائل الأخرى التي تبحث في " الإيقاع" كممارسات في التجارب الموسيقية المستحدثة فضلا عن مكانة هذا المعطى الموسيقي في برامج ومناهج التعليم الموسيقي. فكان الاتفاق حول التساؤل حول كيفية تحليل الإيقاع بطريقة موضوعية في استعماله في مختلف الأنماط الموسيقية على اعتبار أن الباحث في حاجة ماسة إلى فهم الإيقاع فهما عاديا. إصدار دراسة أكد الدكتور أنس غراب أن الجمعية التونسية للبحث في الموسيقى والعلوم الموسيقية التي يعد أحد أعضاء هيئتها المديرة تقوم بخدمات جد هامة تتمثل في القيام بالأنشطة العلمية من خلال مشاركة جامعيين وأكاديميين مختصين في عديد المجلات الموسيقية لأنه يرى أن مركز الموسيقى العربية والمتوسطية لا يستطيع وحده أن يقوم بمثل هذه الأنشطة في ظل محدودية إمكانياته المادية وعدم قدرته كهيكل على انتداب أكاديميين للقيام بمثل هذه المهام. كما أوضح أن الجمعية خيرت بدء نشاطها العلمي بالتركيز على مسألة " الإيقاع" من خلال طرح المشاكل التي تعنى بالموضوع في تونس وبحث أساليب ربط علاقاتها بالنظريات العامة في الإيقاع. ووعد بإصدار المداخلات وما رافقها من نقاشات واقتراحات في كتاب ستصدره الجمعية خلال الأيام القليلة القادمة ليكون بمثابة دراسة على ذمة الباحثين والطلبة والمهتمين بالشأن الموسيقي.