إنضاف الى المشهد المسرحي في الاسبوع الفارط عمل جديد بعنوان «ليلة في حلق الوادي» نصّ سمير العيادي ، اخراج محمد منير العرقي تمثيل ليلى الشابي ، محمد علي دمق، أماني بللعج ووهيبة الرماح. ليلة في حلق الوادي غوض في الذاكرة ونبش لحقائق متعلقة بالأنا رحلة بين زمنين زمن الوجع وزمن السبق وبينهما يمثل الحاضر بكل تناقضاته، لحظات دقيقة لجلد الذات والوقوف عند ادران ترسبت في النفس الانسانية الطامعة والطامحة، انطلاقا من فضاء ضيق منغلق يسوده الاختناق على ضفاف شاطئ حلق الوادي تتحرك الذكريات تتجول هنا وهناك بين الواقع واللاواقع تقف أمامنا مرام مسترجعة بحرقة طيف أمها الذي يقض مضجعها ، أخيلة تراودها أحلام تتراقص أمام عينيها لا تستطيع أن تتحرر من صورة أمها التي تقبض على كل كيانها وتحاول أن تلغي الآنيّ فيها ولكنّ ابنتها مليحة تحاول أن تعيد اليها توازنها وتؤسس في ذاتها مصالحة مع حاضرها ولكن مرام ترفض بشدة أن تحكم العقل فتصرخ وتثور وتتعدد النتوءات في كيانها وتصطدم في تنقلها بين الكرسي والأريكة بمحمود زائر ليلة عيد الأضحى يقتحم بيتها ويستقر في واقعها محمود عاشق، منتشي، موسيقي ، فنان من أيام زمان وبلغة زمان يعود بنا الى خصوصيات حلق الوادي، الجلسات الخمرية والسهرات الصاخبة هنا وهناك في الكازينو وصحبة الفاتنات في أماكن يحلو فيها السهر، محمود يعرّي به العيادي الواقع ويكشف عن كوكبة من اللحظات الانسانية وفي هذه السياقات يمثل أمامنا التحليل النفسي والاجتماعي ويسعى العرقي الى تحريك الشخصيات على خشبة المسرح في هذا الاطار دون تعقيد ودون ترميز بل باعتماد مفهوم الواقعية التسجيلية ومن الامثلة على ذلك غناء احدى البطلات بلغة موليار لأغنية عن العراق ، من واقع الحال، وفي خضم هذه الاطياف أو لنقل المتناقضات تتشكل شخصية مينا الفاتنة المتبنية للهجة لبنانية فيها الكثير من التصنع مينا جسد مكتنز وذات مغيبة وفعل مهمش هي في حقيقة الأمر محبوبة أخت مرام من الاب، تعود مينا أو محبوبة بتحد كبير بعد ان اختفت لفترة بعد أن اختطفت مجيد زوج مرام، مجيد أمنية في حياة مليحة. تتواجه الشخصيات تتخاصم، حركات عنيفة، ولغة فيها الكثير من الجرأة وصلت بين سمير العيادي ومحمد منير العرقي لتقديم رسالة لعلها تقول لا للاغتراب نعم للتجذر والانتماء ويبقى حلق الوادي مرفأ النفس ولحظة الهدوء والاطمئنان كل هذه المعاني قدمت وفق أدوات مسرحية فيها الكثير من البحث ولكنها تختزل بساطة في الصياغة وأريحية في التناول.