تعرضوا للمضايقات والتعنيف والقتل والاختطاف على لحدود مع ليبيا، أصبحوا يبحثون عن أمنهم وسلامة عائلاتهم من أي تهديد، كان طلبهم إيجاد إطار قانوني يحميهم عند التدخل لفضّ الاعتصامات أو ما شابه ذلك، اتهموا بالتخاذل عندما تمسكوا بحقهم النقابي وازدادت انتقاداتهم عند تغييبهم عن الساحة في فترات معينة بقرار سياسي، وصفوهم «ببوليس بن علي والنهضة» عند فك الاعتصامات والتظاهرات القانونية و»غير القانونية».. تلك هي حال رجال الأمن في تونس ما بعد الثورة في سطور. ما جرى يوم 9 أفريل وفي الملاحة وغيرها من الأحداث التي شهدتها بعض الجهات سجلت إصابات متفاوتة لعديد الأعوان.. ولاية القيروان كانت شاهدة على دفع احد المجرمين لعون أمن في بئر حيث ظل لأيام يصارع الموت بقسم الإنعاش بالمستشفى العسكري قبل أن يلبي داعي ربه شهيدا للواجب.. أيام قليلة بعدها فقط سجلت الجريمة النكراء الثانية التي راح ضحيتها عون ثان بطريقة شنيعة بعد دهسه بواسطة سيارة.. ومن اعتداء إلى آخر في حق أعوان لم يقترفوا أي ذنب سوى أنهم لبوا نداء الواجب في خدمة البلاد والعباد بشكل يطرح الكثير من الاستفهامات.. اختلفت آراء «عظماء السياسة» والحقوقيين الأجلاء في بلادنا حيث نددوا بالتدخل العنيف «للبوليس» في المظاهرات وأصدروا بيانات شجب بل وطالبوا بفتح تحقيق في التجاوزات، في حين قلت البيانات والتصريحات و»قلق» الحقوقيين بعد تعنيف أو مقتل كل عون أمن متناسين أن رجال الأمن تونسيو الجنسية ولم يكونوا يوما مرتزقة. كما تناسوا او تجاهلوا ما قامت به المؤسسة الأمنية بالإضافة إلى الجيش الوطني من خدمات جليلة في الكثير من المواعيد الهامة التي مرت بها بلادنا. والغريب أن عملية قتل عون الأمن بسيدي عمر بوحجلة بطريقة «شنيعة» أجمع كل من تابع أطوارها من قريب على أنها عملية قتل عمد لكن السؤال المطروح هو كيف تعتبر وزارة الداخلية وعلى لسان رئيس مكتب الاتصال بها وفي أول تصريح وبيان للوزارة بأنه مجرد حادث مرور والواقع انه بين القتل العمد وحادث المرور فرق شاسع. تحدثوا كثيرا عن «الأمن الجمهوري» وضرورة تغيير عقلية عون الأمن ليكون عونا في خدمة الشعب وساهرا على تطبيق القانون وليس جلادا في يد السلطة القائمة، بالإضافة إلى فتح ملفات الفساد في الوزارة ومحاسبة الفاسدين لكن اعتقد أن دعاة الإصلاح قد نفد صبرهم ونسوا أن المؤسسة الأمنية وكغيرها من القطاعات تتطلب بعض الوقت للوصول إلى نتائج إيجابية. طالب أعوان الأمن بإطار قانوني يحميهم وبعد انتظار طويل مازلنا في مناقشة القانون عدد 4 الذي تحول إلى مشروعي قانون، قال أمنيون بان ثغراتهما كثيرة لوجود الكثير من الغموض في بعض فصولهما. ولاشك أن أبناء المؤسسة الأمنية اليوم في أمس الحاجة إلى قانون واضح يحميهم ويشرعن عملهم ويضمن حقوقهم. كما أنهم في حاجة إلى حوار داخلي كبير يجمع النقابتين الكبيرتين (وفروعهما) ووزارة الإشراف من أجل مصلحة الأمن والمواطن. من حق شهداء الأمن الذين قتلوا إبان الثورة وبعدها أن يضافوا إلى القائمة الطويلة للشهداء والجرحى . كما تجب محاسبة من ثبت تورطه في عمليات قتل المواطنين بعد 14 جانفي. لقد عانى رجل الأمن قبل الثورة وبعدها كثيرا وانتظر كغيره هبوب نسمات تعايش تغيب فيها الاتهامات والقتل والتعنيف ليصلح علاقته بالناس لكن ما نراه على الأرض هو مزيد تعرضه لظلم كنا بالأمس البعيد نعاني منه. فأيّة حال أضحت عليها بلادنا بعد أكثر من سنة حيث بات حافظ الأمن فيها يبحث عن أمنه؟ أقولها وأمضي.. رفقا بعون الأمن يا معشر السياسيين والحقوقيين، ويا شعب لأنه مثل أيّ مواطن.. تونسي...