لم تجر رياح الجزائريين بما تشتهيه سفن الربيع العربي، فقد نجح البلد المغاربي في الإفلات من تأثيرات دومينو الثورات الذي قطف رأس بعض الأنظمة الواحد تلو آخر وبالرغم من الاحتجاجات التي عرفتها البلاد خلال الأشهر الأولى من العام الماضي، صمد النظام من خلال اتخاذ إصلاحات اقتصادية وسياسية. ومثلما «نجا» النظام الجزائري من «تسونامي التغيير»، لم تحقق الانتخابات التشريعية التي عرفتها البلاد في العاشر من الشهر الجاري إعادة إنتاج سيناريو صعود الإسلاميين إلى البرلمان، بل كرّست الوضع القائم في البلاد، وفضّل الجزائريون «الاستقرار السياسي» كما تقول صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية. فقد أظهرت النتائج الرسمية المؤقتة للانتخابات التشريعية الجزائرية، التي أعلنها وزير الداخلية دحو ولد قابلية بعد ظهر الجمعة الماضي فوز الحزبين اللذين يتقاسمان السلطة منذ العام 1997 وهما «جبهة التحرير الوطني» و»التجمع الوطني الديمقراطي». وقد حصلت «جبهة التحرير الوطني» بزعامة عبد العزيز بلخادم رئيس الوزراء السابق على 220 مقعدا من أصل 462، يليها»التجمع الوطني الديمقراطي» برئاسة أحمد أويحيى رئيس الوزراء الحالي ب 68 مقعدا. ولم يحصل تكتل «الجزائر الخضراء» الإسلامي، الذي يضم «حركة مجتمع السلم» بقيادة أبو جرة سلطاني و»النهضة « بزعامة فتحي ربيعي و»الإصلاح» بزعامة ميلود قادري سوى على 48 مقعدا، في حين كان يتوقع الكثيرون داخل الجزائر وخارجها إحرازهم فوزا كبيرا في سياق الثورات العربية التي وصل بفضلها الإسلاميون إلى الحكم في كل من تونس ومصر وليبيا. وتعد هذه النتائج تراجعا بالنسبة إلى التيار الإسلامي، إذ أنّ «حركة مجتمع السلم» كانت لوحدها حصلت على 52 نائبا في انتخابات 2007، ما جعلها شريكة في الحكم مع حزبي النظام الجزائري. وقد تحدث مسؤولو الحركة خلال الحملة قائلين إنهم يتوقعون إحراز ما لا يقل عن 70 مقعدا. وتعتبر هذه النتائج المفاجأة الثانية في هذه الانتخابات بعد نسبة المشاركة المرتفعة نسبيا والمقدرة ب43%. كما أفرزت الانتخابات عن فوز 148 امرأة. وقد حاولنا من خلال الاتصال بعدد من المحللين أن نتعرّف عن الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج والخصوصيات التي جعلت الجزائر تتجنب «الربيع العربي» بكل تبعاته.