كيف يمكننا قراءة الوضع في الأراضي المحتلة في ذكرى النكبة؟ ذلك الوضع الذي يمكن أن نصفه بالكارثي على الفلسطينيين، وعلى جميع المستويات. أخطاء جسيمة طبعت مسار القضية الفلسطينية، ولا زالت إلى يومنا هذا تعاني منها، بدأت منذ البداية بعديد الزلات التكتيكية في مسار المقاومة، وانتهت إلى شبه حصار مفروض على السلطة وأراضي ما بات يعرف منذ اتفاقيات أوسلو «الساقطة» بأراضي الحكم الذاتي الفلسطيني. لقد كانت القضية الفلسطينية منذ اعلان الصهاينة لدولتهم على رفات «فلسطين الإنتداب البريطاني»، مطية لكثير الدول، كما كانت ورقة سياسية للبعض الآخر في صراع النفوذ الإقليمي، بل وكانت ضحية بعض أبنائها الذين باعوا أنفسهم ل»الشيطان». لقد عانت «فلسطين الجريحة» منذ سنة 1948، كثيرا من الخداع، بدأ من صفقة الأسلحة الفاسدة التي عقدها «القصر الملكي المصري» والهزيمة التي مني بها الجيش العربي من عصابات «الهاغاناه» و»الإيرغون» الصهيونية الإرهابية، ومن تحالف «بعض العرب»، في تكتيك أناني، مع غولدامائير أيام حرب 67، والتي انتهت، بغرق فلسطين في بحر الإستيطان، ولتكون الخريطة المتمخضة عنها، منطلقا للاستفزاز السياسي، وتفريغ القضية وتسييسها لصالح أطراف دولية على أرض فلسطين. كانت نتائج حرب 67 نقطة البداية لتتفرق هموم الشعب الفلسطيني على «أسباط بني إسرائيل»، الذين أخذوا يفصلون مسار السلام المزعوم الذي ولد من رحم اتفاقيات أوسلو الفاسدة وألجمت الفلسطينيين من سلاحهم الذي توحدوا حوله ذات يوم، ولتفرق شملهم السياسة، والإيديولوجيا، بين هؤلاء الذين يدينون بالدين وغير الدين، وآخرون وجدوا في السلطة مرتعا للفساد والإستغناء على حساب أفواه جائعة وجيوب فارغة، وآمال ضائعة، لم تجد إلا البناء في مستوطنات العدو مصدرا للكلإ، ورافدا للارتواء. ذات الأخطاء لا زالت تلوح إلى اليوم في أداء السلطة الفلسطينية، فالقادة مازالوا ينتظرون المبادرات من الخارج للذهاب أبعد في مسار لا زالوا يعتقدون أنه سيؤدي إلى سلام، ذلك المسار الذي قسم إلى مسارات، والمسارات تحولت إلى مفاصل، والمفاصل تحولت إلى نقاط، والرابح الوحيد من كل ذلك، يبقى العدو الصهيوني الذي كرس التوجه للاستيطان وفرض الأمر الواقع، وضرورة أن تشمل المستوطنات في الضفة الغربية الدولة العبرية في أي اتفاق نهائي. انه الإتفاق الذي تريد حكومة نتنياهو أن يصل إلى نقطة جيوسياسية بالغة الأهمية، وهي السيطرة على غور الأردن على الحدود الأردنية الفلسطينية، وذلك لضمان الرقابة التامة على الدولة الفلسطينية المراد تأسيسها، وهو ما يتعارض مع كافة قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة وذلك منذ قرار التقسيم لسنة 1948 حتى اتفاقيات أوسلو التي من الواضح أنها أصبحت من الماضي مع الواقع الجديد الذي تكرسه السياسة الصهيونية، او ما يمكن أن نطلق عليه استراتيجية «البيو سياسة» التي تسعى لنزع هوية الفرد في الأرض وهو ما يتعرض له السكان المقدسيون في وقت باتت فيه القدسالمحتلة على شفا تهويد شامل.