- معروف عن بلاد فارس تاريخها العريق والحافل في الفكر والإبداع. والمتجول في العاصمة طهران يقف على الطابع الخصوصي في المعمار وهندسة الطرقات والابتكار والزخرف في الديكور الذي يتسم ببساطة لا تخلو من جمالية. المشهد ثري بالدلالات وحافل بالمعاني على نحو يؤكد ترسخ البلد في الحضارة والتاريخ.. إذ يكفي التجول في شوارع العاصمة طهران للتمتع بعمق الرؤية الفنية الموغلة في الجمالية على نحو تتراءى فيه العمارات الشاهقة المنتصبة على نسبة كبيرة من مساحة العاصمة والطرقات الفسيحة والرسوم والنقوش الفنية التي تزين واجهات الجسور أو قرب المساحات الخضراء وكأنها معرض فني واسع الأرجاء. المشهد عبارة عن فسيفساء من الألوان أتقن الفنانون تشكيلها إلى درجة أن المار من الشوارع الفسيحة والنظيفة قد تأخذه متعة النظر فيصبح غير راغب في وضع حد للجولة في هذا المعرض الطبيعي. هذا الحس الجمالي المميز والأهمية التي تولى للفنون في هذا البلد يتأكد بزيارة بعض المواقع والمعالم الأثرية والحضارية بالعاصمة على غرار برج ميلاد والمتحف الوطني أو قصر رضا بهلوي شاه أو مقرات بعض الأئمة والعلماء أو مقرات الهياكل الرسمية في البلاد للوقوف على العلاقة المتينة للرؤى الفنية والجمالية في اليومي الإيراني. ولئن كان هذا الأمر مثيرا للانتباه ومحلّ استحسان من قبل أغلب الزائرين لعاصمة بلاد فارس فإن انخراط المرأة في هذا البلد في نحت صيرورة الإبداع والخلق من خلال التوظيف الفني المتميز للألوان لتجسيد الأفكار والرؤى الجمالية أكثر من جلي. المرأة والفن التشكيلي زرنا احدى الورشات للفنون التشكيلية تتكون من مجموعة من الفتيات والنساء سواء من خريجات الجامعة في اختصاص الرسم والفنون التشكيلية أو من المولعات بالألوان والرسم والنحت. كن منهمكات في النقش على الحجر أو الخشب أو الخزف مستعملات أدوات القص اليدوية أو الالكترونية في حركات متناسقة وصمت رهيب يوحي وكان العمل الإبداعي الذي يقمن به يستوجب ضرورة طقوسا محددة حتى لا يحيد المنجز الفني عن التصور الإبداعي الذي رسمنه لأعمالهن. لتكون اللوحات والمنحوتات والنقوش والألوان على الجلد والجدران فضلا عن الخط العربي تجلّ واضح لاتساع الآفاق الجمالية ونابعة من بيئة مشجعة على الفنون التشكيلية ترتقي إلى مستوى الإبداع سيرا على منوال السينما والأدب وغيرها من الفنون الأخرى. لذلك كانت الأعمال الفنية حاملة للإيحاءات وثرية بالمعاني والدلالات الرمزية أو الواقعية التي تحاكي الكون وتجسد الفكر والوجود دون قيد أو شرط مثلما توحي بذلك المعارض في أروقة الجامعات أو مداخل المؤسسات بمختلف اختصاصاتها. فبدت الأعمال المعروضة منفتحة على مدارس وأنماط مختلفة مما جعل منها تجربة متميزة. وعللت بعض الرسامات أو الفنانات اللواتي تحدثن إليهن اختيارهن لهذا النمط الفني بأنه يتيح تمثل العالم في مستوى التصور الجمالي والابتكار إضافة إلى توفر الجامعات المتخصصة وفرص التكوين وأكدت الفنانات التشكيليات أنهن يشاركن في معارض محلية ودولية وكثيرا ما تحظى أعمالهن باستحسان الجميع. وإن كانت الفنانة التشكيلية الإيرانية لا تخفي رغبتها في التعرف على المدارس المختلفة والتجارب المتنوعة لكن كل ذلك يبقى في إطار المحافظة على الرؤية الفنية التي تميز بلاد فارس.