تونس الصباح : تطرح ظاهرة الاراضي البيضاء المهملة جملة من الاشكاليات البيئية والجمالية، لا سيما بتحولها إلى مصبات عشوائية للاوساخ وفضلات البناء تتكاثر فيها الحشرات والحيوانات السائبة كالقطط والكلاب وتنبعث منها روائح كريهة تزعج متساكني الاحياء المجاورة وتكون أحيانا نشازا يشوه جمالية بعض المناطق. وتنتشر ظاهرة الأراضي البيضاء المهملة ومشاهد أكوام الفضلات والنفايات فيها بشكل لافت في العاصمة وفي مختلف المدن الكبرى وأحيانا بالقرب من المناطق السياحية الامر الذي يضر بسمعة الوجهة السياحية التونسية خاصة إذا ما علمنا أن استطلاعات للرأي لعدد من السواح الوافدين على بلادنا تضمنت تذمرات وعدم رضا عن المحيط الخارجي للفنادق من حيث النظافة واحترام البيئة والاكيد أن مظاهر الاراضي البيضاء المهملة تساهم بشكل كبير في تكوين هذا الانطباع السلبي عن الوجهة السياحية التونسية. أي دور للبلديات؟ تدخلات البلديات المتكررة في موضوع الاراضي البيضاء المهملة والمساحات الشاسعة لم يأت بجديد ولم يغير الوضع كثيرا طيلة السنوات الفارطة رغم صدور عدة مناشير في هذا الاطار وادراج الموضوع في أكثر من مناسبة على قائمة أعمال المجالس البلدية والجهوية وتنفيذ عدة حملات قصد التدخل على مستوى هذه الاراضي واستحثاث الاطراف المعنية لتحمل مسؤولياتها للتصدي إلى ظاهرة تحول هذه المساحات إلى نقاط سوداء يزداد وضعها سوءا مع مرور الوقت مما يعقد عمليات التعهد بها صيفا بتحولها إلى منابع للحشرات وشتاء بتحولها إلى برك لتجمع مياه الامطار والاوحال والاوساخ. وتقييم الوضع الراهن من قبل الدوائر البلدية لا ينكر بدوره محدودية أعمال التدخل ويحدد جملة من الاسباب والعوائق التي تحد من نجاعة الحلول المطروحة للقضاء على هذه الظاهرة ومن أهم هذه العوائق نذكر صعوبة التعرف على مالكي بعض هذه الاراضي وعدم توفر الامكانيات اللازمة لدى البلديات للتدخل لتسييجها واقتصار التدخلات على التنظيف الدوري إلا أن الحالة تعود سريعا إلى ما كانت عليه. برنامج للتدخل ولتجاوز هذه العوائق تم مؤخرا ضبط برنامج تدخل جديد للعناية بالاراضي البيضاء المهملة والقضاء على هذه الظاهرة يرتكز على توجيه انذارات لاصحاب الاراضي البيضاء داخل الانسجة العمرانية ودعوتهم إلى تشجيرها وتسييجها في غضون مدة زمنية لا تتجاوز مدة معينة (حددت ب3 اشهر) وإلا تتعهد البلدية بانجاز المطلوب وتحمل المصاريف على مالكي هذه الاراضي بالاضافة إلى التدخل على مستوى الاراضي التابعة للدولة لتشجيرها وتعريف الحاصلين على رخص البناء وخاصة المقاولين بالمصبات المخصصة لالقاء الانقاض وفواضل البناء والتشديد على اتخاذ الاجراءات الردعية اللازمة ضد المخالفين الذين يلقون أنقاض البناء عشوائيا في المساحات البيضاء القريبة. لكن على ما يبدو فإن تنفيذ برنامج التدخل هذا يواجه بدوره صعوبات في التنفيذ نظرا لتواصل اشكالية الاراضي البيضاء المهملة وانعكاساتها السلبية على المحيط الامر الذي يتطلب المزيد من الحزم في التطبيق والعمل على ايجاد حلول سريعة للوضعيات الشائكة.