«الوقت البديل» بلغة كرة القدم هو الوقت الضائع أو المبدد ,أي اللحظات الحاسمة في «عمر» المباراة ليتقرر مصير المتنافسين بعده مباشرة اثر التصفيرة النهائية للحكم و«اللي حج حج واللي عوق عوق» بمنطق أمثلتنا الشعبية وباعتبار الوضع الصعب الذي تمربه بلادنا فاننا نعيش في هذا الوقت البديل في مختلف القطاعات مما يستدعي تضحيات وجهود كل الاطراف للخروج من عنق الزجاجة حتى «نحج» لا «نعوق».. ونتمكن من القفز على مشاكلنا و»جراحاتنا» وصعوباتنا في سبيل بلوغ ولو الحد الادنى من الانتظارات وتحقيق اهداف الثورة.
انتهى الوقت البديل للحكومة التي مازال اداءها متذبذبا وسجلها خال من انجازات حقيقية في انتظار تجسيد الوعود لان الفرق شاسع الى حد اليوم بين الموجود والمنشود..لم تخرج من دائرة التردد وبدت خطاها بطيئة ولم تتعد سرعة «السلحفاة» و«الحلزون» في تعاطيها مع الملفات الحارقة من محاسبة رموز الفساد وشهداء وجرحى الثورة واستقلالية القضاء والاعلام وغيرها.. وهي مطالبة اكثر من أي وقت مضى بايجاد حلول جذرية لعديد المشاكل بما يخرج اغلب الجهات من حالة الاحتقان.
انتهى الوقت البديل للمجلس التأسيسي الذي رشقته سهام النقد من كل الاتجاهات بعد «صمته» في وقت كان يجب عليه تحمل مسؤوليته حيال احداث تكررت وكوارث تتابعت.. فاجأ الرأي العام بصور عجيبة ومشاهد غريبة بعيدة عن الانتظارات والطموحات.. كان مجرد ديكور لا حول له ولا قوة في وقت يمثل فيه السلطة العليا في البلاد..ولا مناص اليوم من تسريع نسقه وتغيير اساليبه في التعامل مع مختلف الملفات لحفظ ماء وجهه خاصة بعد تلك الجلسة «السرية» التي ناقش فيها النواب امتيازاتهم وطالبوا خلالها بمنح لا تعكس جهودهم على «الميدان».
انتهى الوقت البديل للاحزاب الحاكمة «الترويكا» التي اثبتت مجريات الأمور على الارض انها تتعامل وفق منطق «الغنيمة» و المحاصصة السياسية التي لم تزد الجو العام للبلاد الا توترا وتعقيدا ..ولا يخفى هنا على احد محاولات حركة النهضة في السيطرة على مفاصل الدولة من خلال تعيينات المعتمدين والولاة والاطارات وفقا للموالاة والمكافآت لا الكفاءات.. برزت الغايات الانتخابية مبكرا وبات من الضروري على «الترويكا» مراجعة الحسابات تجنبا لكل المفاجآت.
انتهى الوقت البديل للمعارضة التي بدت مشتتة..متشرذمة..متصدعة..مفتتة.. متشظية واثبت الواقع انها في وزن «الريشة»..لضعفها..وهزالها..وغياب بدائلها لعدم جدوى استراتيجيات توحد صفوفها وائتلافاتها مما يدعوها الى تغيير «تكتيكها» وتجاوز نقائصها اذا كانت ترنو فعلا الى خلق توازنات جديدة تعيد تشكيل المشهد السياسي برمته.
انتهى الوقت البديل لاتحاد الشغل الذي وان حافظ على دوره النضالي ودفاعه على الحق في الشغل, ودعا في بياناته الى عدم تعطيل عمل المؤسسات فانه عليه ان يبقى حياديا بعيدا عن «تسييس» تحركاته.. مع شعوره بمسؤولية الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد من خلال اعادة النظر في المعادلة الصعبة بين الدفاع على الطبقة الشغيلة وما يتطلبه الاقتصاد من معاضدة ومساندة بعيدا عن سياسة لي الضراع.
انتهى الوقت البديل للمؤسسة الامنية التي لم تتمكن الى حد الان من «لملمة» نفسها واعادة ترتيب بيتها على اسس ثابتة.. غياب للامن بشكل كلي في بعض المعتمديات الداخلية ..انفلاتات في عديد الجهات تحولت في كثير من الاحيان الى فوضى عارمة ..»ضياع» لهيبة الدولة.. ووضع صعب يتطلب معالجة امنية شاملة لانه لا حياة .. ولا استقرار.. ولا أمن.. ولا استثمار.. ولا تطور اقتصادي دون مؤسسة امنية قوية تسيطر على الاوضاع بمختلف تفاصيلها.
انتهى الوقت البديل للادارة التي نخرها الفساد أكثر واستفحلت بداخل اغلب هياكلها المحسوبية و«الاكتاف» والرشوة, «يعشش» بين مكاتبها رؤوس الفساد الذين مازالوا يصولون ويجولون ويحكمون باحكامهم الى حد اصبحت هذه الادارة في حاجة الى عملية تطهير واسعة لانه لا تحسين,ولا معالجة, ولا نهضة, ولا تطوير فعلي بعيدا عن ارادة حقيقية تغير صورتها.
انتهى الوقت البديل للاعلام الذي مازالت بوصلته تتأرجح بين تذبذب أدائه ورغبة الحكومة في تدجينه ..بين سعيه الى تجاوز صفحاته السوداء وبراثن المال المشبوه الذي يجذبه الى الوراء.. بين جهوده في التحرر للسير نحو الاستقلالية والحيادية وجيوب الردة التي تكبل خطواته لضرب المصداقية والحرفية مما يتطلب رغبة سياسية لتفعيل المرسومين 115 و116 والاسراع ببعث الهيئة المستقلة للسمعي البصري.
ولابد انه انتهى الوقت البديل فعلا الذي يحتم على جميع الاطراف تجاوز خلافاتها وغاياتها الحزبية والمصالح الانتخابية الضيقة في سبيل حماية وسلامة الوطن في هذه اللحظات الحاسمة والفارقة لاننا جميعا في سفينة واحدة ينبغي انقاذها من العواصف والهزات.