بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد العايدي (وزير التكوين المهني والتشغيل في حكومة قائد السبسي)ل «التونسية»: الديمقراطية لا تعني الاصطفاف وراء الحزب الفائز
نشر في التونسية يوم 19 - 02 - 2012

نحترم شرعية الفائزين في انتخابات 23 أكتوبر لكن هناك اليوم اختبار لمصداقيتهم
من العيب والعار أن يصبح الدين أصلا تجاريا يزايد به البعض على الآخرين
هل بمحاضرات وجدي غنيم سنحلّ مشاكل تونس؟
راشد الغنوشي لا يشغل أي خطة في الحكومة كما أن الشعب لم ينتخبه.. فبأي حق يمكن أن يكون حاكما لتونس بعد الثورة؟

أجرى الحوار: محمّد بوغلاّب
لم ينسحب سعيد العايدي من المشهد السياسي بمغادرته الحكومة بل التحق بالحزب الوسطي الجديد الذي يجري تأسيسه بتحالف «الحزب الديمقراطي التقدمي» و«آفاق تونس» و«الحزب الجمهوري» وعدد من الشخصيات المستقلة، والعايدي أصيل ضاحية صلامبو من مواليد سنة 1961 لمدرس رياضيات وأم فرنسية مقيمة بتونس منذ سنة 1950 كانت هي أيضا أستاذة رياضيات وهو متخرج من مدرسة البوليتكنيك العريقة بفرنسا. عمل في عدة شركات عالمية ومتعددة الجنسيات في مجال التصرف في الموارد البشرية وقد شغل خطة وزير التكوين المهني والتشغيل في حكومة الغنوشي بداية من 27 جانفي 2011 واستمر في منصبه في حكومة الباجي قائد السبسي
سعيد العايدي تحدث ل«التونسية» ...
في شهر جوان 2011 قلت je n'ai pas de future politique (لا مستقبل سياسي لي)، يبدو أنك غيرت رأيك الآن ؟
لا، لم أغير رأيي البتة فلا مستقبل سياسي لي، التزامي الوحيد هو خدمة تونس، لي تصور لتونس في المستقبل أريد أن أساهم في صياغته. وحين أقول لا مستقبل سياسي لي فذلك لا يعني أني لا أملك أفكارا سياسية وحين قبلت أن أكون في حكومة سي محمد الغنوشي الثانية ثم في حكومة سي الباجي فذلك من منطلق إيماني بخدمة تونس ولا تستغرب إن قلت إنك لن تجدني على الساحة السياسية بعد ثلاث سنوات من الآن .
أنا أحترم كل الأحزاب التي تحترم الديمقراطية وتلتزم بها، وإذا أردنا ألّا نعود إلى المربّع الأول من الداكتاتورية علينا المساهمة في إعادة تشكيل الساحة السياسية بعد انتخابات 23 أكتوبر
المصلحة العامة وخدمة تونس هي شعارات الجميع يختبئ وراءها؟
أنا أقول ما أفعل وأفعل ما أقول، ليس لي خطاب مزدوج وستثبت الأيام مدى التزامي بما أدلي به ، ليست لي طموحات سياسية شخصية.
تجاوزت الخمسين، ألا ترى أن دخولك غمار السياسة في هذه السن ضرب من المقامرة أو المراهقة السياسية؟
لا أظن أن الاشتغال بالسياسة مرهون بسن معيّنة ولكن أذكرك مرة أخرى بظروف دخولي الساحة ...ظروف البلاد معروفة للجميع.
البلاد في أحسن حال؟
هذا رأيك ، ولكن نحن في مفترق طرق إمّا سننجح في تحقيق الانتقال الديمقراطي أو سنفشل لاقدر الله.
هل هناك مخاطر حقيقية؟
مع الأسف توجد مخاوف حقيقية، فنبرة رفض المعارضة للسلطة القائمة وتصويرها وكأنها كفر أو جريمة أو خطيئة توحي برغبة البعض في إعادة سيناريو بن علي سنة 1987.
ولكن المرحلة الانتقالية صعبة ولا بد من تظافر الجهود والوحدة الوطنية؟
حتى بن علي قال هذا الكلام وزكّته عدة أحزاب معارضة في الانتخابات الرئاسية باعتباره مرشح كل التونسيين ... وتعرفون ماذا حدث بعد ذلك «شفنا وين وصّل البلاد» المعارضة ليست عرقلة ....
الشعب اختار «النهضة» وأنتم جماعة «الصفر فاصل» تضعون العصي في الدواليب؟
يبدو لي أن من يقول هذا الكلام متأثر بخطاب سياسي عقيم ساد سنوات حكم بن علي فمن كان يخالفه الرأي فهو شرذمة ضالة وأقلية وفئة حاسدة حاقدة، الديمقراطية ليست الدفاع عن رأي الأغلبية بل حماية آراء الأقلية وإحرازي على صفر في الانتخابات لا يعطيك الحق لتمنعني من التعبير عن رأيي، الديمقراطية هي برنامج ضد برنامج لحزبين مختلفين على الأقل وليست اصطفافا وراء الحزب الفائز.
ولا يمكن أن تبنى ديمقراطية بحزب واحد أو برأي واحد، نحن نحترم شرعية الفائزين في إنتخابات23 أكتوبر ولكن هناك اختبار اليوم لمصداقيتهم ، وفي السياسة يحاسب الفائزون على أفعالهم والمعارضة على أفكارها « شوف شنوة صاير اليوم « علاش عملنا انتخابات؟ ألم تكن بهدف انتخاب مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد كان هو مطلب القصبة 2 ؟ تمر الآن أربعة أشهر على الانتخابات فإلى أين وصلنا في كتابة الدستور؟ لم يكتب فصل واحد ويبدو أننا سننتظر المزيد من الوقت ويبدو أن الجماعة غير مستعجلين ...
المثل العربي يقول «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة»؟
لا... لا ، نحن إزاء أزمة اقتصادية متعددة الأبعاد أزمة عالمية وأزمة في تونس وأزمة في منطقتنا ، كان يمكن المحافظة على الفريق الحكومي المهتم بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية أو تكليف كفاءات وطنية من خارج «الترويكا» لإدارة هذه الملفات
كلامك يؤكد طموحكم لمواصلة الاستئثار بكراسي الحكم؟
موش صحيح، أنا لا لم أقل لك إنه لا يحق ل «الترويكا» أن تتولى الوزارات، ما أؤكده أنه كان من الأفضل أن ينكب المجلس التأسيسي على القيام بالدور الأساسي الذي أنتخب من أجله ، من يريد أن يحكم لا بد أن يكون له برنامج جاهز وأنا أسأل أين برنامج هذه الحكومة بعد شهرين من استلامها دفة البلاد؟ أين هو البرنامج الذي تحدثت عنه أحزاب «الترويكا» في حملاتها الانتخابية؟
هل قامت الثورة لتمتلئ مدرجات قصر الرياضة بالمنزه في حضرة من ينسب لنفسه صفة داعية؟
ما العيب في تعريف الناس بشؤون دينهم؟
الدين في القلوب ، ومن العيب والعار أن يصبح الدين أصلا تجاريا يزايد به البعض على الآخرين ...حين استيقظ في الصباح لا أسأل نفسي هل أنا تونسي أم لا أو هل أنا عربي أم لا أو هل أنا مسلم أم لا ؟ ما الذي جد لنفتش في قلوب الناس وليتحدث هذا الداعية (وجدي غنيم) عن نفسه قائلا إنه يمثل الإسلام ويمثل الدين ، أي أن كل من لا يرحّب بقدومه عدوّ للدين.. أليس في هذا الموقف مغالطة كبرى وضحك على الذقون ؟
ثم هل لهذا قامت الثورة؟ أين ذهبت نداءات المتظاهرين عن العدالة الاجتماعية ومقاومة الفقر والحق في التشغيل؟ هل بمحاضرات غنيم سنحل مشاكل تونس ونستجيب لحاجيات أبنائها؟ لم أسمع تونسيا واحدا نادى بختان الإناث في المظاهرات التي سبقت هروب بن علي...
هذه مواضيع تفرّق التونسيين ، على الأقل نؤجلها للانكباب على المشاغل الحقيقية ، كيف نقضي على البطالة والفقر، والذين يضعون العصي في الدواليب هم الذين يفتعلون هذه المواضيع الخلافية بين أبناء الشعب الواحد وليس المعارضة التي لا تقوم سوى بدورها الطبيعي ، إن أردنا هذا الوفاق الوطني فلنبدأ بالابتعاد عما يفرق ويزرع العداوة والكراهية بين التونسيين.
حمادي الجبالي وعد بحوار وطني؟
بكل صراحة عندي كل احترام لسي حمادي. تحدثت معه وهو رجل محترم، ولكني لا أتحدث هنا عن شخصه بل عن نهج في إدارة شؤون البلاد.
يروّج أن راشد الغنوشي هو الحاكم الفعلي لتونس؟
أفضل أن لا أتحدث عن الأشخاص ولكني أعتقد أن السيد الغنوشي لاصفة له فهو لا يشغل أي خطة في الحكومة كما أن الشعب لم ينتخبه فبأي حق يمكن أن يكون حاكما لتونس بعد الثورة؟» ما نعرفوش شكونو سي راشد الغنوشي».
هو الزعيم الروحي لحركة «النهضة»؟
ما نعرفوش بمعنى انه زعيم لحزبه ولكنه لا يمثل الدولة التونسية.
رافق تعيينك وعدد من أعضاء الحكومة (الغنوشي وقائد السبسي) تعليقات من قبيل أنكم جماعة فرنسا في الحكومة التونسية؟
الذين قالوا هذا الكلام لا يعرفونني ولا يعرفون عائلتي، أولا لم أكن في فرنسا حين تم تعييني وزيرا، بل في تونس . صحيح كنت متحفظا ومكتفيا بعملي وعائلتي لكن ما يجهله الكثيرون أني كنت مدير عام شركة تشغل 800 من خريجي الجامعة التونسية وهذا المشروع قادر على استيعاب 3000 من حاملي الشهائد العليا وحين دعيت إلى تقلد منصب وزاري قبلت ذلك بدافع وطني وليس لأني أمثل فرنسا أو أمريكا ، أنا تونسي ومعتز بتونستي ولا أقبل أن يزايد أحد على انتمائي.
كيف تم اختيارك لتكون وزيرا؟ من وراءك؟
لا ورائي ولا أمامي ، ولمن قال عني إني من جماعة فرنسا أقول إني كنت أشتغل في مؤسسة أمريكية واحتراما لمن وضع فيّ ثقته قدمت استقالتي قبل أن أباشر عملي على رأس وزارة التكوين والتشغيل.
ما الحاجة إلى وزارة للتكوين والتشغيل إن كانت عاجزة عن تشغيل الناس؟
دورها هام جدا ، التكوين المهني قطاع له أهميته، أما التشغيل فالوزارة تستشرف مواطن الشغل بالتنسيق مع القطاعات الاقتصادية وتقوم بدراسة حاجيات سوق الشغل لليوم والمستقبل وتضع برامج للتكوين التكميلي، وهذا ما حاولنا القيام به في الفترة التي توليت فيها الوزارة (جانفي- ديسمبر 2011) وقد سلمت خلفي الأستاذ عبد الوهاب معطر ملفا عن برنامجنا في العمل.
هل شعرت بأنه مقتنع بعملكم؟
حسب ما قال لي نعم ، «ما ثماش علاش نشك في كلامو، إن شاء الله يزيد يحسّن «لا مشكل لي مع الأشخاص، المشكل هو في الالتزام بما يتم الاتفاق عليه. فالحكومة الحالية التزمت ممثلة في «النهضة» و«التكتل» باتفاق 11 حزبا (سبتمبر 2011)على أن لا تتجاوز السنة ثم مدّدت لنفسها بستة أشهر والآن هناك حديث عن ثلاث سنوات... من المهم أن نعرف التاريخ بدقة من الآن لأن الالتزام بموعد الانتخابات القادمة سييسر على الحكومة عملها في وضع الخطط المناسبة حتى لا تصبح الحكومة مدى الحياة ...لا بد من ضبط أجل ووضع البرنامج الملائم للوضع في تونس الذي لا يحتمل أن نظل ثلاث سنوات ونحن نكتب الدستور
ما المانع؟ المجلس القومي التأسيسي استغرق إبان الاستقلال ثلاث سنوات لكتابة الدستور؟
ثلاث سنوات في منتصف الخمسينات ليست هي نفسها الآن ، في ما مضى كان الكبير يأكل الصغير أما الآن فمن يسرع أكثر هو الذي يلتهم من يبطئ كتابة الدستور تضع أسس الدولة وهذه ضمانة للمستثمرين ، حتى ترجع الثقة لرجال الأعمال لذلك الأفضل أن لا تطول هذه الفترة الانتقالية التزاما بمصداقية تونس، وأعتقد أنه من غير المعقول أن تسمع كريستين لاغارد (رئيسة صندوق النقد الدولي) في زيارتها لتونس رواية أولى مفادها أن الفترة الانتقالية لن تتجاوز 18 شهرا ورواية ثانية بثلاث سنوات هناك مصداقية للدولة لا بد من احترامها مع الأطراف الدولية التي نتعامل معها «ما عنديش مشكل مع الأشخاص» ما يهمني هو تونس التي تظل فوق الأشخاص والأحزاب والحكومة نفسها ، ومطالبتنا بتحديد خارطة طريق ليس الهدف منها مناكفة الحكومة بأي وجه من الوجوه
أغلب الوزراء الذين جاؤوا بعد الثورة تحدثوا عن تركة فساد في وزاراتهم فكيف وجدت وزارة التشغيل؟
حين يكون الفساد في رأس الدولة فإنه يمس كل القطاعات ، ميزانية وزارة التشغيل من أضعف ميزانيات الوزارات وهو ما لايسمح بوجود فساد كبير في كل الحالات...لا يمكنني التعميم ولكن صلب الوزارة وجدت كفاءات أكثر من محترمة «ناس تخدم نهار وليل «، ما حدث في مراكز التكوين المهني «شيء يبكّي» ما يصرف على البناءات أكثر بكثير مما يرصد للتكوين نفسه ثم لا بد من إعادة النظر في مكانة التكوين المهني بتونس فهو في نظر الكثيرين ملاذ الفاشلين في التعليم والحال أن التكوين المهني في البلدان المتطورة مفتوح على مسار التعليم العالي العادي بل إني أعتقد أن الشيء الوحيد الذي يجب أن يكون مدى الحياة هو التكوين وليس السلطة، المهم أننا وضعنا حدا للتجاوزات التي وجدناها ، لست قاضيا لأحكم على الناس ولكننا فتحنا تحقيقات وغيّرنا بعض المواقع ولكني أشدد على إحترام الأشخاص ولست مع التشهير.
يطالب التونسيون بحلول عاجلة لمشكل البطالة ، هل هذه الحلول موجودة؟
ما ثماش حلول استعجالية، ما نكذبوش على الشعب ، ولكن هناك إجراءات تفتح آفاقا ، وأنا في الوزارة تحدثنا مع قطر بخصوص انتداب 20 ألفا من الكفاءات في اختصاصات متنوعة (صحة ،رياضة، أمن، عدل...)مع اشتراط إتقان اللغة الانقليزية وهو ما يتطلب تكوينا إضافيا استعجاليا ثم إنه لا يمكن أن تستغني عن كفاءاتك الوطنية فتحل مشكلا وتخلق آخر الحلول العاجلة شرعنا فيها. نحن لم نأت بعد انتخابات وببرنامج انتخابي مسبق بل جئنا بفضل الثورة وبشرعيتها ولذلك قدمنا برنامج عمل عاجل بعد ثلاثة أسابيع من مباشرتنا العمل، و بعيدا عن الشعبوية نحن لا نطالب هذه الحكومة بإصلاح كل شيء لكن عليها أن تعلن عن برنامج عملها وآجال تطبيقه، لا يمكن الاستمرار على هذا الغموض ، عندنا أكثر من 750 ألف عاطل عن العمل وحين ترأس سي الباجي الحكومة كان عدد العاطلين يناهز 600 ألف.
من إنجازات حكومتكم تزايد عدد العاطلين إذن؟
من المعلوم أنه حين تحدث ثورة أو أزمة أول تأثيراتها هي تراجع النمو الاقتصادي، هذا ليس تنظيرا، مسؤولية السلطة في هذه المرحلة التحكم في التراجع الاقتصادي ومباشرة الإصلاحات حتى يستعيد الاقتصاد عافيته بنسق أسرع وهذا كان هدفنا حين باشرنا العمل . كانت الانتدابات المبرمجة في الوظيفة العمومية 11 ألفا فضاعفنا العدد وأكثر حتى بلغ 24 ألفا، وفي المؤسسات العمومية بلغ عدد الانتدابات 15 ألفا ، «ما تنجمش تخدّم 600 ألف» أنجزنا خطوة بوضع مقاييس بعد حوار مع أوسع عدد ممكن من ممثلي المجتمع المدني وخاصة العاطلين عن العمل أنفسهم
قفصة كادت تحترق بسبب مقاييسكم؟
ما حدث في قفصة من اليسير أن تفسره هكذا وتغفل عن سنوات من الفقر والتهميش واختلال التنمية الجهوية ...في قفصة 50 ألف عاطل عن العمل من غير حاملي الشهائد وبفضل مجهود استثنائي فتحت شركة فسفاط قفصة الباب لانتداب 4200 أي أنه لا يمكن في كل الحالات تشغيل الجميع والجميع يطالب بحلول فورية. اعتمدنا من بين شروط الانتداب تشغيل فرد عن كل عائلة وورد علينا 15 ألف ملف فما هو الحل في رأيكم؟
بأي منطق تصبح شركة فسفاط قفصة حكرا على أبناء المنطقة؟ ألا تخشون أن تكرسوا بهذا منطقا جهويا فالشركات المنتصبة بالساحل يمكنها أيضا أن لا تشغل سوى أبناء المنطقة وقس على ذلك صفاقس وبنزرت وغيرها؟
نحن لم نقل إن الانتدابات حكر على أبناء قفصة بل طلبنا أن تقدم الملفات في قفصة، ونحن ندرك أنه يصعب على من هو خارج المنطقة أن يشتغل هناك لأسباب موضوعية «شوف» على إمتداد السنوات الماضية همشت قفصة وليس عيبا اعتماد التمييز الإيجابي لمناطق مثل قفصة والقصرين وسيدي بوزيد ولكن ما قمنا به ليس حلا جذريا فشركة فسفاط قفصة تحمل الخلل في داخلها فليس من العادي أن تكون جراية عامل بهذه الشركة تعادل جراية أستاذ تعليم ثانوي وأكثر؟ كيف تريد لمؤسسة أخرى أن تنتصب في قفصة ومعدل الأجور غير سليم ، إن تضخم الأجور أضر بقفصة تماما مثل التلوث الذي تسببت فيه الشركة
لماذا لم تبادروا بالإصلاح ؟
في فترة أقل من سنة لا يمكنك أن تقوم بإصلاحات جوهرية. كنا في وضعية استثنائية وكان المطلوب تخفيف حدة الأضرار، هذه الإصلاحات تتطلب برنامجا من أربع أو خمس سنوات ولذلك شددنا على دعوة الحكومة الحالية إلى ضبط برنامج عمل إستعجالي والإعلان عن موعد الإنتخابات من الآن لتكون خارطة الطريق واضحة للجميع وهو ما يبعث الطمأنينة والثقة لدى كل الأطراف.
هناك من يرى أنكم ورطتم حكومة الجبالي بإجراءات من قبيل إدماج عمال المناولة وفتح حضائر بالآلاف؟
الحضائر موجودة قبل حكومة سي الباجي ومن يقول هذا الكلام ربي يهديه والتاريخ سوف يكشف ماذا قدم سي الباجي وحكومته لتونس والتونسيين ، في بداية عهدي بوزارة التشغيل في فيفري 2011 التقيت خبراء من تونس ومن الخارج وقد اتفقوا جميعا على أن تراجع الاقتصاد سيكون في حدود -5 أو -6 لكن يبدو أن ذاكرة البعض قصيرة. أمام تراجع السياحة وحرق عدة مؤسسات، كانت أولوياتنا تنظيم الانتخابات والتزمنا بالأجل المعلن منذ البداية وحتى التأجيل قررته الهيئة المستقلة للانتخابات وليس الحكومة وإعادة الأمن بعيدا عن سياسة «الماتراك» كخطوة لبناء أمن جمهوري، فهل الأمن الذي تركناه هو نفسه الذي كان في عهد بن علي؟ وكانت الأولوية الاقتصادية أن يكون مستوى النمو في حدود الصفر أي أن نمنع التراجع والانحدار ولولا البطء في تشكيل الحكومة بعد انتخابات 23 أكتوبر لحققنا نموا إيجابيا خلال سنة 2011 . «الترويكا» تتحمل مسؤولية التراجع نهاية السنة الماضية ، نحن قدمنا استقالتنا بعد أول اجتماع للمجلس التأسيسي أي وفق القانون المنظم للانتخابات. فاستقالة الحكومة لم تكن مفاجئة كما أراد البعض أن يصورها .نحن قمنا بواجبنا وفق التزامنا إلى آخر لحظة ولا يعقل أن نتحمل مسؤولية طول المشاورات بين أحزاب «الترويكا» لتوزيع المناصب .
ما تعليقك على موقف رئيس الدولة من مبادرة الباجي قائد السبسي بقوله «سكت دهرا ونطق كفرا»؟
لم أتابع تصريحه ، ولكن بشكل مبدئي لا يصح أن يتحدث رئيس دولة أي دولة عن الشؤون الداخلية لبلاده في الخارج مهما كانت الطريقة .
سي الباجي لم ينطق كفرا، كل ما طلبه هو تذكير «الترويكا» بالتزاماتها أمام الشعب التونسي ولا أظن أن في الأمر ما يستحق التشنج والغضب.
في نظر البعض سي الباجي رجل تجاوز الثمانين قام بواجبه بارك الله فيه وعليه أن يلازم بيته؟
هذا الأسلوب يذكرني بخطاب بن علي طيلة سنوات طويلة ، لا أحد يملك الحق في إقصاء أي تونسي من ممارسة دوره كمواطن فما بالك برجل السياسة ، صراحة أستغرب هذا الضيق من كل معارض... يبدو لي أن هواء قرطاج غير ديمقراطي.
لا تخفي إعجابك بنجيب الشابي رغم تراجع أسهمه في بورصة السياسة؟
أنا رجل مبدئي ولا أتعامل بانتهازية ، نجيب الشابي عرفته في حكومة الغنوشي هو رجل محترم دافع عن المعارضين في عهد بن علي بمن فيهم «النهضة» وهذا شرف له. لا أرى أن تقييم مواقف نجيب الشابي يكون بمنطق الأسهم والصعود والهبوط، أؤمن كثيرا بالقيم وأكن له كل الاحترام وكذلك ميّة الجريبي ، الأهم هو الحديث عن المشاريع التي يدافع عنها كل طرف سياسي لا عن الأشخاص.
هل من مشاريعك الترشح في انتخابات قادمة؟
مرة ثانية أقول لك ما عنديش مستقبل سياسي.
ما دام هذا موقفك فما الهدف من انضمامك لمبادرة «الحزب الديمقراطي التقدمي» و«آفاق تونس والحزب الجمهوري»؟ هل طمعا في منصب وزير في حكومة محتملة؟
تحملت هذه المسؤولية في فترة صعبة من تاريخ تونس ولا أرى نفسي أعيد الكرّة، كل ما يشغلني هو المساهمة في الانتقال الديمقراطي بشكل فعلي ببناء هذا الحزب الوسطي باحترام ثقافتنا وتاريخنا. وأعتقد أن هذا الحزب قادر على تقديم البديل الذي يتوق له التونسيون من حيث التعليم والاقتصاد والتنمية الجهوية والإدارة ...من الضروري أن يكون لنا تصور كيف ستكون تونس خلال سنة 2030 باعتماد الحوار مع التونسيين حتى يشعر كل تونسي أنه مشارك فاعل في تقرير مستقبل وطنه ولنا كل الإمكانيات للقضاء على الفقر والبطالة ....
هل الباجي قائد السبسي معكم في هذا الحزب؟
سي الباجي صرح لكم بأنه لا يرأس أي حزب و لاينتمي لأي حزب وهو يدعم كل مبادرة تدعم الإنتقال الديمقراطي
لفت إنتباهي أنك تحسن الحديث بالعربية؟
(يضحك)....شبيه حاجة غريبة؟ حين دعيت للحكومة عبرت عن تخوفي لعدم إتقاني التحدث بالعربية لأسباب موضوعية فمنذ سنة 1979 غادرت تونس لمواصلة دراساتي الجامعية وكانت لغة عملي هي الفرنسية والإنجليزية ولكن العربية هي لغتي الأم وأنا تونسي قبل كل شيء ولا أشعر بأني أقل شأنا من أي تونسي ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.